مصالحة سعودية إماراتية مُتوقعة مع تركيا… ماذا عن النقاط الخلافية؟
الخميس 4 فبراير 2021 الساعة 20:45
رصيف 22

في خطوة تمهد لمصالحة إقليمية جديدة، تفيد تقارير غربية أن السعودية والإمارات تواصلتا مع تركيا من أجل تسوية خلافاتهم، من دون إشارة إلى وجود انخراط مصري في هذا التقارب.

أشار تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في الثالث من شباط/فبراير الحالي، إلى أن الرياض وأبو ظبي أبدتا رغبة في تحسين العلاقات مع أنقرة، من دون الخوض في ملامح المصالحة المرتقبة، لكن يبدو أنها ستكون على غرار الاتفاق مع قطر.

وبحسب الوكالة، تُعد هذه البادرة جزءاً من نغمة أكثر واقعية وتصالحية في الخليج في الوقت الحالي، إذ كشفت الإمارات عن استراتيجية لإنهاء الأزمات باعتبارها جزءاً من رؤيتها لعالم ما بعد وباء كورونا.

التقارب مع تركيا
وفقًا لأشخاص مطلعين على الاستراتيجية، فإن الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية إقامة علاقات أفضل مع تركيا، وذلك بما يخدم التجارة والأمن في المنطقة المضطربة.

ورجح تقرير "بلومبيرغ" الذي كتبه كل من فرات قزق وزينب فتاح وسيلفيا ويستال أن تكون هذه التحركات مؤقتة بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد والصراع الدائر على النفوذ، إذ من المحتمل أن تتعارض مع إصرار الثنائي الخليجي على أن توقف تركيا دعمها لجماعة الإخوان المسلمين التي يصفونها بأنها إرهابية بينما تعتبرها أنقرة حركة شعبية.

ومع ذلك، يمكن أن يخفف التقدم المحدود من حدة الخلافات حول القضايا الإقليمية الأوسع.

ويتزامن هذا التواصل -الذي يحدث سراً وعلناً- مع إعادة تنشيط السياسة الخارجية في كل من الخليج وواشنطن، حيث أنهت السعودية والإمارات مؤخراً خلافاً مع حليف تركيا وهو قطر، بشأن مواضيع تشبه نزاعهما مع أنقرة.

من جانبه، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وتواجه كل من تركيا والإمارات والسعودية ضغوطاً صارمة من الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن بسبب الحرب في اليمن وأوضاع حقوق الإنسان.

وفي الشهر الماضي، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش إن على تركيا "إعادة تقويم علاقاتها مع الدول العربية". 

وقال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، من جهته، إن أنقرة كانت تتحدث مباشرة مع دولتي الخليج، لكنهما رفضتا فكرة التوصل إلى اتفاق سريع، قائلاً إن على الإمارات التخلي عن السياسات التي تتعارض مع مصالح تركيا.

وقال ياسين أقطاي، وهو مستشار أردوغان وعضو حزب "العدالة والتنمية" الحاكم: "لن تغلق تركيا أبوابها أمام الأشخاص الذين يفرون من عقوبة الإعدام المحتملة".

التخلي عن الإخوان
تفاقمت الخلافات بين الطرفين بحلول عام 2013، حيث دعمت أبو ظبي والرياض الرئيس عبد الفتاح السيسي للإطاحة بالرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي الذي دعمته أنقرة، بينما فرّ العديد من قادة الإخوان إلى تركيا.

ووصف شخص مطلع على الموقف الخليجي للوكالة الأمريكية عملية التواصل بأنها في مراحلها الأولى. وأضاف المصدر الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته أن قضية الإخوان محورية بالنسبة لمخاوف الخليج وللحليف المقرب مصر.

من جانبها، غرّدت الناشطة المصرية داليا زيادة: "تفكر كبرى دول الخليج في إحياء العلاقات التجارية والأمنية مع تركيا. بينما لا تزال مصر تدير ظهرها لأنقرة، وترفض الاستجابة لنداءات تركيا لإنهاء هذا الخلاف السياسي المستمر منذ سبع سنوات".

وأضافت بسؤال ساخر يعكس تساؤلات المصريين عن تبني حلفاء القاهرة مساراً منفرداً: "ها يا مصر؟".


ويقول المسؤولون الأتراك إنه لم يكن هناك تواصل مباشر أو غير مباشر من أبو ظبي والرياض يتضمن مطالب بتغيير السياسة تجاه الإخوان، لكنهم يدركون أن ذلك يمثل أولوية لدول الخليج حتى لو كان هناك مجال ضئيل للدبلوماسية في هذا الشأن. 

كذلك توجد مواقف متباينة جداً بشأن قضايا أخرى، فهناك اتهامات متبادلة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. واصطف طرفا النزاع إلى جانب الأطراف المتصارعة في الحرب الليبية، إذ دعمت أنقرة حكومة الوفاق في طرابلس في حربها ضد قوات الجنرال خليفة حفتر المدعوم من الإمارات والسعودية.

كذلك تتهم الرياض وأبو ظبي أنقرة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية سواء في سوريا أو العراق، وبادرت الدولتان الخليجيتان إلى مساندة اليونان في خلافها حول بحث تركيا عن الطاقة في المياه المتنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط.

قضية خاشقجي
من أهم نقاط الخلاف الأخرى هي تحقيق تركيا المستمر في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي عام 2018 في قنصلية المملكة في إسطنبول.

وتعد قضية خاشقجي أحد أهم أسباب التوتر بين السعودية وإدارة بايدن. وفي الوقت ذاته، فإن لأردوغان علاقات متوترة أيضاً مع الرئيس الأمريكي بعدما صرح في لقاء خلال حملته الإنتخابية بأنه سيدعم المعارضة المحلية لإسقاط الرئيس التركي.

وقال المحاضر في "كينغز كوليدج" في لندن أندرياس كريغ: "ستستمر الخلافات الأيديولوجية وستستمر النزاعات"، مشيراً إلى أن الرياض وأنقرة يمكن أن تعملا معاً على بناء صناعة الدفاع السعودية، خاصة الطائرات من دون طيار وغيرها من الأسلحة.

وأشار كريغ إلى وجود ضغوط محلية في تركيا بسبب وباء كورونا والتمدد العسكري في الخارج ومشاكل مع الاتحاد الأوروبي، يحتاج أردوغان إلى تقديم تنازلات ولا يمكنه اختيار أن يكون لديه المزيد من الأعداء.

التجارة والرحلات الجوية
يُعد سوق التصدير من أهم أوراق المساومة القوية في النزاع، إذ تمثل الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في الشرق الأوسط بعد العراق، حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية حوالي 8 مليارات دولار، عام 2019. وتُصدر تركيا مجموعة واسعة من السلع إلى موانئ في أبو ظبي، من الأحجار الكريمة إلى قطع غيار الطائرات.

أما السعودية التي تزود تركيا بالنفط والمواد الكيميائية فتعد واحدة من أكبر أسواقها الإقليمية على الرغم من تراجع الصادرات بسبب حملات المقاطعة الشعبية للبضائع التركية، والتي أطلقها أشخاص مقربون من ولي العهد محمد بن سلمان. واشتكى رجال أعمال أتراك في العام الماضي من أن السلطات السعودية كثفت جهودها لمنع الواردات التركية.

وقال مسؤول تركي إن تركيا والإمارات ناقشتا إزالة الحواجز والعوائق أمام حركة التجارة بين البلدين، مضيفاً أن المباحثات والمبادرات الجارية شجعت على إصدار القرار الأخير باستئناف الرحلات الجوية بين عاصمتي البلدين التي أوقفها الوباء.

وغرّد الباحث في مركز السياسات الخارجية في جامعة "أكسفورد" البريطانية إمري كاليسكان قائلاً: "من المرجح أن يقوم الجانبان أولاً بتحسين العلاقات التجارية، قبل أي تعاون أوسع. ومن المرجح أن تدفع العودة المحتملة للاتفاق النووي كل من السعودية والإمارات وتركيا للتقترب أكثر لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط".

ولفت إلى أن منح رخصة استثمار لشركة "أرامكو" السعودية في تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، واستحواذ الصندوق السيادي السعودي على مطاعم "ماكدونالدز" التركي بموافقة أنقرة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، هما مؤشران واضحان على صحة كلامه.

وقال الباحث السياسي: "بالنسبة للسعودية، فإن الإخوان المسلمين هي قضية ثانوية لأن حزب الإصلاح اليمني المحسوب على الجماعة لديه علاقات عمل مع الرياض".

متعلقات