وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية وأمنية مُتداخلة، ألقى الرئيس الدكتور رشاد العليمي كلمةً استثنائية في القمة الاقتصادية العربية المنعقدة ببغداد، حاملاً صوت شعبٍ "أصيل عانى من دمار انقلاب مليشيا الحوثي"، كما وصفه، والذي حوَّل اليمن إلى بؤرة لأزمة إنسانية تُصنَّف بين الأسوأ عالمياً.
وفي خطابٍ مفعم بالتفاصيل الدقيقة، استعرض فخامته الصورة القاتمة لبلدٍ "تغرق مدنه في الظلام" بسبب أزمة كهرباء متفاقمة، ناجمة عن هجمات حوثية مُمنهجة على المنشآت النفطية والموانئ، والتي قضت – بحسب توصيفه – على فرص الهدنة الهشة التي أُطلقت برعاية أممية قبل عامين.
وبينما أشاد بدور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، "الشريكين الأساسيين في تحالف دعم الشرعية"، أكد أن الدعم العربي لم يكن مادياً فحسب، بل شمل تعزيز صمود المؤسسات الوطنية وتخفيف المعاناة الإنسانية، ما أبقى جذوة الأمل مُشتعلةً بإمكانية التعافي.
غير أنه أشار إلى أن اليمن "لا يطلب مساعدات مؤقتة، بل يطمح لشراكات استراتيجية" تُعيد إحياء دوره في المنظومة الاقتصادية العربية، عبر ثلاث ركائز أساسية: إنشاء صندوق عربي لإعادة الإعمار يركز على البنية التحتية في المحافظات المحررة، وجذب استثمارات عربية في قطاعات الطاقة والمعادن والزراعة، وانضمام اليمن إلى المبادرات العربية الكبرى في الأمن الغذائي والتكامل الرقمي.
ولم يغفل العليمي الربط الوثيق بين الاستقرار الأمني والنهوض الاقتصادي، محذراً من أن أي إصلاحات ستظل "مُهددة بالفشل" ما لم تُدعم الحكومة في استعادة مؤسساتها و"تجفيف منابع الإرهاب".
وأكد أن استقرار اليمن ليس قضية محلية، بل "ضمانة لاستقرار المنطقة بأكملها"، داعياً القادة العرب إلى تحويل المواقف السياسية إلى خطوات عملية، عبر استثمار جماعي في مشاريع تنموية تُنهي معاناة الشعب وتُعيد بناء الدولة، بما يُجنب المنطقة سيناريوهات الانهيار التي قد تفتح أبواباً جديدة للفوضى.
وفي إشارة إلى التحديات الداخلية، كشف عن أن الهجمات الحوثية على الموانئ النفطية حوَّلت أزمة الكهرباء إلى "كابوس يومي"، مع انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية، مؤكداً أن الحكومة تواجه معركةً على جبهات متعددة: اقتصادية، وإنسانية، وأمنية.
وختم بالقول: "الفرصة سانحة اليوم لكتابة فصل جديد من التعافي، لكن النجاح مرهون بإرادة عربية تجعل من دعم اليمن أولويةً لا تحتمل التأجيل".