لم تكن مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس الروسي تكريمًا لفخامة الرئيس العليمي فحسب، بل كانت منصة لإطلاق رسائل قوية حول مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
تحت قبة التاريخ والطموح المشترك، جدد الرئيس بوتين خلال المأدبة، التي حضرها وزراء خارجية وزراعة وطاقة روسيا إضافة إلى محافظ البنك المركزي وعدد من كبار المسؤولين من الجانبين، الترحيب بالرئيس العليمي والوفد المرافق.
وأكد بوتين على "العمق التاريخي" الذي تتميز به العلاقات بين روسيا واليمن، مشيرًا باهتمام إلى "التطور الملحوظ" في الروابط التجارية والاقتصادية.
لم يخفِ الرئيس الروسي تطلعه إلى "المضي قدماً" في تعاون ثنائي وصفه بـ "الواعد"، مما يفتح الباب أمام توقعات بمشاريع مشتركة جديدة.
من جهته، رد الرئيس العليمي على حفاوة الاستقبال الروسية بمشاعر مماثلة؛ عبر باسمه وباسم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية عن سعادته باللقاء وتقديره العميق لكرم الضيافة الروسية، مع التركيز بشكل خاص على "التسهيلات المقدمة للرعايا اليمنيين" المقيمين والدارسين في روسيا.
وكشف العليمي عن توجيهات للحكومة بالاستعداد الجيد لحدث بالغ الأهمية: "إحياء الذكرى المئوية لتأسيس العلاقات" بين البلدين، مؤكداً أن هذه الشراكة ليست وليدة اليوم، بل تتجذر في تاريخ حافل.
ولتأكيد متانة هذه العلاقة، استشهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ "الشواهد الحية" المنتشرة في اليمن، من مستشفيات وجامعات إلى موانئ حيوية، شيدت خلال الحقبة السوفييتية كرموز دائمة للصداقة والتعاون السابقين.
لم يقتصر اللقاء على تبادل الذكريات، بل انتقل إلى صلب العمل. تطرق الجانبان، في جو من التفاهم الواضح، إلى مسارات الاتصالات الثنائية الجارية بين القطاعات الاقتصادية والخدمية المعنية في البلدين.
وأكد القادة على "ضرورة تعزيز هذه التفاهمات وتوسيعها" لتشمل مجالات متنوعة، معلنين بشكل مشترك عن خطوتين عمليتين: "مواصلة المشاورات بوتيرة مكثفة" و "التسريع بانعقاد اللجنة الوزارية المشتركة" بين البلدين، بالإضافة إلى التزامهما بـ "تبادل الزيارات والخبرات على كافة المستويات".
هذا اللقاء على مائدة الكرملين لم يكن مجرد حدث بروتوكولي، بل كان إعلاناً من روسيا واليمن عن مرحلة جديدة من الشراكة الفاعلة، تستلهم الماضي لتبني مستقبلاً مشتركاً أكثر إشراقاً، على وقع الاستعداد للاحتفال بمائة عام من العلاقات التي تتحدى تقلبات الزمن. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: أي ثمار عملية سيجنيها البلدان من هذه الديناميكية الجديدة؟