دفعت الحرب الحوثية العبثية على مدار السنين المواطنين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات ثمنًا باهظًا، بسبب الإهمال المتعمد لصناعة أزمات حياتية في وجه السكان، خلافاً أنها المناطق الأكثر فشلًا في التعامل مع الأمطار، وذلك في ظل تهالك بُناها التحتية وضعف الخدمات الأساسية فيها.
ويمكن القول إنّ السيول التي أغرقت محافظة صنعاء، أظهرت الفشل الإداري الكبير الذي يتسم به الحوثيون، في وقت شهدت فيه ظروفًا مناخية تسببت في سقوط ضحايا وتدمير ممتلكات.
وحسب مصادر محلية تحدثت إلى (نيوزيمن) في وقت سابق، فقد ظهرت تشققات عدة على قواعد جسر مذبح بشارع الستين، إثر استمرار تسرب مياه سيول الأمطار إلى القواعد، وتحويل محيط الجسر إلى بحيرة مائية، محذرين من أن استمرار ذلك يهدد بانهيار الجسر الذي توقف العمل فيه منذ العام 2011م، ويأتي ذلك إثر إهمال ذراع إيران لترميم الجسور وتضررها من سيول الأمطار.
لا شيء أبشع من الصراعات وما تنتجه الحروب من مآس لا حد لها، وما تفرضه على المواطن من متاعب وفقر، وفي كل يوم يمر دون سلام يسقط العديد من المواطنين بين قتيل وجريح، أو في متاهات المتاعب الحياتية، فالحرب حولت الناس إلى مجرد أرقام في سجل المتناحرين المتاجرين بهم.
يقول أحمد صالح حسين -سائق تاكسي- لـ"نيوزيمن"، لا أحد يعاني كما نعاني نحن اليمنيين، وكأن القدر أختارنا لأجل العذاب والكد ونكد العيش.
تعرضت سيارة أحمد للغرق في شارع خولان في العاصمة صنعاء منذ عشرة أيام، وهي مصدر دخله الوحيد، لتضيف على كاهله هما جديدا، فيروي قائلاً: "رزقنا الله بالأمطار الغزيرة لنكتشف أن شوارعنا تحولت لمسابح، بداية العام 2020 كان هناك غرق لعدد من المناطق والأسواق خصوصاً الحثيلي والخفجي وسوق شميلة، وكانت مأساة كبيرة، وقلنا يمكن أن السلطات تفهم على نفسها وتقوم بواجبها ولو من خلال المنظمات الداعمة، وتقوم بتنظيف مجاري السيول وترميم الشوارع التي هي مصب للسيول وتعمل لها حلا، لكن "ما نفعل الله أدى لنا مطر غزير، ومسؤولين سرق بعدد قطرات المطر"، لنكتشف أنهم سرقوا حتى "الموطير والمضخات الخاصة ببعض الأنفاق التي تحولت إلى مسابح كبير".
ويضيف: قبل عشرة أيام وبعد ثماني ساعات من "الطابور" أمام محطة الغاز عبيت سيارتي وقلت اخرج أقصد الله، وأخذت مشوار إلى شارع خولان لنتفاجا بسيول كبيرة نازلة من نقم على شارع خولان، وتوقفت عدد من السيارات جراء السيول ومنها سيارتي، التي غمرها السيل، وتضررت "ماكينة السيارة" ويعلم الله أنها دخلي الوحيد وتكاليف شراء ماكينة تصل إلى نصف مليون ريال.
يتساءل أحمد قائلاً: هل لدينا حقوق إنسانية معترف بها لدى الحكام والحكومات المتعددة في بلادنا؟ هل يعرفون ما نعاني وما سببه لنا صراعهم وخلافهم، يعلم الله ما عدت أفكر في نفسي فقد شاهدت في هذه البلاد المر كله، ولكني أفكر في مصير أبنائي وكيف سيكون مستقبلهم ما دام هذا هو حاضرنا والمثل يقول "الزمن لا يأتي بأفضل".
من جانبه يروي عبدالله عزان ما تعرض له منزله بحارة السد في "نقم" ويقول، إن والدته اتصلت به الساعة السابعة والنصف مساءً وهي تبكي تطلب منه الحضور فوراً وتقول له: "البيت بيغرق يا عبدالله إلحقنا".
يقول عبدالله، وصلت البيت حدود الساعة التاسعة وتفاجأت بأن السيول قد أغرقت أغلب الحي ودخلت لعدد من المنازل ومنها منزلي، كنت خائف جداً على أمي وزوجتي وأطفالي فالماء دخل كل المنزل، ولكن خوفي هدأ عندما أخبروني أنه تم إخراجهم لمنزل أحد الجيران، ولم يصبهم شيء سوى بعض الكدمات بسبب سقوطهم أثناء محاولتهم إخراج الأطفال.
وتابع: "تعرضت كثير من المنازل لأضرار كبيرة ولم تصل أي فرق للدفاع المدني، "بالمفتوح لا أحد يسأل عن المواطن المسكين، هو غير مهم بالنسبة للحكومة، إن مات أو عاش، وقد قالوها علناً بدل ما تموت بالمرض أو فوق الفراش سر الجبهة، هؤلاء ما تهمهم حياة المواطن، يريدونه يموت بأي طريقة، هؤلاء حق فلوس ونهب وإتاوات وتبرعات لحقهم الجبهات ما هم حول المواطن والوطن".
هذا وأعلن المجلس المحلي بصنعاء، في وقت سابق، تضرر أكثر من 20 منزلاً وجرف أكثر من 25 سيارة جراء أمطارصنعاء.. أكد سكّان في صنعاء لـ(نيوزيمن)، أن أضرار الأمطار أكثر من ذلك، مشيرين إلى سقوط منازل عدة جزئيا وكليا في مديريات (آزال، شعوب، صنعاء القديمة، معين، الوحدة، والتحرير).
وبيّنت كارثة السيول في صنعاء، غياب قيادات المليشيات عن إيجاد حلول للأزمة، وعلى الرغم من استمرار المعاناة المتواصلة لسكان صنعاء من السيول، فشلت قيادات المليشيات ومشرفوها في إيجاد حلول للكارثة.
وحسب مصادر محلية وشهود عيان فقد تضررت (ملحقات الجامع الكبير بمدينة صنعاء القديمة، ومساجد الفليحي، الخراز، العلمي، النهرين، صلاح الدين، الطواشي، عقيل، الزمر، غمدان، المدرسة) فيما تعد حصيلة أولية لحصر المساجد المتضررة من الأمطار والإهمال في المدينة التي تضم داخل أسوارها 46 مسجدا موزعة على أحيائها.
هذا وانهار أكثر من 111 منزلاً أثرياً بشكل كلي وجزئي في صنعاء القديمة، إثر الأمطار الغزيرة والإهمال خلال السنوات الأخيرة، كما سببت الأمطار تشققات في معظم المباني الطينية في المدينة التي بنيت قبل آلاف السنيين، ونشر نيوزيمن فيديو موشن جرافيك، استعرض مؤشرات خطر الاندثار الذي يتهدد مدينة صنعاء القديمة، خلال 20 عاماً إذا انعدمت المعالجة.