الأعشاب الطبية علاج اليمنيين لمحاربة كورونا في ظل نقص الأدوية
الثلاثاء 23 يونيو 2020 الساعة 16:47
afp

في ظل النقص الحاد في الأدوية وقلّة المستشفيات بفعل الحرب، لجأ العديد من اليمنيين إلى الأعشاب والبهارات ظنّا منهم أنّها قادرة على حمايتهم من فيروس كورونا المستجد في بلد فقير يعاني من انهيار قطاعه الصحي.

وبدأ الوباء بالتفشي في اليمن في مطلع مايو، متسبّبا بوفاة 255 شخصا، إلا أن أعداد الضحايا قد تكون أعلى بكثير نظرا إلى عجز المؤسسات الصحية عن تحديد أسباب الوفاة في الكثير من الحالات.

في تعز جنوب غرب اليمن، يكدّس باعة أمام متاجرهم في سوق شعبي أكياس الأعشاب والبهارات بألوانها المتنوعة، من الزنجبيل إلى الكركم مرورا بالثوم وحبة البركة والقسط الهندي، وهي تباع بأسعار مقبولة في مقابل أسعار الادوية المرتفعة رغم قلّتها.

ولاحظ التاجر بشار العصار في سوق الشنيني زيادة كبيرة في إقبال اليمنيين على شراء وصفات مختلفة في الأسابيع الأخيرة، وقال لوكالة فرانس برس: "بسبب فيروس كورونا المستجد، يأتي الكثير من الناس لشراء الأعشاب الطبية كونها وصفات ناجحة لمكافحة الفيروس".

وبحسب التاجر، فإن هناك وصفات "مضمونة ومجربة وفعالة" لمكافحة الفيروس، موضحا أنّ "الأنواع التي نبيعها (...) تعتبر علاجات لرفع المناعة".

وتعز، إحدى أكثر المدن تأثّرا بالحرب منذ بداية النزاع في منتصف 2014، خسرت 50 من أبنائها بسبب فيروس كورونا المستجد، في أعلى معدّل وفيات في مدينة يمنية بعد حضرموت (111)، وفقا لإحصائيات الحكومة.

وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن الحوثيين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر.

أصبحت ضرورة 
 

منذ اندلاعه في منتصف يونيو 2014، تسبّب النزاع على الحكم في أفقر دول شبه الجزيرة العربية بين الحوثيين والسلطة المعترف بها دوليا بأسوأ أزمة انسانية في العالم وفقا للأمم المتحدة وبانهيار القطاع الصحي المعتمد على المساعدات الخارجية.

وفي البلاد التي تواجه الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، فإن فيروس كورونا بات يشكّل عبئا إضافيا على العاملين في هذا القطاع، ويزيد من معاناة ملايين اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة، وآخرين نازحين يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقر للنظافة والمياه.

وذكرت الطبيبة إشراق السباعي المتحدّثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا التابعة للحكومة اليمنية، انّه لا يوجد في تعز سوى "ثلاثة مراكز عزل و40 سريرا وستة أجهزة تنفس صناعي وهناك نقص في الكادر الطبي وفي الأدوية".

كما حذّرت من أنّ إحدى "المشاكل التي تواجه تعز اللجوء الى علاج الاعشاب غير المدروسة مما يؤثر عليهم ووضعهم الصحي سلبيا".

ورغم عدم وجود دراسات تثبت فعالية أي أعشاب أو غيرها في الوقاية من وباء كوفيد-19، يزداد الإقبال على الأعشاب في ظل العجز الذي يعانيه القطاع الصحي.

وأضاف العصار  أنه في السابق "كان الطلب عليها لا يتجاوز 5%، اليوم الطلب عليها 100%. كل الزبائن عندما تشتري بهارات تشتري معها هذه الأعشاب. لقد أصبحت ضرورة".

لا تنسوا اليمن 
 

من بين هؤلاء منير أحمد غالب الذي جاء إلى المتجر لشراء بعض الأعشاب، وصرح أن أسعار الأدوية ارتفعت بشكل جنوني، مما يضطر المواطن للجوء إلى الأسواق الشعبية لأخذ حاجياته من الأعشاب الطبية مثل الثوم وأعشاب مضادة لفيروس كورونا.

وكانت منظّمات إغاثة حذّرت في السابق من أن وصول الفيروس إلى اليمن ينذر بكارثة بسبب القطاع الصحي المنهار، داعية إلى دعمه.

وجمعت الأمم المتحدة هذا الشهر 1.35 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمن في مؤتمر للمانحين استضافته السعودية التي تقود تحالفا عسكريا دعما للحكومة في هذا البلد، إلا أن هذا الرقم يوازي نحو نصف التمويل المطلوب والبالغ 2.41 مليارا.

ورأى مكتب منسّق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن في بيان انه طالما "لم يف الداعمون بوعودهم، ومن دون تمويل إضافي، فإن البرامج الرئيسية ومن بينها الرعاية الصحية تواجه خطر التقليص أو الاغلاق".

ووصلت الجمعة إلى عدن شحنة طبية تحمل 43 طناً من مستلزمات المختبرات وأجهزة التنفس الاصطناعي وعدة الفحص ومعدّات الحماية الشخصية بتبرع من مؤسسة خاصة لمنظمة الصحة العالمية.

وقالت منظمة الصحة في تغريدة "بينما يواصل العالم محاربة هذا الوباء العالمي، يجب ألا ينسى بلداً مثل اليمن الذي يحتاج دعمه بشدة".

وتعاني مستشفيات اليمن، وخصوصا في عدن المقر المفترض للسلطة المناهضة للمتمردين، من ضغط كبير واكتظاظ في أعداد المرضى في غرفها بسبب فيروس كورونا المستجد، بحسب أطباء وسكّان، بينما يلف الغموض الوضع في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة فإنّه قد يكون هناك بين 180 ألفا إلى 3 ملايين إصابة في اليمن بعد أشهر قليلة من تفشي الفيروس، متوقّعة وفاة بين 62 و85 ألفا من بين 11 مليون إصابة.

ويؤكد الطبيب في قسم الطوارئ في إحدى مستشفيات عدن جلال ناصر "لا يوجد لدينا أي تجهيزات ولا أجهزة، ولا توجد علاجات كافية لمواجهة انتشار الوباء وهناك نقص شديد في الطواقم الطبية"، وحذّر بالقول "لا يوجد طاقم مدرب للتعامل مع الجائحة".

متعلقات