تتمادى ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران في انتهاكها لحقوق الإنسان في اليمن قتلاً وتعذيباً أو تهجيراً وتفجيراً للمنازل وصولاً إلى قنص الأطفال أو تجنيدهم والزج بهم في محارق الموت , وغير ذلك الكثير من الانتهاكات المشهورة والموثقة في سجلات المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية ذات الصلة.
بيد أن الميليشيا الحوثية لم تكتفِ بذلك فاتجهت إلى تجنيد النساء ضمن كتائب تسميها "الزينبيات" في اختراقٍ للنسق الأخير في المجتمع اليمني وأعرافه وعاداته وتقاليده وانتهاكٍ لحقوق المرأة المصانة في الدين والقوانين والأعراف القبلية المحلية وحتى الدولية.
النشأة
"الزينبيات" مسمى طائفي لكتائب نسائية عملت الميليشيا الحوثية على تجنيدها, محاكاةً للأسلوب الإيراني وأسلوب ميليشيا حزب الله اللبناني, لردع أية تحركات نسائية مناوئة ولتفتيش المنازل واقتحامها, إذ لا تجيز الأعراف اليمنية تدخّل الرجال.
وتخضع الزينبيات لدورات نفسية ولدورات قتالية على يد خبراء محليين وخارجيين ويتدرّبن على مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وعلى كيفية السيطرة على الشارع في حال اندلاع تظاهرات.
وبدأت ميليشيا الحوثي بتشكيل الزينبيات خلال الحروب الست في محافظة صعدة بشكل بسيط ومحدود محاطاً بشيء من السرية من قبل الميليشيا حفاظاً على سمعتها بين القبائل اليمنية ثم توسع الأمر فيما بعد وظهر للعلن.
ونقلاً عن وكالة خبر فقد أكدت مصادر أن المجموعات الأولى وهن زوجات وفتيات ينتمين للسلالة تلقين تدريبات عسكرية على يد خبراء إيرانيين ولبنانيين ثم دورات طائفية، تلا ذلك تكليفهن بمهمة تشكيل قوة من النساء يعرفن بالزينبيات ومضاعفة أعدادها.
المهام والاختصاصات
فور انطلاق الاعتصامات والاحتجاجات التي أعقبها اسقاط العاصمة صنعاء والانقلاب على الدولة في 21 سبتمبر 2014م, وسعت الميليشيا الحوثية عمل الزينبيات وأسندت إليهن مهمات ترتيب التظاهرات وإمداد المتظاهرين بالطعام ونشر الأفكار الطائفية الحوثية في الأوساط النسائية، بالإضافة إلى مهام تجسسية في مجالس النساء تطورت إلى مهمات وعمليات أمنية واستخباراتية.
وقد نفذت الزينبيات عمليات اختطاف نساء وفتيات من عدد من منازل معارضيها ومن شوارع العاصمة صنعاء خلال الأشهر الماضية واقتادتهن إلى جهة مجهولة كما قمن بقمع التحركات النسائية المعارضة للميليشيا وقمن باقتحام المنازل وتفتيشها.
وأرغمت الميليشيا الحوثية العديد من الفتيات على حضور دورات طائفية ومن ثم القيام باستدراج واستقطاب صديقاتهن بغرض تحويلهن إلى "زينبيات" .
وحسب مصادر في صنعاء فقد عملت ميليشيا الحوثي على ابتزاز العشرات من الفتيات السجينات في السجون بتهم غير أخلاقية وقضايا دعارة لحضور الدورات الطائفية ثم تدريبهن عسكرياً لتنفيذ المهام الموكلة إليهن من قيادة المليشيا .
المصادر تقول إن أعداد الزينبيات تجاوز ثلاثة آلاف فتاة أغلبهن تدربن على استخدام الأسلحة وقيادة السيارات والأطقم وبينهن فرق خاصة بالاقتحامات والاختطافات تحت مسمى "الأمنيّات" تابعة لجهاز الأمن الوقائي التابع للمليشيا.
وبحسب المصادر فإن مجموعتين منفصلتين تعملان في جهاز الاستخبارات الحوثي الذي يقوده القيادي في الميليشيا "أبو علي الحاكم"، المجموعة الأولى تضم فتيات جميلات مهمتها استدراج سياسيين ومشائخ قبليين ورجال أعمال وتجار وقيادات حزبية واقامة علاقات معهم ثم ابتزازهم وتهديدهم بتسجيلات صوتية ومقاطع فيديوهات بقضايا غير اخلاقية وقد باشرت هذه المجموعة وهي "الأخطر والأقذر" مهمتها منذ سيطرة الميليشيا على العاصمة صنعاء عام 2014م , أما المجموعة الثانية مهمتها تجسسية بحتة على منازل المناهضين وجمع المعلومات ورصد التحركات.
ووفقاً للمصادر فإن فرقة رابعة ضمن الزينبيات تعمل كجيش الكتروني نسائي لتضليل الرأي العام في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وتعمل على تنفيذ حملات إلكترونية كما أسندت إليها مهمة استدراج الناشطين والصحفيين المناهضين لمليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها والإيقاع بهم ثم اعتقالهم.
الانتهاكات
كتائب الزينبيات مارست الكثير من الانتهاكات خلال الثلاثة الأعوام الماضية بحق نساء يمنيات منهن حقوقيات وناشطات مؤتمريات وأمهات مختطفين وجرحى ومخفيين .
وبعد قتل الميليشيا الحوثية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017 م, قمعت الزينبيات تظاهرة نسائية نظمتها مجموعة من القيادات النسائية التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام في جامع الصالح بصنعاء في الخامس من ديسمبر للمطالبة بتسلّم جثمان صالح ودفنه، إذ جرى الاعتداء على المشاركات بالضرب واعتُقل عدد منهنّ ، تلا ذلك اعتداء ثان وعلني لكتائب الزينبيات في 21 مارس 2018، على ناشطات مؤتمريات أمام منزل صالح، تجمعن في ذكرى ميلاده للمطالبة بدفنه، وكانت في مقدمة هؤلاء النساء القيادية البارزة فائقة السيد، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، والتي تعرضت للضرب المباشر وتم نقلها إلى المستشفى.
كما تعرّضت عشرات من الفتيات وناشطات المجتمع المدني للاعتداء والضرب والاعتقال والزج بهن في السجون دون مسوغ قانوني من قبل كتائب الزينبيات الحوثية أثناء خروجهن بمظاهرة سلمية دعا إليها ناشطون وحقوقيون وسميت بـ "ثورة الجياع" في ميدان التحرير وجامعة صنعاء في 6 أكتوبر 2018م وكان الغرض من خروجهن المطالبة بالرواتب وتخفيض الأسعار وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
ونفذت الزينبيات مهاماً للميليشيا الحوثية تشمل زرع الألغام والعبوات الناسفة بحسب بيان نشره الجيش اليمني، حيث تمكنت وحدات خاصة من الجيش الوطني من اكتشاف خلية نسائية تقوم بزرع الألغام في عدد من الطرقات الرابطة بين المديريات المحررة بمحافظة الجوف.
وعمدت المليشيا الحوثية على مدى عامين إلى استعراض الكتائب النسائية في عروض ضخمة فظهرن وهنّ يحملن السلاح المتوسط والخفيف، وظلت القيادات الحوثية تتفاخر بهذه الكتائب التي تدّعي أنها ستقاتل من تسميه "العدوان" إلا أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن مهمتها هي مواجهة المعترضين على سياسات الميليشيا في الداخل.