خط دفاع أميركي عميق عن الخليج على ساحل البحر الأحمر تحسبا لما بعد هجوم أبقيق.. الحرب قادمة
الخميس 28 يناير 2021 الساعة 16:49
العرب

أرسلت الولايات المتحدة واحدة من أخطر الرسائل الإستراتيجية في منطقة الخليج بعد أن أكد الجيش الأميركي أنه يدرس إمكانية استخدام ميناء على البحر الأحمر في السعودية ومطارين جويين إضافيين في المملكة وسط تصاعد التوترات مع إيران.
 
وقال مراقبون إن الإستراتيجية الأميركية الجديدة تشير إلى احتمالين خطيرين في آن: أن الولايات المتحدة تقيم “خطا دفاعيا عميقا ثانيا” عن منطقة الخليج بعيدا عن مرمى النيران الإيرانية المباشر؛ وأن واشنطن تعتبر أن الدفاعات والترتيبات العسكرية الموجودة حاليا على الجانب الشرقي من السعودية، وتشمل منطقة الخليج عموما، غير كافية للتصدي لهجوم إيراني واسع على شاكلة ما حدث حين استهدفت صواريخ كروز ومسيّرات منشآت أبقيق النفطية في السعودية.
 
وبينما وصف الجيش الأميركي العمل بأنه “تخطيط طارئ”، قال إنه اختبر تفريغ البضائع وشحنها برا من ميناء ينبع السعودي بالفعل، وهي محطة مهمة لخطوط أنابيب النفط في المملكة.
 
ومن شأن استخدام ينبع، والقواعد الجوية في تبوك والطائف على طول البحر الأحمر، أن يمنح الجيش الأميركي المزيد من الخيارات على طول ممر مائي حاسم تعرض لهجوم متزايد يشتبه في أنه من المتمردين الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران، لكنه يبقى أكثر مرونة وأمنا من الخليج وخليج عمان.
 
وستفهم إيران الرسالة الأميركية على وجهتين؛ فمن جهة تدرك طهران أن خيار ترك واشنطن لها التحكم بأمن الخليج وفقا لصراعها السياسي مع الغرب غير وارد. لكنها من جهة ثانية ستفهم أن استعراض القوة الذي تمارسه من خلال الحوثيين غيّر معطيات التوازن الذي كان قائما مع القوات الأميركية ودول المنطقة.
 
وتواصل إيران تزويد الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات، ويعمل الحوثيون على استعراض قوتهم بالإصرار على إرسال الصواريخ والمسيّرات إلى سماء الرياض وتهديد أمن العاصمة السعودية، للتذكير بأن أي حرب مع إيران ستكون مكلفة.
 
وقال العقيد بيل أوربان، وهو المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، إن تقييم المواقع مستمر منذ أكثر من سنة، بسبب هجوم سبتمبر 2019 الذي كان بطائرات مسيرة وصواريخ كروز واستهدف قلب صناعة النفط السعودية.
 
وألقت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة باللوم على إيران في الهجوم، الذي أدى إلى خفض إنتاج النفط السعودي إلى النصف مؤقتا وسبب ارتفاعا في أسعار النفط. ونفت طهران تورطها وتبنّى الحوثيون الهجوم، رغم أن الطائرات المسيرة المعنية تبدو إيرانية الصنع.
 
وأضاف أوربان أن هذه تدابير تخطيط عسكري تسمح بالوصول المؤقت أو المشروط إلى المنشآت في حالة الطوارئ، وهي ليست استفزازية بأي شكل من الأشكال، كما أنها ليست توسعا لبصمة الولايات المتحدة في المنطقة عامة، أو في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
 
وزار الجنرال في مشاة البحرية فرانك ماكنزي، الذي يرأس القيادة المركزية الأميركية، ينبع يوم الاثنين. وأبلغ موقع “ديفينس ون” و”وول ستريت جورنال”عن التخطيط الأميركي بينما لم يرد مسؤولون سعوديون على طلب للتعليق. وقال أوربان إن السعودية دفعت بالفعل مقابل التحسينات في المواقع وتفكر في المزيد.
 
وتعد تبوك موطنا لقاعدة الملك فيصل الجوية، وتحتضن الطائف قاعدة الملك فهد الجوية. كما تبقى دول الخليج مكانا لمجموعة واسعة من القواعد العسكرية الأميركية، وهي امتداد لحرب الخليج في 1991 التي شهدت طرد القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة للعراق من الكويت، وغزو أفغانستان في 2001 وغزو العراق في 2003.
 
وسحبت أميركا قواتها من السعودية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وكان أسامة بن لادن قد اتخذ من هذا الانتشار مبررا لهجماته التي استهدفت الولايات المتحدة.
 
كما تتمتع القيادة المركزية الأميركية بمقر في قطر بالإضافة إلى تواجد واسع في قاعدة العديد. ويعمل الأسطول الخامس للبحرية الأميركية من البحرين قبالة ساحل السعودية. وتستضيف الكويت مقر القيادة المتقدم للقيادة المركزية، بينما يتواجد في الإمارات العربية المتحدة طيارون وبحارة أميركيون.
 
وتبدو إضافة هذه المواقع السعودية جزءا مما وصفه ماكنزي للكونغرس الأميركي باسم “شبكة الاستدامة الغربية”، وهو نظام لوجستي جديد مصمم لتجنب نقاط الاختناق البحرية، كما أشارت بيكا واسر، الزميلة في مركز “نيو أميركان سيكيورتي” الذي مقره في واشنطن، وأن هذه المواقع التي لن تكون فيها قوات دائمة ستسمح للأميركيين بخفض وجودهم من خلال المرونة التي تمنحها.
 
وأضافت “إذا كنا نحاول بلوغ وضع مرن لا نكون مقيدين بقواعد دائمة فيه، فسنحتاج إلى دعمه بشبكة لوجستية يمكنها أن تضمن تدفق الأشخاص والأسلحة حسب الحاجة”.
 
وتعدّ خطط الطوارئ هذه موجودة في الشرق الأوسط بالفعل، وهي جزء من تفاهمات واتفاقيات تمنح القوات الأميركية حق استخدام القواعد في عمان في ظل ظروف معينة. لكن الساحل السعودي الغربي يوفر مسافة تفصل عن إيران، التي استثمرت بكثافة في مسألة الصواريخ الباليستية بعد أن أدت العقوبات إلى حرمانها من مبيعات الأسلحة العالمية.
 
ونُقل عن ماكنزي قوله للصحافيين في ينبع إن الخليج سيكون منطقة متنازعا عليها في ظل أي سيناريو للنزاع المسلح مع إيران. لذلك “تنظر إلى الأماكن التي ستنقل فيها قواتك عند دخولها المسرح من هذا المنظور”.

متعلقات