القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تصنيف جماعة الحوثي في اليمن "إرهابية"، يعني أن التعامل معها بأي شكل، سواء ماليا أو بتوريد الأسلحة، أو تبادل التجهيزات والسلع، سيكون تحت طائلة العقوبات الأميركية.
ولقي القرار ترحيبا خليجيا، إذ اعتبرته الرياض "خطوة منسجمة مع مطالبات الحكومة الشرعية اليمنية بوضع حد لتجاوزات تلك الميليشيا المدعومة من إيران".
وقبل ذلك، رحبت الحكومة اليمنية بالقرار، الذي يأتي في وقت تصعد فيه الجماعة من هجماتها في الينت وخارجه.
وقال بومبيو إن وزارة الخارجية ستخطر الكونغرس بنيتها تصنيف جماعة الحوثي اليمنية، الموالية لإيران، منظمة إرهابية أجنبية.
وأضاف في بيان قوله: "أعتزم أيضا إدراج ثلاثة من قادة أنصار الله (حركة الحوثي) وهم عبد الملك الحوثي، وعبد الخالق بدر الدين الحوثي، وعبد الله يحيى الحكيم على قائمة الإرهابيين الدوليين".
ويقول الكتاب والمحلل السياسي البحريني، عبد الله الجنيد، لموقع "الحرة" إن "كل ما تقدم عليه الولايات المتحدة عبر وزارة خارجيتها من قرارات تمس ملفات ذات علاقة بالأمن وإعادة الاستقرار لعموم منطقة الشرق الأوسط، تأتي ضمن تفاهمات استراتيجية (تصفير الملفات) المتفق عليها مع حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".
وأضاف أن القرار الأميركي يأتي "ضمن ذلك السياق، فالحوثي يرفض الانخراط بشكل جاد في العملية السياسية اليمنية، ويمارس أعمال عدائية تجاه دول جوارها وأمن الملاحة في البحر الأحمر ويمتد لبحر العرب. ذلك السلوك غير مقبول، ولا يمكن القبول به أمر واقع أكان ضمن رؤية الحوثي او بالنيابة عن إيران".
وأوضح الجنيد ايضا أن هذا "التصنيف يأتي في هذا التوقيت بما يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة، وكذلك مدخلا لحسم الأزمة اليمنية".
وقال الكاتب والصحفي الإماراتي، محمد الحمادي، لموقع "الحرة" إن "القرار مهم جدا وإن جاء متأخرا كثيرا، ومن شأنه أن يصحح المسار في الأزمة اليمنية"، مضيفا أن "الجميع أدرك بعد كل الضحايا الذين سقطوا أن الحوثي غير جاد في الانتقال إلى السلام، وهو يقوم بالتخريب في اليمن خدمة لأجندة خارجية واضحة".
واتهم الحمادي إيران بتحريك المجموعة اليمنية، والتأثير عليها، مؤكدا أن خطوة واشنطن يجب أن يتبعها خطوات أوروبية ودولية، لأنه لم يعد هناك مجال للشك بأن الحوثي يشكل خطرا على اليمن، وكذلك على الأمن والسلام في العالم".
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي، وتصاعد في مارس 2015 مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة.
التوقيت
ويعتقد مسؤولون يمنيون سابقون أن قرار الولايات المتحدة جاء بصيغة وتوقيت مثيرين للتساؤلات، مما قد يضعف تأثيره.
وقال وكيل وزارة الخارجية اليمنية السابق مصطفى أحمد نعمان لموقع "الحرة" إن "القرار (لم يصدر) برغبة التنفيذ، وإلا كان من الممكن إصداره بأمر تنفيذي"، مضيفا أن "الحوثي لن يتأثر به في كل الأحوال" حسب رأيه.
وتساءل نعمان "لا شك أن الحوثي ارتكب جرائم تستحق العقاب، ولكن لماذا الآن؟ ما هو الضرر الذي سيلحق بجماعة الحوثي؟ وكيف ستكون التسوية التي طالب بها بومبيو؟".
ووصف نعمان، الذي عمل وكيلا لوزارة الخارجية اليمنية توقيت القرار الأميركي بـ"الغامض".
مع هذا، أشادت جهات يمنية مناوئة للحوثيين بنية الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وقالوا إن التوقيت يضمن أن تسير الإدارة الأميركية الجديدة في نفس المسار الذي يضغط على الجماعات المرتبطة بإيران.
وقال المحلل السياسي اليمني، محمد السلوم، لموقع "الحرة" إن "التوقيت مهم للغاية، لإن الإدارة الجديدة لن تستطيع التراجع عن القرار في حال صدوره بدون أن يكون عليها تبرير أسباب التراجع للرأي العام الأميركي ولحلفائها في الشرق الأوسط".
ويقول السلوم إن "القرار مع هذا سيعقد في حال تنفيذه من الوضع الإنساني في اليمن، لأنه سيمنع المنظمات الدولية من التعامل مع الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات واسعة من البلاد"، مضيفا "مع هذا يجب زيادة الضغط على الحوثيين للوصول إلى حل للأزمة المستمرة منذ سنوات.
ويضيف السلوم "رغم أن القرار يصب في مصلحة السياسة الخليجية المناوئة للحوثيين، وقد يكون هدية جاءت في نهاية إدارة ترامب للحلفاء في المنطقة إلا أن تأثيراته في اليمن ستكون أكبر".
وتمثل جماعة الحوثي، المعروفة أيضا باسم أنصار الله، سلطة الأمر الواقع في شمال اليمن، ويتعين على وكالات الإغاثة العمل معها لتقديم المساعدة. كما يأتي موظفو الإغاثة والإمدادات عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة الخاضعين لسيطرة الحوثيين.
وفي هذا الصدد، أشار بومبيو إلى وجود خطة لتقليل تأثير التصنيف على بعض النشاط الإنساني والواردات إلى اليمن، حيث يخشى دبلوماسيون وجماعات إغاثة أن تُعقد هذه الخطوة جهود مكافحة أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وكان مصدر مطلع قال لرويترز إن إدارة ترامب وضعت "مخصصات" معينة للسماح باستمرار إيصال الإمدادات الإنسانية إلى اليمن.
وتقول الأمم المتحدة إن اليمن يعيش أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 80 في المئة من السكان إلى المساعدة. وحذر كبار مسؤولي الأمم المتحدة من أن ملايين الأشخاص يواجهون المجاعة، وأن ثمة حاجة لمزيد من الأموال لتقديم المساعدات.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان إن "الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية، ليس فقط لأعمالهم الإرهابية ولكن أيضا لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم".