الرابع و العشرون من أغسطس، عام إثنان وثمانون من القرن المنصرم، يُعدُ محطة فارقة في تاريخ اليمن المعاصر، محطة تؤرخ لإعلان حزب المؤتمر الشعبي العام، بعد جولات من الحوار السياسي الشاق بين مختلف القوى السياسية، التي تمارس الحزبية سرًا في شمال اليمن، محطة عنوانها الحوار و التبادل السلمي للسلطة عوضًا عن الانقلابات.
مبدأ تجلي بكل معانيه في الخامس من يوليو عام 1988م في أول انتخابات برلمانية، تنافس فيها الف وثلاثمائة مرشحًا على مائة وثمانية وعشرين مقعدًا، يضاف إليهم واحد و ثلاثين عضوًا تم تعينهم من قبل رئيس الجمهورية، ليصل العدد إلي مائة وتسعة وخمسين عضوًا، يشكلون قوام مجلس الشورى الذي يعد اللبنة الاولي لحزب المؤتمر الشعبي العام.
و عند إعادة تحقيق الوحدة اليمنية و إعلان الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م، المنجز التاريخي، يُعدُ ثمرة لحوارات دراماتيكية، خاضها المؤتمر الشعبي العام، الحزب الحاكم في شمال اليمن، برئاسة الأمين العام الأخ علي عبدالله صالح، مع نظيره الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب، برئاسة الأمين العام الأخ علي سالم البيض.
منجز سيظل شاهدًا على أول برلمان عرفته الامة اليمنية، أُطلق عليه مجلس النواب للفترة الانتقالية ضم تحت قبته اعضاء مجلس الشعب الأعلى في الجنوب، و مجلس الشورى في الشمال.
في أغسطس 1992م، تم تشكيل أول لجنة عليا للانتخابات، ويناط بهذه اللجنة إدارة و إعداد و تجهيز أول انتخابات تجري في اليمن بعد الوحدة المباركة، و تكونت من سبعة عشر مقعدًا, يمثلون بعض القوي السياسية العاملة في الساحة، منها سته مقاعد كانت من صيب حزب المؤتمر الشعبي العام، و الحزب الاشتراكي اليمني, و إحدى عشر مقعدًا يمثلون مختلف التنظيمات و الأحزاب السياسية; و ذلك من أجل ضمان نزاهة الانتخابات و التنفيذ السليم لقانونها و تجسيد النهج الديمقراطي بصدق و موضوعية، تتناسب مع مقتضيات التجربة الأولي.
و يُلاحظ من تشكيل هذه اللجنة أنها ضمت في عضويتها إمرأة واحدة، و هذه الخطوة أكسبت اليمن احترام وتقدير الهيئات و الدول المهتمة بالعملية الديمقراطية، و تم الإشادة بها باعتبارها أول خطوة من نوعها في تاريخ العمل السياسي و الديمقراطي تخطوها اليمن ولم تصل إليها العديد من الدول، التي سبقتها في العملية الانتخابية و الديمقراطية.
الانتخابات النيابية الأولي:
تنافس في أول انتخابات حرة مباشرة من الشعب، نيابية في 27 أبريل 1993م، (22) حزبًا و تنظيمًا سياسيًا، قدمت جميعها (1215) مرشحًا، بينهم (17) إمرأة, في حين بلغ عدد المرشحين المستقلين (1966) مرشحًا،بينهم (24) إمرأة على (301) مقعدًا في البرلمان.
و كان عدد الناخبين، الذين أدلوا بأصواتهم، قد وصل إلى 2,271,185 ناخبًا و ناخبة من إجمالي 2,688,323. و قد أسفرت النتائج في تلك الانتخابات عن حصول ثمانية أحزاب فقط في التمثيل في مجلس النواب، هي المؤتمر الشعبي العام، و حصل على مائه و ثلاثة و عشرين مقعدًا ،بمعدل 41%، و التجمع اليمني للإصلاح، حصل على ثلاثة و ستون مقعدًا، بمعدل 21%، والحزب الاشتراكي اليمني، سته و خمسون مقعدًا، بمعدل 19%.. أما حزب البعث العربي الاشتراكي فقد حصل على سبعه مقاعد بنسبه 2,2% ،و حزب الحق، مقعدين بمعدل 0,66%، و مقعد واحد بمعدل 0,33% لكل من التنظيم الوحدوي الناصري و تنظيم التصحيح الناصري و الحزب الناصري الديمقراطي، و ثمانية و أربعين مقعدًا للمستقلين، بمعدل 16%.
و بعد اعلان النتائج، تلقت اللجنة العليا للانتخابات رساله من الاتحاد الأوربي، تؤكّد فيها، بأنها أول انتخابات حقيقيه تُجرى في المنطقة.
الانتخابات النيابية الثانية:
الانتخابات النيابية الثانية عام 1997م، اختلفت عن سابقاتها من حيث الاستعدادات و التحضيرات السابقة للاقتراع و من استحداث الرموز الانتخابية، و جاءت هذه الانتخابات معبره عن ترجمه حيه و موضوعيه لتنامي فلسفه العمل الديمقراطي و ممارساته في اطار تجاربها السابقة، التي أغنت مساحه العمل الوطني بمزيد من الفهم و الاستيعاب لمدلولات المشاركة الشعبية الواسعة، حيث بلغ عدد المسجلين في السجل الانتخابي 4,637,701 ناخبًا و ناخبة.
و كان عدد الذين أدلوا بأصواتهم 2,827,369 ناخبًا وناخبة، ليتم إختيار من يمثلهم للبرلمان من المرشحين الذين مثلوا مختلف الأحزاب و التنظيمات السياسية و المستقلين، بينما أدت نتائج انتخابات 1997م ،التي قاطعها الحزب الاشتراكي اليمني و أحزاب اخري حليفه له، منها حزب رابطه أبناء اليمن (راي) و التجمع الوحدوي اليمني, و إتحاد القوي الشعبية، بعد دحر الانفصال في عام اربعه وتسعون الى حصر التمثيل البرلماني في اربعه أحزاب، هي المؤتمر الشعبي العام، و حصل على مائه و تسعه وثمانون مقعدًا بنسبه 62,5%، و حزب التجمع اليمني للإصلاح و حصل على ثلاثة وخمسون مقعدًا، بنسبه 17,07% ،و التنظيم الوحدوي الناصري، ثلاثة مقاعد بنسبه 1%، و حزب البعث العربي الاشتراكي، مقعدان بنسبه 0,6%،و أربعه و خمسون للمستقلين بنسبه 18% بعد ست سنوات.
الانتخابات النيابية الثالثة:
جرت الانتخابات النيابية الثالثة عام 2003م، في ظل إهتمام محلي و دولي مختلف عن الانتخابات السابقة، و بمشاركة واسعه للمراقبين، والذين يزيد عددهم عن اربعه و عشرون الف مراقب، ينتمون الى منظمه غير حكومية و أحزاب، بالإضافة الى عرب و أجانب..
و كان عدد الأحزاب و التنظيمات السياسية المتواجدة على الخارطة السياسية، يتنافسون على (301) مقعدًا نيابيًا.. كان هناك (149) نائبًا جديدًا، يدخلون البرلمان لأول مرة، و سبعون نائبًا احتفظوا بمقاعدهم من عام 1993م، أي طيلة الدورات البرلمانية الثلاث، بينما ظل سبعون عضوّا محتفظين بمقاعدهم، منذ عام 1997م.. كان هناك (11) نائبًا قد استعادوا مقاعدهم في هذه الانتخابات، بعد هزيمتهم في انتخابات 1997م.
تقدم للتنافس (1396) مرشحًا، منهم (991) مرشحًا، يمثلون (21) حزبًا و تنظيمًا سياسياً إلى جانب المرشحين المستقلين و عددهم (405) مرشحًا..
بلغ عدد المشاركين في الانتخابات و الذين ادلوا بأصواتهم 6,201,254 ناخبًا وناخبة منهم 3,441,182 ذكور و 2,540,072 إناث. أفرزت النتائج النهائية، حصول المؤتمر الشعبي العام على (229) مقعدًا بنسبه (76,8%)، التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان) المسلمين في اليمن (45) مقعدًا بنسبه (14,95%) ,الحزب الاشتراكي اليمني (7) مقاعد بنسبه (2,33%), التنظيم الوحدوي الناصري (3) مقاعد بنسبه (1%), البعث العربي الاشتراكي, مقعدين بتسبة ( 0,66%). الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مزكي من المؤتمر, و الإصلاح( 1) مقعد بنسبه 0,33%, المستقلون (14) مقعدًا بنسبه 14,65%. و من خلال ذلك، يتبين بأن حزب المؤتمر الشعبي العام حصل على 3,465,116 صوتًا، و يليه التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) في اليمن بــ 1,349,485 صوتًا، ثم الحزب الاشتراكي اليمني بـ 291,541 صوتًا ،و التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بـ 109,714 صوتًا .
من خلال النتائج السابقة، نري أن المؤتمر الشعبي العام، فاز بأغلبية ساحقه، في نفس الوقت، الذي تراجع فيه رصيد حزب الإخوان المسلمين في اليمن، و أحزاب اخري.
إن العملية الديمقراطية والانتخابات تعتبر هي مقياس و مقدار كل حزب و تنظيم سياسي من خلال التمثيل في البرلمان، و حسب تلك الانتخابات السابقة، النيابية في دولة الوحدة، يُعدُ حزب المؤتمر الشعبي العام، هو الحزب القوى في الساحة السياسية حضورًا بين الجماهير .
المجالس المحلية:
انتخابات المجالس المحلية، استكمالًا لأطر البنى الديمقراطية لنظمِ الدولة اليمنية الحديثة، بقصد بلوغ اقصى المشاركة الشعبية الجماهيرية في الحكم والتخطيط للبني الأساسية للدولة، بعد أن بلغت الديمقراطية شأنًا عظيمًاً في بلورة سياسات عقد كامل من تاريخ الوحدة.
جرت دورتان انتخابيتان للمجالس المحلية، الأولي كانت في عشرين فبراير الفين و واحد، و الثانية في عشرين سبتمبر الفين وسته.
و كانت في جميع انحاء الجمهورية و على مستوي أصغر التقسيمات الإدارية على طريق توسع المشاركة الشعبية، و تعميق الممارسات الديمقراطية، التي غرس بذورها الأولي "الميثاقُ الوطني" و أداته السياسية الفاعلة "حزب المؤتمر الشعبي العام".
يُنظر إلى هذه الانتخابات، ايضاً، على أنها خطوة مهمه و جادة على طريق التحول نحو اللامركزية الإدارية.
انتخابات المجالس المحلية الأولي:
كان عدد الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي، خمسه ملايين و خمس مائه و واحد وتسعون الفًا و اربع مائه وثمانية عشر، ناخبًا و ناخبة.
بلغ عدد المرشحين الاف وثمان مائه وثمان وستون مرشحًا للمجالس المحلية للمحافظات، و احد و عشرون ألفًا و تسعمائة و أربعة وعشرون مرشحًا للمديريات، بينهم مائة وثمانية نساء، و كان هذا العدد يتنافس على سته آلاف و سبعمائة مقعدًا، منها أربعمائة و سبعه عشر مقعداً مجلس محلي للمحافظات، و سته آلاف و مائتين و ثلاثة و ثمانين مقعدًا مجلس محلي للمديريات.
تنافس إثنان وعشرون حزبًا وتنظيمًا سياسيًا في هذه الانتخابات، و لم تمثل في المجالس المحلية للمحافظات، سوي ثلاثة أحزاب فقط هي:
المؤتمر الشعبي العام، حصل على مائتين و أربعه وثمانين مقعدًا،
التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن) خمسه و ثمانين مقعدًا..
الحزب الإشتراكي اليمني حصل على سته عشر مقعدًا..
حصل المستقلون على إثنين وثلاثون مقعدًا ، بينما مثلت تسعه أحزاب في المجالس المحلية للمديريات، و حصل فيها ،المؤتمر الشعبي العام على ثلاثة آلاف و ثمانمائه و سبعه مقاعد..
التجمعُ اليمني للإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن). الاف واربعمائة و تسعه و أربعين مقعدًا.. الحزب الإشتراكي اليمني، مائتين وتسعه عشر مقعدًا.. التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، ثمانية وعشرين مقعدًا..
حزب البعث العربي الإشتراكي، سبعه مقاعد. .الجبهة الوطنية، أربعة مقاعد.
حزب الحق مقعدًا واحدًا. .حزب التحريرِ الشعبي، مقعدًا واحدًا، و حصل المستقلون على سبعمائة و خمسة و ستون مقعدًا.
انتخابات المجالس المحلية الثانية:
أما الانتخابات الثانية لمجالس السلطة المحلية للمحافظات و المديريات، التي أجريت في 20 من سبتمبر عام 2006م، فقد شاركت فيها كل القوي السياسية، و بلغ عدد المتنافسين على المجالس المحلية للمحافظات، تسعمائة و إثنين وخمسون مرشحًا، و تنافس فيها عشره آلاف وستمائة وسبعه وخمسين مرشحاً للمجالس المحلية للمديريات، و أسفرت النتائج النهائية.
لانتخابات المجالس المحلية للمحافظات على النحو التالي:
أولًا، حزب المؤتمر الشعبي العام، حصل على ثلاثمائة و خمسه عشر مقعدًا، بنسبة أربعة و سبعون، فاصل إثنا عشر في المائة. يليه التجمع اليمني للإصلاح، و حصل على ثمانية وعشرين مقعدًا، بنسبة سته فاصل تسعه وخمسون في المائة. .فيما حصل المستقلون على عشرين مقعدًا، بنسبة أربعه فاصل واحد وسبعون في المائة..
اما الحزب الإشتراكي اليمني،فقد حصل على عشرة مقاعد، بنسبة إثنين فاصل خمسه و ثلاثون في المائة.
الحزب القومي الإجتماعي، حصل على مقعد واحد.
واسفرت النتائج لانتخابات المجالسِ المحلية للمديريات كما يلي:
المؤتمر الشعبي العام حصل على خمسه آلاف و ثمانية و سبعون مقعدًا، بنسبة ثلاثة و سبعون فاصل خمسه و سبعين في المائة.
التجمع اليمني للإصلاح حصل على سبعمائة و أربعه و سبعون، بنسبة أحدى عشر فاصل خمسون في المائة.
الحزب الاشتراكي اليمني حصل على مائه و واحد و سبعون مقعدًا، بنسبة إثنين فاصل ثمانية و أربعون في المائة.
المستقلون حصلوا على خمسمائه و واحد وسبعين مقعدًا، بنسبة ثمانية فاصل سبعة و عشرين في المائة.
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حصل على سته و عشرين مقعدًا بنسبة صفر فاصل ثمانية و ثلاثون في المائة، و إتحاد القوى الشعبية حصل على ثمانية مقاعد بنسبة صفر فاصل اثنا عشر في المائة.
مقعدين للبعث القومي بنسبة صفر فاصل صفر ثلاثة في المائة.
مقعد واحد لكلِ من حزب الحق، و الإتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية و البعث العربي.
انتخابات رئيس السلطة المحلية في المحافظات الأولي:
انتقلت اليمن إلى مرحلة ديمقراطية جديدة من خلال انتخابات رئيس السلطة المحلية في المحافظات، التي أُجريت في السابعِ عشر من مايو الفين و ثمانية، الدورة الأولي لانتخاب امين العاصمة و محافظي المحافظات في عموم الجمهورية، تأتي هذه الانتخابات وفقًا لقانون السلطة المحلية، الذي حدد كيفية و آلية ومواعيد انتخاب المحافظين، باعتبارهم رؤوساء للسلطات المحلية، و يتم انتخابهم من قبل الهيئات الناخبة، أعضاء المجالس المحلية في المحافظات و المديريات بصورة ديمقراطية من خلال الاقتراع السري.. و تُعدُ هذه الانتخابات تجربة تنفرد بها بلادنا إقليميًا، فهي تجسيد وتكريس حي للنهج الديمقراطي الذي تنعم به اليمن.
بلغ عدد المرشحين المتقدمين، المقبولين، تسعه و ثلاثين مرشحًا في أمانة العاصمة و محافظات الجمهورية، يتنافسون على إثنين و عشرين مقعدًا، و فاز حزب المؤتمرِ الشعبي العام بكل المقاعد الانتخابية.
كتب/محمد ياسين