الفيروسات من أكثر الكائنات المجهرية التي أتقنت فن البقاء منذ مليارات السنين، رغم أنها كائنات ميتة في الأصل، وهي تمثل بالأصل حزمة من الجينات الوراثية ومحاطة بقشرة من بروتينية شائكة.
وهذا ما يجعلها أكبر تحد للعلماء، فكيف تقتل شيء ميتا في الأصل؟ وحتى الفيروسات السابقة التي نعرفها كانت الوقاية منها بالحصول على لقاح يحتوي الفيروس بطريقة آمنة على جسم الإنسان.
ولكن هذا الفيروس بمجرد دخوله لمجرى الهواء التنفسي، يستطيع اختطاف خلايا جسم الإنسان ونسخ نفسه ملايين المرات، أي أنه كائن يبقى ميتا ويحيا على خلايا الإنسان.
ووصف تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست طريقة عمل فيروس كورونا المستجد بـ"العبقرية الشريرة" و"الخبيثة" فهو ينسخ نفسه ملايين المرات في جسم الإنسان حتى قبل ظهور الأعراض عليه، وبعدها ينتقل إلى مضيف أخر، وحتى الآن لم يفلح العلماء بإيجاد لقاح يقي من هذا المرض أو حتى طريقة لوقف انتشاره.
وما يخيف العلماء أن هذا الفيروس الذي أصبح وباء أنه يتكاثر وينتشر بسرعة في الجسم من دون أن تظهر على الإنسان أية أعراض، ما يعني إمكانية نشره إلى مضيفين آخرين بسهولة ومن دون معرفة أنه مصاب بالأصل، فيما يترك كورونا جزئية الفتك بالجسم المضيف لآخر المراحل بعدما ينتشر في الجهاز التنفسي.
كورونا المستجد يميل إلى التكاثر في الجهاز التنفسي
وحتى اللحظة استطاع فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في الصين نهاية ديسمبر الماضي إصابة أكثر من 350 ألف شخص حول العالم، وتسبب بقتل ما يناهز عن 15 ألف شخص، وبسبب سرعة انتشاره يواجه العلماء تحديا حقيقا في إيجاد علاج له.
ويميل هذا الفيروس إلى التكاثر في مكانين بالجهاز التنفسي، في منطقة الأنف والحنجرة، ويتجه بعضها إلى الرئتين.
ويقول العلماء إن مهمتهم صعبة أشبه بقتل شخص ميت بالأصل فهو "زومبي"، وهو خارج الجسيم المضيف يبقى خاملا تماما، ولكن عندما يصبح داخل جسم الإنسان يصبح قادرا على التكاثر بسرعة جنونية.
ويستخدم فيروس كورونا المستجد البروتينات الشائكة التي تغلفه في غزو خلايا الجسم المضيف، ومن يسيطر عليها لإنتاج المزيد من الفيروسات.
يحيط بالفيروس طبقة من البروتين التي تتيح الاندماج مع خلايا الجسم المضيف
غاري ويتاكر، أستاذ علم الفيروسات بجامعة كورنيل قال لصحيفة واشنطن بوست إن هذا الفيروس يمازج ما بين الكيمياء والبيولوجيا، فهو يتحول من لا حياة إلى حياة اعتمادا على الجسم المضيف.
فنيت مانيكري، أستاذ متخصص بعلم الفيروسات في جامعة تكساس الطبية يقول إن كورونا المستجد أقوى وأكبر من بقية الفيروسات التي نعرفها، وهو يعمل بطريقة أقوى بثلاث مرات على الأقل وأسرع من بقية الفيروسات الأخرى.
بدوره قال أليساندرو ست، رئيس مركز الأمراض المعدية في معهد غولا إن المفتاح للتخلص من هذا الفيروس بفهم طريقة عمل البروتينات التي تحيط بالفيروس وكيف يمكن تحييد عملها.
وفي خلال وقت لا يتجاوز ساعة يمكن لهذا الفيروس صناعة 10 آلاف نسخة، فتخيل الأمر بعد بضعة أيام والتي ستعنى وجود الملايين منه في الجسم المضيف، وفيما يبدأ الجهاز المناعي بإطلاق مواد كيميائية دفاعية ترفع درجة حرارة الجسم وتسبب الحمى.
ولكن مخاوف العلماء من استمرار انتشار الفيروس بطريقة تجعل توقيف نشاطه أمرا صعبا، خاصة وأن بعض الفيروسات والجراثيم وجد لها العلماء أصول في الكرة الأرضية منذ أكثر من 6 ملايين عام.