هزة ارتدادية عنيفة تصيب "معسكرالعنصرية "الحوثي في مقتل.. وهذا ما حصل
الاربعاء 10 يونيو 2020 الساعة 21:48
العرب

لم تلبث ميليشيا الحوثي  سوى ساعات بعد تعديلاتها العنصرية في قانون الزكاة حتى تعرضت لهزة ارتدادية عنيفة، حيث تواصلت ردود الأفعال الغاضبة على تمرير الحوثيين لقانون “الخُمس” الذي يمنح 20 في المئة من ثروات اليمن لصالح من تسميهم الجماعة “بني هاشم” واعتبره ناشطون وحقوقيون يمنيون انتهاكا للدستور اليمني ولحق المساواة وتكريسا لسياسة التمييز العنصرية التي دأب عليها الحوثيون منذ اجتياحهم للعاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014.

ونددت الحكومة اليمنية بإعلان الميليشيات الحوثية عن لائحة تنفيذية لقانون الزكاة في رسالة بعثتها وزارة الخارجية، الأربعاء، للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية.

واعتبرت الخارجية اليمنية أن اللائحة الحوثية تأكيد على الطابع العنصري للحوثيين، وعدم مراعاتهم لظروف المجتمع اليمني ووضعه المعيشي الصعب، في الوقت الذي شهد فيه الخطاب الإعلامي حالة ارتباك في التعاطي مع ردود الفعل الشعبية والإعلامية الغاضبة، حيث لجأت منصات حوثية للإشارة إلى أن القانون صدر في العام 1999 وتجاهلت اللائحة المثيرة للجدل التي استحدثت المواد موضع الخلاف، فيما اعتبر ناشطون حوثيون على مواقع التواصل الاجتماعي الخطوة تطبيقا لفريضة إسلامية مذكورة في القرآن، على حد تعبيرهم.

وحذرت وزارة الخارجية اليمنية في خطابها للمبعوث الأممي إلى اليمن مما أسمته المخاطر التي تكتنف العمل بهذه اللائحة، منوهة إلى أنها وإن كانت “منعدمة الأثر قانونيا، باعتبارها صادرة من غير ذي صفة، إلا أن لها دلالة سياسية واضحة مفادها أن الحوثيين غير راغبين في السلام ولا يسعون له”.

وأضافت أن ذلك يؤكد على استمرار الحوثيين في انتهاك حقوق المواطنين في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرتهم من خلال قوانين ولوائح غير شرعية.

وأوضحت الخارجية اليمنية أن هذه اللائحة “تحمل دلالات عنصرية وجزء من سعي الحوثيين لتمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن من خلال فصل فئة بعينها عن المجتمع اليمني بمنحهم امتيازات تستند إلى أسس عنصرية مجرّمة بموجب القوانين الوطنية للجمهورية اليمنية والقوانين الدولية”.

ودعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي “لاتخاذ موقف حازم وإدانة سعي الحوثيين لتغيير قيم المساواة ومبادئ المواطنة المتساوية التي ضحى من أجلها الشعب اليمني طويلا، وأيد في سبيل ذلك التوجهات الأممية لإنهاء التمييز والعنصرية”.

وفي السياق ذاته وصفت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية قانون “الخُمس” الحوثي بأنه “أخطر وثيقة عنصرية في العصر الحديث”.

وأضافت الوزارة في بيان لها أن “قانون فرض الزكاة ستكون له نتائج كارثية على مستقبل الحقوق والاستقرار في اليمن بشكل عام”.

وتابعت “القانون الصادر عن الميليشيات يشكل سابقة خطيرة في تاريخ اليمن والإسلام، كما يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان، والشرائع السماوية، والقيم الكونية المعاصرة”.

ووفقا لبيان الوزارة فقد قسم القانون الحوثي المجتمع إلى “هاشميين ويمنيين وأجاز للهاشميين أن يأخذوا 20 في المئة من ثروات وممتلكات اليمنيين وما يكسبونه بعرق جبينهم، علاوة على 20 في المئة من الثروات السيادية بالإضافة إلى تخصيصه 25 في المئة من مصارف الزكاة لبند ‘في سبيل الله’، أي لتمويل أنشطة الجماعة العسكرية والأمنية الموجهة ضد اليمنيين”.

ودعت الوزارة البرلمان وكافة المؤسسات والهيئات الحكومية والمدنية والجامعات والنقابات وكل القطاعات الشعبية إلى رفض القانون الصادر عما يسمي بـ”المجلس السياسي”، التابع لميليشيا الحوثي الانقلابية، بشأن الزكاة.

وشكك مشرعون وقانونيون يمنيون في صحة الإجراء الحوثي عوضا عن “عنصريته”، حيث نفى عضو مجلس النواب اليمني المتواجد في صنعاء أحمد سيف حاشد أن يكون المجلس الذي تنعقد جلساته في صنعاء (غير معترف به) قد أقر التعديلات التي أجراها الحوثيون على قانون الزكاة اليمني ولائحته التنفيذية.

وفي تصريح لـ”العرب”، قال المستشار القانوني اليمني الدكتور عبدالكريم سلام إن “مفهوم (الخمس) الذي يتحدث عنه الحوثيون اليوم لا توجد له أي علاقة بالأنظمة القانونية والدساتير الحديثة، وأنه استحضار تاريخي مرتبط بالغنائم في فجر الإسلام، ومعارك الغزو التي انتهت بنشوء الدول الحديثة”.

 

ولفت سلام إلى أن هذا الإجراء الحوثي يتعارض مع الدستور الذي ينص على مبدأ المساواة بين اليمنيين على أساس المواطنة؛ وبالتالي فأي تشريع قانوني، سواء كان قانونا أو قانونا تنظيميا أو لائحة أو قرارا، يخالف ذلك المقتضى الدستوري يكون عرضة للانعدام والإبطال.

وأضاف “اللائحة التي أصدرها الحوثيون وضمنوها ‘الخمس’ كما ورد تعتبر مخالفة لمقتضى القانون رقم 2 لسنة 1999 الخاص بالزكاة علاوة على أن القانون نفسه مخالف للدستور وبالتالي هناك عيب قانوني مزدوج، أو ما يسمى عوار دستوري وعوار قانوني في ذات الوقت”.

وحذر مراقبون يمنيون من انعكاس الخطوات الحوثية على المشهد اليمني من ناحية دفع الصراع نحو اتجاهات عرقية وسلالية ومذهبية تجعل الحلول السياسية شبه منعدمة، إلى جانب الآثار الكارثية التي تسببها هذه الإجراءات الحوثية بالنسبة إلى النسيج الاجتماعي.

وتوقع المراقبون أن تمتد نتائج القرارات الحوثية التي توصف بالعنصرية إلى داخل الاصطفاف الحوثي نفسه في ظل تزايد حالة الشعور بالتمييز العنصري التي تعاني منها قيادات حوثية لا تنتمي إلى السلالة الهاشمية التي بات الحوثيون يسندون إلى المنتمين إليها كل المناصب القيادية العسكرية والمدنية انطلاقا من فكر عقائدي.

وفي هذا السياق، انتقد القيادي الحوثي البارز ورئيس المجلس السياسي السابق للجماعة وأحد مؤسسيها صالح هبرة الممارسات الحوثية، وقال في منشور على صفحته في فيسبوك “كنا نسمع من بعض وسائل الإعلام أن الحكم الملكي كان ينتهج احتكار السلطة على فئة محددة، ويتعمد تجهيل الشعب وإفقاره، وكنا نعتبر ذلك من المزايدات الإعلامية؛ طبيعة أي نظام ينتقد الذي سبقه. إذا بنا اليوم أمام واقع يحكي كثيرا مما كنا نسمع ويجسد معظمه بحذافيره”.

وأشار باحثون إلى أن تسلل الشعور بالتمييز على أساس عرقي وسلالي إلى قيادات بارزة في الجماعة الحوثية مثل صالح هبرة، يؤكد على أن عنصرية الجماعة باتت ترتد عليها بشكل متسارع وأن دائرة الأتباع تضيق كل يوم.

وقال الباحث السياسي اليمني فارس البيل في تعليق لـ”العرب” على دلالات وجذور القرارات الحوثية المثيرة للجدل، إن هذا التوجه الحوثي لم يكن مفاجئا، لكن توقيت إصدار قانون “الخمس” هو الذي كان مفاجئا.

ولفت البيل إلى أن جماعة الحوثي منذ النشأة في تسعينات القرن الماضي كانت تتحدث بوضوح عن توجهاتها المبنية على هذا الفكر المتأصل من الثقافة الدخيلة المستمدة من العصبية الجاهلية ما قبل الإسلام، التي أحيتها الإمبراطورية الفارسية بعد ذلك تحت رداء الدين والتعصب لفئة.

وأضاف “جماعة الحوثي كانت تلقي بهذه التوجهات على استحياء، حتى تمكنت الآن واستولت بالقوة الغاشمة على جزء من اليمن، وتحكمت بسكانه، لذلك فهي تسابق الوقت لفرض وزرع هذه الثقافات التي لا تنتمي إلى العصر والمنطق بكل ما فيها من عنصرية وتجهيل، ومثل هذا القانون كثير من التغييرات والتوجهات الفكرية الدخيلة على الثقافة والموروث والتدين اليمني التي ترغب جماعة الحوثي في ترسيخها قدر الممكن”.

متعلقات