صلاح الوافي.. شاهين (دروب المرجلة).. رحلة التحدي بين المدينة والبادية
الخميس 13 مارس 2025 الساعة 22:05
الميثاق نيوز - خاص


في قلب البادية اليمنية، حيث تُحاك قصص البطولة وتتصارع الأقدار، يطل النجم صلاح الوافي هذا العام وللمرة الثانية بشخصية استثنائية تُضيف لمسةً فريدة إلى المشهد الدرامي الرمضاني؛ إنه (شاهين)، الفتى المدني الذي ألقَت به الظروف في أحضان البادية، ليكون جسرًا بين عالمين متصارعين: حداثة المدينة وصرامة القبيلة. عبر مسلسل "دروب المرجلة 2" في جزئه الثاني، يُقدّم الوافي أداءً يُعيد تعريف التحدي الفني، مُحققًا توازنًا نادرًا بين الجد والكوميديا، وبين القوة والهزلان.  

 من أضواء المدينة إلى عُري الصحراء( رحلة التأقلم ) 
شخصية (شاهين) ليست مجرد غريب ينظر إلى البادية من خلف نظارة المدينة، بل هو شخصية غاصت في تربة القبيلة، وبدأت تُنبت جذورًا جديدة. عبر حلقات المسلسل، نرى كيف يتحول الفتى المدني من حالة الرفض الأولي للعادات القبلية، إلى التدرج في فهم تفاصيلها الدقيقة، بل والدفاع عنها بشراسة. الوافي يُجسّد هذا التحول بتدرج مُتقن: نظرات الارتباك الأولى، ومحاولات كسر الحواجز مع أفراد القبيلة، وصولًا إلى لحظة الاندماج الكامل التي تُظهره وكأنه وُلد بين الصخور والرمال.  

(إتقان اللهجة) عندما يصبح الحرف إحساسًا  
لم يكن إتقان اللهجة البدوية مجرد تقليدٍ صوتي لصلاح الوافي، بل تحوّل إلى حالة من التماهي مع روح الشخصية. نبرته الصوتية التي تتراوح بين خشونة البدوي ولهجة المدني المُثقف، تعكس صراعًا داخليًا غير مُعلن.. صراع الهوية.
 الوافي نجح في جعل كل كلمة تنطلق من فم شاهين تحمل ثقل التناقض بين ما تعلّمه في المدينة وما تفرضه عليه البادية، حتى أصبحت اللهجة جزءًا من سردية الصراع، وليست مجرد أداة حوار.  

 بين بندق المعارك وضحكة الجمهور( فن الموازنة)  
منذ ظهوره على المسرح اليمني، اشتهر الوافي بلمسته الكوميدية التي تجعل الجمهور يعلق بين الضحك والتأمل. في "دروب المرجلة"، لم يتخلَّ عن هذه اللمسة، بل حوّلها إلى سلاحٍ ذي حدين: ضحكة تُخفف من حدّة المشاهد الحياة البدوية، ونكتةً تُخفي وراءها سخريةً مريرة من تناقضات الواقع. في مشهدٍ يلتهم فيه(شاهين) وجبة بدوية بشراهة مع تذمّرٍ هزلي، أو لحظة يُعلق فيها على عادات القبيلة بسخرية لاذعة، يُثبت الوافي أن الكوميديا يمكن أن تكون جسرًا إلى العمق الإنساني.  

 (معارك البادية) الجسد يُكلّم الرمال  
مشاهد الأكشن في المسلسل ليست مجرد استعراض بالسلاح الآلي، بل معارك تُعرّي شراسة البادية. هنا، يتحول الوافي إلى مُقاتلٍ يُعيد إلى الأذهان أبطال الملاحم القديمة. حركته السريعة بين الصخور، وتعامله مع  السلاح كأنه طرفٌ من جسده، وتعبيرات الوجه التي تنقل من الغضب إلى التحدي، كلها تفاصيل تُظهر مدى اجتهاده في إتقان الجانب البدني للدور. خاصة في مشاهد ملاحقة قطاع الطرق، حيث يتحول الأداء إلى لوحة من الإثارة المُشبعة بالواقعية والتي لا تخلو من النكتة.  

 البدوي الصارم والساخر: شخصيةٌ لا تُنسى  
قوة شخصية(شاهين) تكمن في تناقضها الظاهر: فهو من جهةٍ، بدويٌ يلتزم بقوانين القبيلة بحرفية، ومن جهةٍ أخرى، ساحرٌ يسرق القلوب بضحكةٍ ساخرة. الوافي نجح في خلق هذا التناغم الغريب عبر تفاصيل صغيرة.. نظرة عينٍ تتصلب في مشهد المواجهة، ثم تذوب في لمحةٍ دعابية، أو حركة يدٍ تتحول من إشارة تهديد إلى إيماءة ترحيب. هذا التباين جعله شخصيةً ثلاثية الأبعاد، تعلق في الذاكرة كرمزٍ للتعقيد الإنساني.  

 مسيرة فنية من المسرح إلى الشاشة: الوافي أيقونة الجماهير  
على مدى عقود، كان صلاح الوافي أحد أعمدة المسرح اليمني، حيث صنع جمهورًا عريضًا عبر شخصياته الكوميدية التي تنتقد الواقع بلغةٍ ساخرة. انتقاله إلى التلفزيون لم يُبعده عن جذوره، بل أضاف بعدًا جديدًا لموهبته. من مسرحيات مثل "الدم العربي" إلى أدواره الدرامية في "غربة البن" و"الكثير من المسلسلات "، أثبت أنه ممثلٌ قادر على اجتياز أي تحدي.
 اليوم، في "دروب المرجلة"، يبدو أنه وجد الدور الذي يُلخّص رحلته: من الفكاهة إلى التراجيديا، ومن ضحكات المسرح إلى صمت الصحراء الجلل.  

 الخاتمة: هل يكون شاهين ذروة المشوار؟  
صلاح الوافي.. رجلٌ حوّل التحدي إلى فن، والتناقض إلى إبداع. من خشبة المسرح إلى دروب البادية، يأخذنا في رحلةٍ لا تُجيد إلا الدراما اليمنية سردها. فهل يكون "شاهين" علامةً فارقة في مسيرته؟ الأيام كفيلة بالإجابة!

متعلقات