أكد عدد من اليمنيين الذين يحضرون في جنيف لعرض قضيتهم الإنسانية على المنظمات الإنسانية والدولية في سويسرا، أن اليمن كان وما زال وطناً لكل اليمنيين بانتماءاتهم وأديانهم كافة، مشددين على أن دفاعهم هو عن كل اليمنيين، «غير أن إيران عملت على تهجير اليمنيين من وطنهم، بمن فيهم بعض الفئات الأخرى من اليهود والمسيحيين وغيرهم من الطوائف الأخرى والأديان».
وطالب عدد من الحقوقيين المنظمات الدولية بالقيام بواجبها وتجنيب إتاحة الفرصة لإيران للعبث بمكونات الشعب اليمني التي تعايش بعضها مع بعض منذ قرون عدة، من خلال ذراعها الحوثية في اليمن.
ويؤكد الدكتور خالد عبد الكريم، مدير «المركز الدولي» في باريس، لـ«الشرق الأوسط» أن إيران «حاولت أن تضرب منافسيها بعصا الحوثي، ومنهم البهائيون الذين يعيشون في اليمن غير أنهم من أصول إيرانية».
وأضاف عبد الكريم أن الديانة البهائية منشأها وممولها الأول إيران منذ القرن التاسع عشر، وهي ثاني ديانة في إيران، وهي منسوبة لمؤسسها بهاء الدين، لكن الإيرانيين اضطهدوهم ليهربوا إلى تركيا، ومن ثم إلى اليمن.
ويبين عبد الكريم أن «الحوثيين، وتطبيقاً لأجندة إيران في المنطقة، قاموا، عقب انقلابهم في 2014، بالتنكيل بالبهائيين فسجنوا البعض منهم وقتلوا الآخر، ومنهم من اضطر للهرب خوفاً من جرائم الحوثي».
من جهتها، قالت الدكتور أروى الخطابي، الباحثة السياسية والحقوقية في جامعة برلين، إن «يهود اليمن جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي اليمني، لكنهم تعرضوا لانتهاكات جسيمة على يد ميليشيات الحوثي».
وقالت الخطابي لـ«الشرق الأوسط»: «اليهود في اليمن كانت لهم مساهمتهم في بناء الدولة، ولهم دور اقتصادي واضح منذ قديم الأزل، لكن إيران ومن خلال ذراعها في اليمن عمدت لتهجيرهم من أراضيهم ومواقعهم».
وكشفت الخطابي عن أنه في «فترة من الفترات تم تهجير أكثر من 50 ألف يهودي من اليمن، إلا إن كثيراً من يهود اليمن ما زالوا متمسكين بالعادات والتقاليد اليمنية في المناطق كافة التي توجهوا إليها حول العالم».
وأكدت الخطابي أن «ما يقوم به الحوثي مع اليهود هو تهجير قسري، وليس كما هي الحال في فترات سابقة؛ إذ يترك بعض اليهود اليمن من قرارة أنفسهم». وأبدت الخطابي حزنها لأن «بعض يهود اليمن رفضوا أي عروض قدمت لهم من دول حول العالم للانتقال إليها، وفضلوا تراب أرض اليمن على بقية العالم، ليأتي الحوثي وينفذ رغبات إيران ويهجّر أحد مكونات اليمن الأصيلة، بالقوة العسكرية، والجرائم الجسدية والحبس وغيرها».
وأضافت: «كان هؤلاء اليمنيون، وأعني اليهود، يعيشون بكل حب بين أقرانهم من بقية مكونات الشعب اليمني»، واستشهدت الخطابي بعدد الشخصيات اليهودية التي تم قتلها، وقالت: «تم قتل المعلم اليمني اليهودي ماشا النهاري دون ذنب يذكر، مما اضطر أبناءه وعائلته إلى الهرب من اليمن، كما تم قتل عالم الدين اليهودي هارون زنداني».
وأضافت الخطابي أن «آخر يمني يهودي اعتدت عليه ميليشيات الحوثي هو الحاخام يحيى يوسف، وهو الآن في معتقلات الحوثي».
من جهتها، روت أروى نعمان، الحقوقية اليمنية، عدداً من القصص نقلها لها الذين التقت بهم وحاورتهم في إدارة مديرية الظهار في محافظة إب، لتكتشف «آلية الحوثيين في إجبار فئة المهمشين (الفقراء والمساكين) بقوة السلاح على المشاركة في المظاهرات، والزج بهم في جبهات الحرب، مستغلين فقرهم وعوزهم».
وقالت نعمان إنها التقت السيدة لولة (30 عاماً) الأم لخمسة أبناء من فئة المهمشين.
وروت لها لولة أنها منذ 12 سنة تعودت على الخروج للعمل مع زوجها شاهر في الصباح الباكر ضمن عمال النظافة، وكانت تعمل في جهة من الشارع وزوجها في الجهة المقابلة، ينظفان شوارع وأزقة صنعاء، مطمئنين لقربهما كلاهما من الآخر في العمل ذاته.
ونقلت نعمان أن لولة ذكرت لها أن زوجها مختفٍ منذ عامين، ولا تعلم هل لا يزال حياً وهل سيعود أم لا.
وأضافت أن لولة أكدت لها أن زوجها وقع تحت تأثير الدورات الإجبارية التي تقيمها الميليشيا الحوثية لجميع فئات الشعب اليمني؛ «إذ أغروا زوجها بتوفير القات له، ووعدوه بأن يظل راتبه مستمراً لأبنائه في غيابه، لكنهم أخلفوا وعدهم كعادتهم، حيث قاموا بتسليمها راتب شهرين فقط وتوقفوا بعد ذلك عن الدفع».
وتطرقت نعمان لقصة يرويها لها الضحية سالم محمد الذي أكد لها أنه «بسبب ضيق الحال، تقوم الميليشيات الحوثية بإجبارنا على الخروج في المظاهرات والذهاب إلى الجبهات، كما تقوم بحجز أجورنا وإبقائنا رهن العوز والفاقة، كما تطلق لفظ (الأخدام) علينا».
وفي حالة ثالثة، يقول مبارك علي، لأروى نعمان، إنه شعر بالفرح عند تسلمه مبلغ 10 ألف ريال يمني، لكنه لم يكن يتوقع أن يكون الجزاء أن يتركه الحوثيون مصاباً في المعارك، لولا أنه استنجد بأحد الجنود الذي وضعه في خزانة إحدى السيارات، لأنه ليس من الطبقة الهاشمية؛ كما يروي.