العقيد محمد الروسي يروي قصته في انتفاضة "2ديسمبر" وأقبية السجون ونضاله في الساحل الغربي
الاربعاء 4 ديسمبر 2019 الساعة 15:46
وكالة 2 ديسمبر

أجرت وكالة "ديسمبر" حوارًا مطولًا مع العقيد محمد الروسي أحد أبطال انتفاضة الثاني من ديسمبر، ممن كان له شرف المشاركة في الانتفاضة والقتال في وجه الكهنوت وفلوله بالعاصمة صنعاء، إلى جانب مقاتلي الجمهورية والزعيم  الشهيد علي عبدالله صالح.
 
وتطرق العقيد الروسي الذي انتقل تباعًا إلى ميدان الشرف والبطولة في الساحل الغربي ضمن المقاومة الوطنية حراس الجمهورية، إلى تفاصيل دقيقة منذ بدء التحضير للانتفاصة مرورًا بإعلانها وصولًا الى ساعة المواجهات الحاسمة حتى استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح.
 
ويستذكر البطل الجمهورية قصة اعتقاله من قبل مليشيا الحوثي لأشهر في سجون متعددة، وأساليب التعذيب الوحشي التي مورست ضد الأسرى حينها، ولحظات مثلت نقاطًا مفصلية في حكاية الانتفاضة الخالدة.
 
 
وهنا تورد وكالة الثاني من ديسمبر حديث الهامة الوطنية بشكل سردي تسلسلي كما تحدث به في اللقاء، على هيئة قصة وطنية تفصح عن المكنون الحقيقي لانتفاضة الخلود في وجه قوى الطاغوت الكهنوتية.
 
وقال:
ما حدث في ديسمبر كانت بداية شعلة ثورة حقيقية للتخلص من الشرذمة  الحوثية داخل صنعاء ولم تكن وليدة الساعة في انذاك وانما كانت بداية تحول الي مواجهة حقيقية علي الميدان. 
 
 حاول الزعيم الشهيد الخالد علي عبدالله صالح رحمة الله عليه  ان يكسب الجولة الثورية وكان علي ثقة بالله وثقة بالشعب ليلتفوا حوله ,فكانت المؤامرة خبيثة ومدروسة من كل الأطراف المعادية لحرية وسلامة الشعب اليمني  وكانت تلك المؤامرة لاستكمال المشروع الطائفي، ولا أقول المشروع الطائفي ولكن مشروع خلخلة اليمن وشرذمته إلي طوائف، ومشروع الحوثي هو مشروع إمامي استبدادي، أما في الطرف الاخر كان يقف المشروع الوطني  وعلي عبدالله صالح كان يمثل النسيج الاجتماعي لليمن. 
 
  انتفاضة الثاني ديسمبركانت الخطوة لإنهاء (الحوثي) واستكمال مشروع الجمهورية ولم تكن وليدة ذلك اليوم بل كان معد لها مسبقا وفيها من القصص ما لا يتسع المجال لذكره،  ألتف الكثير من الجيش حول الزعيم علي عبدالله صالح منهم من افراد القوات الخاصة وضباط القوات الخاصة. 
 
بعد استشهاد  خالد الرضي  اجتمع الوطنيون في احد معسكرات في شارع صنعاء في الحي السياسي، وهنالك توافد الناس وأعلنت الكثير من الوحدات الأخرى للقوات المسلحة الانضمام لهذا المشروع؛  لكن كان هنالك شح في الامكانات بحكم  ان الزعيم علي عبدالله صالح - يرحمه الله- لم يعد يمسك بزمام الدولة انما مجهود شخصي فكنا ننظمها حسب الأولويات فبدأنا  بالحرس الخاص والقوات الخاصة علي اساس اختيار المخلصين للثورة والجمهورية طبعا كان اندفاع الناس بشكل غير عادي عندما علموا بعض افراد وضباط  الجيش   وليس الحرس الجمهوري فقط حبوا انهم ينضموا للصف علي عبدالله صالح والقيادات آنذاك. 
 
 
كانت  هناك خطة ومشروع لاستكمال حشد الجيش وانا كنت علي ثقة ان الجيش كله كان سيلتف ، وللتنبيه هنالك تشويش ومعلومات خاطئة  تتحدث عن ان الجيش منضمم مع الحوثي وهذا غير صحيح الجيش لم يكن منضم مع الحوثي بل كان المقاتلون ينتظرون من ينقذهم مما هم فيه  فكان الحشد والحضور بزخم كبير نظمناه وفق الأولويات بحيث نوفر لهم المأكل والمسكن والسلاح والتدريب واعادة التاهيل. 
 
 نجحنا نوعا ما وهذا ما شهدته في الحرب الاخيرة في الثاني من ديسمبر، لقد تجمعنا الي حدود رقم معين من افراد القوات الخاصة والحرس الخاص تم توزيعهم وتنظيمهم بشكل صحيح،  ربما نوعا ما اننا في الجانب الاخر تاخرنا في  عدم السرعة  ولكن كان السبب الرئيسي ان الحوثي عبر خلاياه عرف بهذا أن هناك تجميع فاستغل المولد النبوي في حشد انصاره وكانوا محتشدين. 
 
 المقاتلون الحوثيون طبعا  جُمعوا عبر حشد "المولد النبوي"  فنشروا داخل صنعاء وفي ازقتها وفي المباني، الحوثي كان علي دراية تامة بأنه ليس لديه قبول داخل صنعاء  وبين  الشعب اليمني وداخل مدن الجمهورية اليمنية  فلذلك ولذلك سعى لمخططات بديلة.
 
 
إن من قام وحضر في احداث ديسمبر كانوا من اشرف وافضل وابطال القوات الخاصة والحرس الجمهوري، تم تكليف الضباط وبعض المكلفين علي  مجاميع وتوزيعهم بطريقة مجاميع مجموعة اولي وثانية وثالثة كلا تكلف بمهمته العدد كان محدود نوعا ما نظرا للامكانيات.
 
 
 
بدأنا بالتخطيط  للتأمين الطبي والتامين الغذائي بالامكانات الموجودة التي كانت شحيحة جدا، كان  الزعيم يدعم من خير المؤتمر،،، بعد المولد النبوي الشريف الحوثيون اشعلوا الحرب التي كانت في محورين المحور الشمالي للحي السياسي والمحورالجنوبي، وهنالك حدثت اشتباكات والتحام مباشر  بالذات يوم الاحد عشية الاثنين  كان الالتحام بين المقاتلين مع الحوثيين وجها لوجه  وصمد  المقاتلون وابلوا بلاءا حسنا، والعدو يعلم بذلك اكثر من غيره.

لقد أدركوا من هم  رجال علي عبدالله صالح  رحمه الله، ومن هم رجال الحرس ورجال القوات الخاصة، أحداث ديسمبر استمرت من بعد المولد حتي 2 ديسمبر معركة ضارية واكثر من يعرف هذه المعركة  واكثر من يشهد عليها هو العدو قبل الصديق.
 
  
تخاذل بعض الاعيان وبعض الرموز تخاذلهم كان للحفاظ علي مصالحهم لا ادري كيف اشخصها لكن تخاذلهم ربما قلل من معنويات الناس، الذين صمدوا وادوا واجبهم بما تعنيه الكلمة ولم يستطع العدو  التقدم متر واحد. لقد استغل الحوثيون  في الاحداث تواجدالمدنيين وتواجد  والعوائل والنساء.
 
 إحدى الحوادث التي لاحظتها في إحدى الشوارع عندما صاحا امرأة وبناتها  للخروج من المنزل اضطرينا لوقف إطلاق النار حتى لا يخفن،  لقد أثر  صوتهن فينا جدا  في تلك  اللحظة الحوثي تستر بهن وعندما كان احد الشباب يساعدهن على الخروج استغل الحوثيون الوقت  وقاموا  بالقصف علينا وانتقلوا من مبني الي مبني علي مرأى ونحن نراهم، وعندما حاول زميلنا العودة أصيب فأسعفناه.
 
كانت في المكان ثلاثة مجاميع  تؤدي واجبها علي اكمل وجه رغم الضغط الحوثي، فلجأ الحوثي الى استغلال كل شيء مستخدمًا كل انواع الاسلحة من هاونات ومدفعية ودبابة وهو سلاح نوعي مقارنة بالسلاح الذي معنا من سلاح خفيف ومتوسط.
 
كان الحوثي يقاتل بسلاح الدولة  ونحن قاتلنا بالسلاح الشخصي وسلاح الفردرجحت الكفة، فلجأت المليشيا الى استغلال ثغرة في الجهة الشمالية عبر الضرب بالهاونات والمدفعية. لقد استشهد وأصيب عدد من جنودنا من بينهم ابن اختي.
 
الكثير من الشهداء  صمدوا بكل شجاعة وهم رافعي رؤوسهم استشهدوا وهم شامخين شموخ الجبال، والبعض كان يرفض اسعافه ويطالبنا بمواصلة القتال ونحن نقاتل في سهر دام من ثلاث الى اربع ايام.
 
 لقد انتظرنا تحرك في باقي المحافظات لتخفيف الضغط على قواتنا بصنعاء،  لكن مشيئة الله قدرت أن يستشهد العديد منا، وانا شخصيًا   جلست في احد الشوارع الى الساعة الثالثة فجرا كان معي عدد من الجنود،  جلسنا في احد شوارع صنعاء للساعة الثالثة فجرا انتقلنا من الشارع الي شارع اخر، مع أذان الفجر كنا ننتظر الخروج فصادفنا طقم حوثي توقف وقال انتم عسكر، اصرينا اننا لسنا كذلك فأخذونا معهم إلى جولة الأوقاف.
 
هنالك التقيت أحد الضباط الذين أعرفهم من سابق فكشف عن هوياتنا، فحاول الطقم التحرك بنا نحو الستين ربما الى مقر الغرفة الأولى مدرع، ثم غير طريقه نحو الأمن السياسي وكانت سيارة من خلفنا ترافق الطقم، لقد قلت في نفسي إن الحظ لم يحالفنا بلقاء ذلك الضابط الذي كشف عن هوياتنا. 
 
ادخلونا الى أحد الأقبية وكانت عيوننا مغطاة، في تلك اللحظات اعتقد ان الزعيم حينها كان على قيد الحياة، أتذكر عندما كنا نتنقل من شارع الى آخر مر موكبٌ من جوارنا بعد خروجي من السجن عرفت انه موكل محمد محمد عبدالله صالح عندما انتقل  من الحي السياسي الي الثنية، مر من أمامنا واشتبك بضراوة مع العدو.
 
في اليوم التالي ونحن في السجن جاءنا عناصر المليشيا قالوا قتلنا زعيمكم وفي اليوم الثالث قالوا اسرنا قائدكم المتمثل  في الشخص  محمد محمد عبدالله صالح -فك الله اسره-، وكانوا  يفتحوا لنا قناة المسيرة من الساعة ثمان ونصف ويدوا لنا الاحداث حتي تشييع المواكب ويغلقوا المسيرة  وجلسنا بالسجن لا نعرف  ما الذي يحصل في الخارج.
 
 في السجن تعرضنا  للتعذيب  بشدة والتحقيق، حيث كانوا يأخذوننا بعد العشاء للتحقيق  بأساليب متوحشة، وكنا نتبادل مع بعضنا الحديث عن أساليب التعذيب، إنها أساليب كثيرة لا يتسع المجال لشرحها. وفي إحدى المرات طالبت رفقائي بأن نظهر بمهابة في التحقيق وألا نضعف حتى لا يستغلون ذلك ويبثونه في المسيرة.
 
اعطونا ماكينة حلاقة وطالبوا أن يحلق كل واحد للاخر، كان عنصر حوثي يقوم بالضرب علينا في ذات الوقت، وهذا لم يكن تحقيق معنا بقدر ما كان محاولة للامتهان والاستحقار، لأن التحقيق كان في الأعلى وثمة كانوا يخيروننا بين الاعتراف بأشياء لا نعلمها او يعذبوننا.
 
قضينا 63 يوم في الأمن السياسي وكان لدينا زملاء معتقلين في الغرف المجاورة عددهم 26 شخص لم نكن نعلم حينها أنهم معنا، وقبل أن يفرج عنا قضينا حتى منتصف الثانية ليلًا والمليشيا تأخذ تعهداتنا لمحاولة اثناءنا عن الخروج ضدها مستقبلًا،  
 
 كانت لحظات سعيدة ونحن نرى الشمس عندما اخذونا الى السجن الحربي، وخلال تناولنا الفطور اكتشفنا أن زملاء لنا مسجونبين ايضا في السجن الحربي أحدهم التقيته هنا في الساحل الغربي ضمن قوات المقاومة الوطنية، فكان أحد الجنود يصيح الفندم محمد بخير، وهذا اغضب أحد عناصر المليشيا الذي جاء لضربه.
 
في السجن الحربي قضينا أكثر من شهر ثم نقلونا الى الاستخبارات، وفي يوم من الأيام عند الثالثة فجرًا نقلوني الى الاستخبارات كما ذكرت، وهنالك وضعت في سجن انفرادي، فإذا بأحدهم جاء إليّ يبشرني أن أحد المشايخ سيضمنني ليتم الإفراج عني فعملت تعهد من أجل ذلك، فكان أحد عناصر المليشيا  في الاستخبارات يسألني " اين مخبي الزلط؟" اكتشفت أنه لا يهمهم سوى النهب فقط.
 
كان أحدهم يتهكم مني " شكلك تشتي تنز ل عند طارق، قلت له نعم !. قال: صدق؟، فغيرت النبرة شرةً بقولي له " انت مجنون انزل يالله خرجنا وخرجت"، افرج عني ورجعت الى قريتي التي جلست فيها بحدود شهر ثم توجهت بعدها إلى الساحل الغربي.
 
 
وعن وصايا الزعيم والمضي لتنفيذها يؤكد البطل أن الشعب ينتظر حراس الجمهورية على احر من الجمر لتخليصهم، ونحن  ان شاء الله نحذوا  حذو ما قام به الزعيم في ديسمبر ونستكمل مشروعه الذي كان الشرارة الأولى لاستعادة الجمهورية والقضاء على الكهنوت.
 
 
 مشروع الحوثي، دخيل مدمر استبدادي امامي  لا يؤمن الابنفسه وسلالته، فالساحل الغربي ان شاء الله استكمال مشروع حياة للجمهورية اليمنية واستكمال مشروع  قام به الجمهوريون انذاك واستكال لمشروع تأسيس دولة حقيقية تحافظ على حق  الشخص  الانسان وحق المرأة  وحق الطفل.
 
 
هذا  المشروع بحاجة لجهود جبارة من الجميع ونطلب مؤازرة الناس  حتي من هم تحت سلطة الحوثي لا يقفوا  مكتوفي الايدي خاضعين، الثورة ليست بمجهود شخص او بمجهود جماعة، الثورة لابد ان يؤمن بها كل من هو حر و يحب الحرية  والحق والعدل،  ويشارك بجهده وامكاناته سواءا امكانات عسكرية أو امكانات اعلامية توعوية، أو أية إمكانات داعمة لهذا المشروع.
 
  الحوثي ضعيف  طائفة وشرذمة قليلة جدا  قليلة جدا، معنوياتهم بالجبهات منهارة  ولا يساعده في الجبهات الا الامم المتحدة والقرارات الدولية وغريفيت.
 
جرحانا وشهداءنا مستحيل قيد انمله ان ننسي  ونعاهدهم ان  تضحياتهم لن نذهب سدي وانهم العنوان البارز في حراس الجمهورية هم من ضحوا بدمائهم وارواحهم  واعضائهم  من اجل هذا الشعب واستعادة حقوق اليمنيين وحريتهم ونحن علي دربهم سائرون فهولاء  رموز لن ننساهم ابدا  ونحن نطلب الحياة للناس ومن استشهد ووفيت ساعته الله يرحمه هذا مقدر.
 
  لن نقول اننا جئنا الى هنا لنستشهد  بل حئنا نبحث عن مشروع حياة ومن وفيت ساعته يرحمه الله شهيدا خالدا ومشروعنا مشروع حياة واعادة الحياة للناس ويكون له الفخر والبطولة انه استشهد في ميادين الشرف والبطولة وهو يؤدي واجبه علي اكمل وجه.
 
في الأخير اوجه رسالة للجميع خاصة ممن هم في مناطق سيطرة المليشيا ليبعثوا في نفوسهم الامل والشجاعة فالحوثي ضعيف الحوثي وهو ضعيف في كل مكان،  فأكبر سلاح هو الانسان واكبر نصر هو فكر الانسان وعزيمة الانسان.

متعلقات