تواصل، أمس، توافد مشائخ ومسلحي القبائل إلى مديرية ردمان، معقل “قبيلة آل عواض”، في محافظة البيضاء، تلبية لـ “النَّكف القبلي”، الذي دعا له الشيخ ياسر العواضي، لمواجهة تعنت مليشيا الحوثي الانقلابية، والثأر لمقتل “الشهيدة جهاد الأصبحي”، التي قُتِلَت داخل منزلها برصاص مسلحين حوثيين اقتحموا المنزل ونهبوا ما فيه، بعد أن قتلوها.
وتصاعدت، أمس، حدة التوتر بين قبائل البيضاء ومليشيا الحوثي، منذ تفجر الأزمة بين الطرفين، نهاية الشهر المنصرم، عقب إعلان الشيخ ياسر العواضي “النَّكَف القبلي”، بعد أن لجأ إليه أهل “الشهيدة جهاد” طالبين النصرة منه.
ومع توافد مشائخ القبائل من البيضاء ومأرب وشبوة، بصحبة المئات من المسلحين، أقدمت مليشيا الحوثي، أمس، على قطع خدمتي الاتصالات والإنترنت لكافة الشبكات، وعلى كافة مناطق “آل عواض” في البيضاء، ومناطق “قبائل مراد”، في محافظة مأرب، المحادّة لها.
في غضون ذلك، قالت مصادر قبلية مطلعة في البيضاء لـ “الشارع”، إن الشيخ طارق موسى بن طالب العزاني، أحد أبرز مشائخ “آل عزان”، في البيضاء، وصل، أمس، إلى “آل عواض” برفقة المئات من المسلحين من “قبيلة آل يحيى”، تلبية لدعوة الشيخ العواضي.
وذكرت المصادر أن الشيخ طارق العزاني يُعَدَّ من أهم الوجاهات والمشائخ في “آل عزان”، وصاحب خبرة قتالية كبيرة، وأحد خريجي الكلية الحربية.
وأفادت المصادر أن المئات من المقاتلين القبليين من “آل شن”، و “آل الفقراء”، الذين ينتمون لـ “قبائل مراد”، مأرب، وآخرين من قبائل شبوة وأبين، وصلوا، أمس أيضاً، إلى “آل عواض”، تلبية لـ “النَّكف القبلي”، ومساندة قبائل البيضاء في حربها المرتقبة مع مليشيا الحوثي.
وخلال الفترة الماضية، أوفدت مليشيا الحوثي، عقب توتر الوضع، وتصدر الشيخ ياسر العواضي للمشهد في البيضاء، العديد من الوسطاء المحليين إلى “العواضي”، بهدف نزع فتيل التوتر؛ إلا أن المليشيا رفضت تلبية الشرطين الذين طرحهما “العواضي”: تسليم قتلة “الشهيدة جهاد” إلى القضاء، وتغيير “مشرفيها الظلمة” العاملين في البيضاء.
وتدخلت سلطنة عُمان بوساطة عند “العواضي”، بهدف نزع فتيل التوتر، إلى أن وساطتها فشلت أيضاً، بسبب تعنت مليشيا الحوثي، ومحاولتها القفز على مطالب قبائل البيضاء المتمثلة بتسليم القتلة، ورفع “المشرفين الظلمة” من المحافظة.
وبالتزامن مع الوساطات، التي بعثت بها إلى “آل عواض”، دفعت المليشيا بتعزيزات قتالية كبيرة إلى البيضاء، من عدة مناطق مجاورة لها، استعداداً للمواجهة المرتقبة مع القبائل؛ كان أخرها وصول ثلاث عربات ((BMB القتالية، بعد مغرب أمس، إلى منطقة “عفار”، في “السوادية”، مع تعزيزات أخرى، وفق ما ذكرته مصادر متطابقة.
وأفادت المصادر ذاتها، أن المليشيا عقدت، أمس، اجتماعاً لعدد من المشائخ الموالين لها في منطقة “بيت الهياشي”، في “قيفة رداع”، خُصِّص لمناقشة التوتر مع قبائل “آل عواض”؛ في محاولة من المليشيا إلى تحويل الحرب مع قبائل البيضاء إلى صراع بين “آل عواض” و”قيفة رداع”.
وكانت المليشيا الحوثية قد عقدت، الخميس الماضي، اجتماعاً مماثلاً في مدينة رداع، خرج ببيان نُشِرَ في عدد من المواقع الإعلامية الموالية لها، وصف جريمة قتل “الشهيدة جهاد” في مديرية “الطَّفَّة” بـ “الحادث العرضي”.
البيان، شَنَّ هجوماً على الشيخ ياسر العواضي، وقال إن ما يقوم به “استثمار سياسي”. وطالب البيان مليشيا الحوثي ببسط نفوذها على مديرية ردمان “الخارجة عن سلطة الدولة منذ بداية العدوان”.
وتوعد البيان الشيخ ياسر العواضي بالتعامل معه “مثله مثل مرتزقه العدوان، إذا لم يعد إلى جادة الصواب”.
وتشترط قبائل البيضاء تسليم مشرف الحوثي على محافظة البيضاء، حمود شتان، وقائد الحملة الحوثية التي خرجت إلى منزل الشهيدة جهاد الأصبحي، ويتم إعدامهما في المنزل ذاته الذي ارتكبت الجريمة فيه، ثم تقوم المليشيا بمنح قبائل البيضاء تحكيماً مطلقاً للحكم بما يريدونه منها، جراء جريمة العيب الذي تمثل في قتل “جهاد” داخل منزلها، دون مراعاة لحرمات النساء والبيوت.
وكان مسلحو الحوثي هاجموا، في 27 أبريل المنصرم، منزل الشهيدة جهاد، في مديرية “الطَّفة”، وقتلوها فيه، بشكل مباشر ومن مسافة قريبة، ونهبوا ذهبها، ومبلغاً مالياً كان لديها، وكل ما في منزلها.
وبسبب الجريمة، توجهت أسرتها، وزوجها، إلى الشيخ ياسر العواضي، شيخ قبيلة “آل عواض”، وطلبوا منه النصرة، فأعلن على إثر ذلك، النكف القبلي، وطلب من كل أبناء البيضاء الاستعداد لقتال مليشيا الحوثي.
وأعلنت قبائل من البيضاء ومأرب تلبية دعوة النكف حينها، وتوجه مئات من مسلحي القبائل إلى معقل العواضي لمساندته في قتال المليشيا الحوثية، التي حشدت مئات من مقاتليها من رداع وذمار وإب إلى البيضاء استعداداً لمهاجمة القبائل.
ولازال الشيخ ياسر العواضي، وهو شيخ “آل عواض”، يتدارس الوضع مع زعماء القبائل الذين يتوافدون إليه للخروج بموقف موحد يجمع عليه كل أبناء البيضاء.
وقال الشيخ العواضي أثناء استقباله، الأسبوع الماضي، للشيخ خالد أحمد عبد ربه العواضي، الذي قدم إلى المنطقة بصحبة المئات من أتباعه، إن لديه ما يقارب من 4000 مقاتل، وأن هدفه ليس سياسياً وإنما “الانتصار للشرف والعرض والكرامة”.
وأشار في مقطع فيديو وثق لحظة الاستقبال، وتداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن مليشيا الحوثي ارتكبت الكثير من الجرائم بحق المواطنين في البيضاء، وأن مقتل الشهيدة جهاد كان الشرارة التي أشعلت الوضع.