الفقيد حسن اللوزي..الراحل الذي شكلت بداياته الشعرية ثورة في اليمن
الاثنين 20 يوليو 2020 الساعة 16:50
ضفة ثالثة

خسر الوسط الثقافي والإعلامي في اليمن الشاعر اليمني، حسن أحمد اللوزي (1952- 2020)، متأثرًا بإصابته بعدوى “كوفيد – 19″، في القاهرة.

ويعد اللوزي واحدًا من أهم الأسماء المضيئة في درب الإبداع والسياسة على السواء، ورحل عن الحياة يوم الاثنين الماضي (13 يوليو/ تموز 2020)، بعد عمر حافل بالعطاء الإبداعي والمناصب الحكومية، وحزمة من بيانات نعي حزينة كتبها أصدقاؤه ومحبوه هي أقل ما أمكنهم فعله، بينما حالت المسافات بينهم وبين اللوزي الذي رحل وحيدًا ومعزولًا، كما هي حال من يصاب بكورونا.

ينتمي اللوزي، شعريًا، إلى جيل السبعينيات في اليمن، وهو من كتّاب التفعيلة، وقصيدة النثر، الأوائل في البلاد. أنجز عدة دواوين شعرية، وكتبًا في القصة والمسرح. إضافة إلى كونه شاعرًا، كان اللوزي صحافيًا مرموقًا، ومن أوائل من شهدوا التفاعلات الأولى لنشاط اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ونقابة الصحافيين اليمنيين.

ووفقًا للشاعر اليمني، عبدالعزير المقالح: “كان حسن اللوزي من أوائل الأسماء الشعرية التي شدت انتباه النقاد والشعراء العرب، في وقت كانت فيه القصيدة في اليمن تعاني من عزلة شديدة”. ونوَّه المقالح بالاهتمام الإبداعي للشاعر اللوزي، حيث لم يقتصر على كتابة القصيدة بأشكالها المختلفة، بل تعداها إلى القصة القصيرة، ثم إلى المسرح. ووصف المقالح بدايات اللوزي بالثورة الشعرية: “بدايات حسن اللوزي المدهشة شكلت ثورة في الساحة الشعرية اليمنية، وكان من قلة قليلة من الشعراء اليمنيين الذين رفدوا حركة التجديد بقوة. كما أنه واحد من أهم شعراء اليمن في القرن العشرين”.

في 2013، نشر حسن اللوزي قصيدة تستشرف مستقبلًا مأهولًا بالشتات على الصعيد اليمني،

تاركًا كثيرًا من الأسئلة، وفي المقابل القليل من الأمل، حين أنشد: “ماذا سيجدي السير لو ضاع السبيل/ وأجدبت كل الحقول!/ أو ضاع محراث البتول؟/ وغادرت كل الغيوم سماءنا../ وتبعثرت في الريح أنداء الفصول!؟/ هل يصمد الأمل الجليل؟ هل ينفع الحلم الجميل؟/ ويفيق شعب التضحيات لأمره/ ويجيد صنع المستحيل؟”.

ما يحسب لحسن اللوزي هو أنه كان مبدعًا غزيرًا، وذا حضور متفاعل أينما تواجد في مضمار العمل النقابي والصحافي والأدبي، إذ كتب الشعر والقصة والمسرحية، وانخرط مع ثلة من الأدباء للعمل تحت مظلة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وصولًا إلى رئاسته فرع الاتحاد بصنعاء، أحد أهم روافد الاتحاد العام، ونسخته المصغرة في العاصمة. غير أن دماثة أخلاقه كانت عنوانًا لافتًا في مسيرته الإنسانية والإبداعية والسياسية، إذ يحتفظ كثير من منتسبي الوسط الثقافي والإعلامي اليمني بمواقف معه، وانطباعات عنه محمولة بالود، بمن في ذلك من يفترض أنهم كانوا خصومًا سياسيين له، عندما تولى منصب وزير الإعلام غير مرة، ووزير ثقافة محسوبًا على نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح.

“أوراق اعتماد لدى المقصلة”

“لمع نجم حسن أحمد اللوزي في قاهرة المعز مطلع السبعينيات. وكان صدور مجلة (الكلمة) في الحديدة بداية حضوره. وفي ما بعد في (الحكمة)، و(اليمن الجديد)، و(ملحق الثورة

“في سبعينيات القرن الماضي أصدر مع زميله الفلسطيني، عبدالرؤوف يوسف، ديوانهما الأول (أوراق اعتماد لدى المقصلة)، وكان للإصدار صدى رائع منتصف السبعينيات”

الأدبي). كما أنه كان من نجوم الحداثة الشعرية. وفي سبعينيات القرن الماضي أصدر مع زميله الفلسطيني، عبدالرؤوف يوسف، ديوانهما الأول (أوراق اعتماد لدى المقصلة)، وكان للإصدار صدى رائع منتصف السبعينيات، وتحديدًا بعد حركة الـ13 من يونيو”، كما يقول الكاتب والمفكر اليمني، عبد الباري طاهر، الذي يشير إلى ما امتلكه حسن اللوزي من أخلاق عالية، وأيضًا من مقدرة لغوية مدهشة: “عملنا معًا، تزاملنا، ترافقنا، اتفقنا واختلفنا، وفي الاتفاق والاختلاف بقي قدر من الود والاحترام. اللوزي أديب متعدد المواهب. ترأس اتحاد الأدباء والكتاب – فرع صنعاء في منتصف السبعينيات، وكان من كتاب القصة المرموقين (إشارة إلى كتاب اللوزي القصصي: المرأة التي ركضت في وهج الشمس). يمتلك مقدرة لغوية مدهشة”.

خصوصية التجربة

في بيان نعى فيه الشاعر، يشير اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إلى خصوصية التجربة الشعرية والإبداعية للوزي ضمن شعراء جيل السبعينيات في اليمن، متميزًا بنوعية عالية في علاقته

 

“ذكر بيان نعي اتحاد الكتاب للوزي عددًا من إصداراته: “أشعار للمرأة الصعبة”، و”هنا الطقوس وهذا جسد الملكة”، والمسرحية الشعرية “الصراخ في محكمة الصمت””

بالصورة والكلمة والدلالة، مقدمًا قصائد وكتابات خالدة لا تموت. وذكر بيان الاتحاد عددًا من إصداراته الشعرية والنثرية التي تقدمه شاعرًا كبيرًا وكاتبًا متفردًا، بما فيها ديوان “أشعار للمرأة الصعبة”، وديوان “هنا الطقوس وهذا جسد الملكة”، ومسرحية شعرية “الصراخ في محكمة الصمت”، وديوان “فاحشة الحلم”، و”كتاب الكلمات”. كما لفت بيان الاتحاد إلى ما قدّمه اللوزي ضمن تجربته في الاتحاد، حيث تقلد مهام رئيس فرع الاتحاد في صنعاء، متمتعًا بروح وطنية مسؤولة وأخلاق عالية مكنته من إدارة الفرع باقتدار، وتجربته الإدارية، حيث تقلد عددًا من المناصب، منها وزير الإعلام والثقافة قبل الوحدة، ووزير الإعلام بعد الوحدة، ومن ثم سفيرًا لليمن في الأردن، وعضوًا في مجلس الشورى، ومن ثم وزيرًا للإعلام مجددًا. وقال بيان الاتحاد إن رحيل اللوزي “خسارة فادحة للمشهد الإبداعي في اليمن”.

اللوزي غنائيًا ومتصوفًا

علاوة على مسيرته الصحافية، ككاتب أعمدة أسبوعية في صحف كـ”الميثاق” الحزبية، و”26 سبتمبر”، هو صحافي مؤسس لأكثر من منبر صحافي، في فترات توليه موقع وزير الإعلام، وأيضًا كوزير للثقافة والسياحة، ترك حسن اللوزي بصمته وحضوره في المشهد الثقافي والإعلامي اليمني. وحينما يأتي الحديث عن الصحافة والإعلام، في العقود الأخيرة من تاريخ اليمن المعاصر، يحضر اسم اللوزي كواحد من نجوم المجال، الذين أسهموا في تحديثه

“ثمة قصائد مغناة لحسن اللوزي، أشهرها “راجع لعش الحب”، التي تدفقت شلالات من الحميمية والدفء، بصوت الفنان اليمني الكبير الراحل، محمد مرشد ناجي”

وتطويره، وتركوا بصمة جميلة، وإنجازًا لا يمكن تجاوزه، أو تهميشه.

إلى ذلك، ثمة قصائد مغناة لحسن اللوزي، لعل من أشهرها، أغنية “راجع لعش الحب”، التي تدفقت شلالات من الحميمية والدفء، بصوت الفنان اليمني الكبير الراحل، محمد مرشد ناجي، كما أن اللوزي هو من قام بتلحينها، ومن أبياتها: “راجع لعش الحب في بلادي الغالية/ راجع ونبض القلب ملتحم به يومية/ واقسم بعز الرب ما نسيته ثانية”.

من بين كتاباته وقصائده الطالعة من روح متصوفة تذهب إلى الأعالي البيضاء للابتهال، لطالما كان قراء حسن اللوزي على موعد، في أكثر من شهر رمضاني في السنوات الأخيرة، مع نص شعري يومي، وهذا ما بدا لافتًا في سياق كثير مما أصدره من كتب شعرية، لا سيما “معارج الرؤية”.

 

متعلقات