عندما تستضيف الرياض الثلاثاء القادم مراسم توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحضور كل من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، فإنها تكرس مفهوم وحدة وسيادة وأمن واستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية لجميع مكونات الشعب اليمني الذي رفض الأجندة الإيرانية الطائفية ودعم الشرعية اليمنية.
لقد سعت المملكة منذ اليوم الأول من انطلاق عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن إلى الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة اليمن، واجتثاث مليشيات الحوثي التي تعتبر «أداة لتنفيذ أجندة إيران وخدمة مشروعها التوسعي الاٍرهابي والطائفي في المنطقة»، وهذه المليشيات تعتبر جزءا لا يتجزأ من الفكر الإرهابي الحرس الثوري الإيراني.
لقد عمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ اللحظة لاندلاع الأعمال العسكرية في عدن؛ في احتواء الأزمة وتخفيف حدة التوتر والعمل بهدوء وبحكمة وروية وعبر دبلوماسية ثقيلة، إذ أثمرت هذه الجهود إلى التوصل إلى اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سيكون بكل المعايير فاتحة خير لمرحلة جديدة من الاستقرار والأمن والتنمية في اليمن، إلى جانب توحيد جهود الشرعية والمجلس الانتقالي للعمل تحت مظلة الشرعية وتكثيف الجهود لاجتثاث الحوثي وبسط نفوذ الشرعية على كامل التراب اليمني.
وليس هناك رأيان في أن التعاون والتفهم والدور الإيجابي الذي لعبه الرئيس اليمني عبدربه هادي لمصلحة إرساء الأمن في اليمن وتفويت الفرصة على النظام الإيراني من الاستفادة من أي اختلالات في الداخل اليمني إلى جانب تغليب الحكومة اليمنية الشرعية، والمجلس الانتقالي لمصلحة اليمن وشعبه ونبذ الفرقة وتوحيد الصفوف لتحقيق الأمن والاستقرار وفتح المجال للبناء والتنمية، كان له انعكاسات إيجابية للغاية في الوصول إلى اتفاق الرياض التاريخي.
لقد بذلت المملكة جهودا مضنية في توحيد كلمة اليمنيين، ورأب الصدع؛ لكي يتوحد اليمنيون لمواجهة العدو الأول الحوثي وعدم السماح للنظام الإيراني في الوصول إلى مآربه الخبيثة لتفتيت اليمن.
وتعد المملكة طرفا رئيسا في أي حلول في اليمن والمنطقة، حيث أدارت التباينات بحكمة وحنكة أدت إلى حقن دماء اليمنيين، والوصول إلى حل سلمي توافقي مبني على المرجعيات الرئيسية.
وليس هناك رأيان في أن حضور الرئيس هادي ومختلف المكونات الجنوبية والنخب السياسية اليمنية، يعكس انصهار الجميع تحت مظلة الشرعية الدستورية، ورغبة منهم في توحيد جهود اليمنيين، والانطلاق نحو معركة استعادة الدولة وإسقاط انقلاب المليشيا الحوثية المدعومة من إيران، وتنفيذ الاتفاق نصا وروحا والعمل على توحيد كلمة اليمنيين في مواجهة التحديات، وفي مقدمتها الخطر الإيراني وأداته الحوثية ودعم جهود الحكومة في تثبيت الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
ومن الأهمية التأكيد أن تنفيذ اتفاق الرياض نصا وروحا، هو حل لجميع الأزمات ولتوحيد الجهود لاجتثاث الحوثي، ولاسيما أن اليمن أمام مرحلة تطويرية جديدة ستقودها حكومة كفاءات سياسية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينها الرئيس هادي.
وستكون مهمة الحكومة الجديدة كبيرة لتوحيد الصف وتفعيل مؤسسات الدولة لخدمة المواطن اليمني بجميع مكوناته وتلبية احتياجاته.
لقد احترمت المملكة خيارات الحل لجميع مكونات الشعب اليمني وما يتفق عليه تحت مظلة الشرعية، ومن الأهمية تثمين الدور الإماراتي للتوصل إلى اتفاق الرياض، فضلا عن الأدوار الإيجابية التي لعبتها الأطراف اليمنية وتجاوبها وتعاونها للوصول إلى حل سلمي واتفاق يقدم المصالح الاستراتيجية لليمن ويسهم في تحقيق أمن واستقرار اليمن ويغلب الحكمة ووحدة الصف.
إن الاتفاق الذي توصلت اليه الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي برعاية السعودية تم بموافقة الطرفين، إذ يشمل الاتفاق تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، قوامها 24 وزيرا، وينص على عودة الحكومة اليمنية إلى ممارسة نشاطها من العاصمة المؤقتة عدن، ودمج المكونات العسكرية والأمنية كافة، بما فيها التابعة للمجلس الانتقالي، ضمن قوام وزارتي الدفاع والداخلية.
في اتفاق الرياض التاريخي، ولي العهد وهادي وبن زايد يشاركون في «الثلاثاء» الكبير، الحكمة اليمانية تنتصر والحنكة السعودية تتصدر.. للحفاظ على اليمن العربي الأصيل.