نشر البنك المركزي اليمني اليوم الثلاثاء 7 مايو/أيار المبررات التي دفعته لإصدار قرار بإلزام كافة البنوك التجارية والإسلامية بنقل مراكز عملياتها من صنعاء إلى مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد.
وأصدر البنك المركزي اليمني في 2 أبريل/ نيسان الماضي قراراً بإلزام “البنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر بنقل مقراتها الرئيسية” من صنعاء إلى مدينة عدن خلال فترة أقصاها 60 يومًا.
وسرد البنك المركزي اليمني مبررات كثيرة دفعته لاتخاذ القرار قال إنها نتيجة لـ”سلسلة الإجراءات التعسفية، والتدميرية التي مارستها المليشيات الحوثية ضد القطاع المصرفي”.
ومن بين الدوافع التي دفعت البنك المركزي اليمني لاتخاذ قرار نقل مراكز البنوك إلى عدن إجبار الحوثيين البنوك على سحب السيولة النقدية المتوفرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها كأحد مصادر دعم مجهودها الحربي.
واتهم تقرير البنك المركزي جماعة الحوثي بالقيام في “الفترة من (2016 – 2018) بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في صنعاء. وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.
وقال إن جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا “سعت منذ نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن منتصف العام 2016، إلى تدمير القطاع المصرفي والمالي وإلحاق بالغ الضرر به، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها بالقوة الغاشمة”.
وأشار إلى ما وصفها بأساليب الجماعة “الرامية للاستيلاء على مقدرات البنوك والمؤسسات المالية، وتسخيرها لخدمة أنشطتها وحروبها العبثية، والاضرار بالوضع الاقتصادي والمالي لليمن بشكل عام”.
وبحسب البنك المركزي اليمني فإن “الممارسات التعسفية الحوثية، شملت تعقيد بيئة عمل البنوك، والمؤسسات المالية المنتشرة في مختلف مناطق الجمهورية، وتقييد الأنشطة المصرفية، من خلال السعي لتقسيم الاقتصاد ومنع تداول الطبعات الجديدة من فئات العملة الوطنية القانونية، واعاقة الحركة النقدية والمعاملات المالية بين المناطق المختلفة داخل البلد الواحد”.
وأوضح البنك المركزي في تقرير مرجعي، أن جماعة الحوثي “قامت منذ ديسمبر 2019م وما تلاه، بحظر تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية القانونية، وتنفيذ عمليات اقتحام متكررة لنهبها ومصادرتها من مقرات البنوك والمؤسسات المالية والشركات التجارية في مدينة صنعاء ومناطق سيطرتها”.
واعتبر البنك المركزي تلك الإجراءات “تندرج ضمن الممارسات التدميرية للاقتصاد الوطني، وفرص الاستقرار النقدي والمالي، واضعاف الثقة بالعملة الوطنية، وبالتالي ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وتكبد الافراد والقطاع التجاري خسائر فادحة من قيمة دخولهم ومدخراتهم، إضافة الى الاضرار بالأنشطة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية في البلاد”.
وذكر “البنك المركزي أن الحوثيين قاموا عبر ما سمي بلجنة المدفوعات سابقا، ولاحقا من خلال فرع البنك المركزي في صنعاء بالاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفرض بيعها تحت إشرافهم بسعر صرف منخفض للشركات والقطاع التجاري، الذي يفرضون عليه تسليم الكثير من الأموال والجبايات بمسميات مختلفة لتضاف في نهاية المطاف على قيمة وأسعار السلع والبضائع”.
وأشار إلى قيام جماعة الحوثي “بإجبار البنوك والمصارف على توفير مبالغ النقد الأجنبي بسعر صرف منخفض للجهات والكيانات التابعة للقيادات الحوثية”، وهو ما يمثل – بحسب التقرير – “تدميرا لآلية وقواعد السوق القائمة على العرض والطلب”.
وقال إن جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا استخدمت وتستخدم “تلك الوسائل للكسب والاثراء غير المشروع واحد مصادر تمويل أنشطة وحروب المليشيات التدميرية والعبثية”.
وقال إن تلك الممارسات ترتب عليها “الاستيلاء بطريقة احتيالية على مبالغ بالمليارات على حساب الاشخاص المستفيدين من الحوالات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية سواء تلك المتمثلة بمبالغ المساعدات الإنسانية، أو حوالات المغتربين، عبر إجبار أسرهم على استلام حوالاتهم بالريال اليمني بسعر صرف منخفض، وغير عادل”.
وحمل البنك المركزي جماعة الحوثي “المسؤولية عن تعريض القطاع المصرفي اليمني، لمخاطر عالية وكبيرة، من خلال السعي لاستخدام بعض المؤسسات المالية في مناطق سيطرتها لفتح حسابات لجهات وكيانات وهمية كواجهة للقيام بعمليات مالية مشبوهة، بما في ذلك غسل الاموال التي يتم نهبها من مصادر غير مشروعة، وإدخالها في النظام المالي، وتمويل أنشطتها غير القانونية، ما يعرض سمعة ومكانة القطاع المصرفي والمالي بأكمله للمخاطر والعقوبات الدولية”.
كما اتهم البنك المركزي الحوثيين “بالاستهداف المباشر للقطاع المصرفي المحلي عبر تسليط جهات قضائية غير قانونية في صنعاء منذ عام 2017م، بتجميد أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص معارضين او غير موالين لها، ومصادرة ونهب بعض من تلك الارصدة، “بذرائع الخيانة والعمالة” المزعومة”.
وقال إن “هذا الأمر فاقم من ازمة السيولة النقدية لدى البنوك، وعمق عدم الثقة بالقطاع المصرفي، حيث لجأ الكثير من المودعين إلى سحب أرصدتهم بقيمة تقل عن قيمتها الحقيقية، واضطرار البنوك للتعامل مع الصرافين لدفع المبالغ، واستقطاع نسبة منها”.
وأضاف “أدى ذلك إلى قيام المودعين بإعادة إيداع أموالهم وتحويلها إلى شركات ومنشآت صرافة او لدى الافراد أنفسهم، وهذا بدوره ساهم في خروج الدورة النقدية من البنوك والتأثير على استقرار سعر صرف العملة الوطنية”.
وتحدث البنك المركزي اليمني عن قيام جماعة الحوثي “بالاستيلاء على فروع البنوك الحكومية والمختلطة في صنعاء، وتكليف شخصيات موالية لها كمدراء تنفيذيين وأعضاء مجالس إدارة بصورة غير قانونية، للاستحواذ على أموال وموارد هذه البنوك، وتمرير عمليات ومعاملات مالية تخدم الأنشطة المالية للمليشيات وتمويلاتها المشبوهة، فضلا عن تحويل جزء كبير من النقد الأجنبي الناتج من ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية إلى عملة محلية، ما أدى إلى ظهور عجز حاد في مراكز عملات تلك البنوك، وتكبيدها خسائر كبيرة، قادت الى تآكل رؤوس أموالها، وعدم قدرة البنوك على الوفاء بطلبات المودعين”.
وأشار إلى أنه “منذ العام 2020م استمرت مليشيا الحوثي بممارسة ضغوط متواصلة على البنوك في صنعاء، بغرض منعها من الاستثمار في الأدوات المالية الصادرة من المركز الرئيسي للبنك في عدن، واجبارها على تمويل مشروعات لا تحقق أي أرباح، ضمن خطط المليشيات الرامية لمزيد من الاستيلاء على أموال المواطنين، ومدخراتهم، تحت مسمى “تغيير شكل النظام المصرفي المحلي القائم على الفائدة، الى نظام إسلامي”.
ولفت إلى أن “المليشيات قامت لاحقا في عام 2023م بإصدار ما أسمته “قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة”.
واعتبر “هذا الإجراء لا يعدو عن كونه ممارسة احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ماتبقى من ثقة بالقطاع المصرفي، والحافز على الادخار والاستثمار، ما سيؤدي الى عواقب وخيمة على الوضع المالي وأداء الاقتصاد الوطني بشكل عام”.
ولفت إلى قيام الحوثيين “بممارسة الترهيب والتهديد، والاعتقال بحق عدد من قيادات وموظفي البنوك في صنعاء، بغرض منعها من تقديم تقاريرها وبياناتها المطلوبة للبنك المركزي في عدن، للأغراض الرقابية والاشرافية بهدف إعاقته عن قيامة بوظائفه ومهامه القانونية”.
وتحدث عن استمرار الحوثيين “بعمليات مداهمات واقتحامات عديدة على مقرات عدد من البنوك في صنعاء، وإخضاع الموظفين لعمليات تفتيش طالت اجهزتهم وايميلاتهم ومراسلاتهم الشخصية، وتعرض بعضهم للحجز والسجن بصورة غير قانونية في انتهاكات غير مسبوقة بحق القطاع المصرفي”.
وقال: “المليشيات قامت في مارس 2020م من خلال فرع البنك المركزي في صنعاء، بإصدار تعليمات وقواعد غير قانونية تتعلق بتقديم المؤسسات المالية خدمات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف المحمول، هادفة بذلك الى السماح، بإصدار نقود إلكترونية بلا رقابة، وتوظيفها في خدمة مشاريعها وانشطتها الارهابية”.
ووفقا للبنك المركزي “شملت الممارسات الحوثية ايضا السيطرة على كيان جمعية البنوك اليمنية، وتوظيفه لمساندة أنشطتها وممارساتها غير القانونية”.
وقال إن جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا “اتجهت مؤخرا نحو استخدام اداة الإصدار النقدي غير القانوني وغير الدستوري، كوسيلة لتمويل نفسها ومشاريعها، بمورد مالي غير مقيد بسقف محدود ولا يخضع لأي قيود او رقابة داخلية او خارجية، وغير خاضع للمساءلة”.
وحذر البنك المركزي اليمني “من أن هذه الخطوة تنذر بتداعيات مدمرة وكارثية، وبشكل غير مسبوق للنظام المصرفي والمالي والاقتصاد الوطني الضعيف والمنهك بالإجراءات التعسفية الحوثية على مدى السنوات الماضية”.
وأضاف “سيدفع هذا بالمزيد من شرائح المجتمع نحو الفقر المدقع، وسيقضي على ماتبقى من مدخراتهم، في مقابل نمو وازدهار ثروات قيادات المليشيات وأصحاب المصالح من اتباعها”.
وجدد البنك المركزي اليمني “على هذا الصعيد التحذير من مخاطر اقدام المليشيات نهاية شهر مارس الماضي، على صك وطرح عملة معدنية غير قانونية فئة 100 ريال، واتخاذ خطوات تعسفية لفرضها على المواطنين، والبنوك والمؤسسات المالية في صنعاء، مع إطلاق تلميحات بالاستمرار في القيام بإصدارات نقدية غير قانونية أخرى خلال الفترات القادمة”.
وقال البنك المركزي اليمني إنه “وانطلاقا من مسؤولياته واختصاصاته الدستورية والقانونية”، يؤكد أنه “حرص إزاء تلك الممارسات الحوثية التدميرية للقطاع المصرفي، القيام بما يتوجب عليه من سياسات واجراءات حمائية للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، والشركاء من الاشقاء والأصدقاء”.
وأوضح “أنه ظل على الدوام يتعامل مع البنوك من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، كسلطة نقدية قانونية مسؤولة في البلاد، والجهة الوحيدة المخولة بعملية الاشراف والرقابة المصرفية وفقا للدستور والقوانين اليمنية النافذة، بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشئون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة”.
وأكد البنك المركزي اليمني “وقوفه على مسافة واحدة من كافة البنوك والمؤسسات المصرفية باعتباره بنك البنوك، وحرصا منه على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، والحفاظ على القطاع المصرفي، وحمايته من التأثيرات السلبية، الناتجة عن التعقيدات والمتغيرات الداخلية والخارجية”.