السرطان (cancer) هو مصطلح طبّي يشمل مجموعة واسعة من الامراض التي تتميز بنموّ غير طبيعي للخلايا التي تنقسم بدون رقابة ولديها القدرة على اختراق الأنسجة وتدمير أنسجة سليمة في الجسم، وهو قادر على الانتشار في جميع أنحاء الجسم.
مرض السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، لكن إحتمالات الشفاء منه آخذة في التحسن باستمرار في معظم الأنواع، بفضل التقدم في أساليب الكشف المبكر عن السرطان وخيارات علاج السرطان.
قبل اكتشاف طفرات الجينات السرطانية الأولى في أوائل الثمانينيات، قدمت السبعينيات البيانات الأولى التي تشير إلى حدوث تغييرات في المادة الجينية للأورام.
ونشرت في هذا السياق، المجلة الشهيرة "نيتشر" في عام 1975، بحثاً يشير إلى أحد التغييرات، والمتمثلة في فقد الحمض النووي الريبي المسؤول عن حمل حمض أميني لبناء البروتينات لقطعة هي "النوكليوتيدات "Y" .
وبعد هذه الملاحظة البارزة لم تحدث أي تطورات تقريباً لمدة 45 عاماً حول أسباب وعواقب عدم وجود القاعدة الصحيحة في الحمض النووي الريبي.
وفي دراسة نُشرت بالعدد الأخير من دورية "PNAS" من قبل فريق بحثي يترأسه الدكتور مانيل إستيلر، مدير معهد "جوزيب كاريراس لبحوث اللوكيميا" بإسبانيا، تم الكشف عن سبب التغيرات في خلايا جسم الإنسان المصاحبة لظهور الأورام السرطانية، عن طريق ملاحظة أنه في الخلايا السرطانية، يتم تعطيل البروتين الذي يولد النيوكليوتيد "Y"، مما يتسبب في أورام صغيرة ولكنها شديدة العدوانية.
وقال رئيس الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد في 12 أغسطس/آب الجاري: "منذ الاكتشاف الأصلي في عام 1975، كان هناك الكثير من العمل البيوكيميائي لتوصيف الإنزيمات المشاركة في الخطوات المختلفة التي تؤدي إلى النوكليوتيد "Y".
وأضاف: "ومؤخراً نجحنا في التوصل إلى أن الإسكات اللاجيني لجين (TYW2) هو سبب فقدان النوكليوتيد (Y )"
وأوضح إستيلر: "يحدث الحصار اللاجيني للجين (TYW2) بشكل رئيسي في سرطان القولون والمعدة والرحم، وله عواقب غير مرغوب فيها على الخلايا السليمة، حيث يبدأ ساعي البريد (الحمض النووي الريب) الذي يرسل الإشارة لإنتاج لبنات الجسم (البروتينات) في تراكم الأخطاء وتتخذ الخلية مظهراً مختلفاً، بعيداً عن الشكل الطبيعي، والتي نسميها اللحمة المتوسطة والتي ترتبط بظهور ورم خبيث".
وأكمل: "عندما ندرس مرضى سرطان القولون في مراحل مبكرة، فإن الخلل اللاجيني للجين (TYW2) وفقدان النيوكليوتيد "Y" مرتبط بتلك الأورام، التي على الرغم من صغر حجمها تؤدي بالفعل إلى انخفاض بقاء هذا الشخص على قيد الحياة".
ولتوظيف نتائج الدراسة، يرغب إستيلر وفريقه البحثي الآن في استكشاف كيفية استعادة نشاط جين (TYW2) واستعادة المكون "Y" الضروري من أجل إغلاق دورة هذه القصة التي بدأت عام 1975، في فجر علم الأحياء الجزيئي الحديث.