بدا أن الضغوط التي أفرزتها الاحتجاجات الشعبية، التي انطلقت منذ 10 أيام في محافظات الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية، وما نجم عنها من إصابات نتيجة الاحتكاك العنيف بين القوى الأمنية وجموع الشباب المحتجين، دفعت حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تشكيل «خلية الأزمة الخدمية والأمنية» لمواجهة التحديات القائمة والسعي إلى الإسراع بالإجراءات الكفيلة التي من شأنها تحقيق بعض المطالب الاحتجاجية.
وأعلن مكتب رئاسة الوزراء أمس، عن عقد «الخلية» اجتماعها الأول برئاسة العبادي وحضور بعض الوزراء والمسؤولين. ونقل البيان عن العبادي تأكيده على «أهمية تنسيق الجهود، وأن يكون العمل حقيقيا، كي يكون الأداء بشكل صحيح».
وأضاف العبادي أن «ضعف المتابعة لم ينجز الكثير من المشاريع التي وصلت لمراحل متقدمة وتقدم خدمة كبيرة للمواطنين في مجال الخدمات الأساسية للماء والكهرباء والصحة والمدارس»، ودعا إلى التعاون بين الوزارات والحكومات المحلية وجميع المؤسسات، ووضع الحلول.
وعكس مجموع الإجراءات والقرارات التي اتخذها اجتماع الخلية، حجم الضغوط التي فرضها واقع الاحتجاجات على العبادي. وكشف بيان صدر عقب الاجتماع عن 6 خطوات عاجلة لتطويق الأزمة؛ منها «إعداد كشوفات سريعة ودقيقة للوقوف على احتياجات المواطنين ترفع إلى خلية الأزمة الأمنية والخدمية، والاعتماد على سياقات فورية لتلبية الاحتياجات؛ كل حسب اختصاصه ومسؤولياته».
كذلك تقرر في الاجتماع «تشكيل خلية أزمة في كل وزارة وفي كل محافظة للتعامل مع المطالب ومتابعتها ووضع الحلول السريعة». وطالب اجتماع الخلية وزارة المالية بتأمين التمويل اللازم لتلك الاحتياجات. كما طالب بـ«العمل الفوري على إعادة العمل بالمشاريع الخدمية غير المكتملة».
وفي خطوة لمعالجة التعقيدات المرتبطة بالمخصصات المالية والتعيينات الوظيفية خارج إطار الموازنة العامة التي يتطلبها تحقيق الإجراءات، شدد اجتماع الخلية على ضرورة «الحصول على الاستثناءات اللازمة من التعليمات النافذة وترفع إلى خلية الأزمة لاتخاذ القرار المناسب». وأخيرا قرر اجتماع الخلية «المباشرة الفورية ببرنامج التدريب والتأهيل في المراكز التابعة لوزارة العمل وإعطاء المتدربين مخصصات مناسبة».
ورحّب عضو «مفوضية حقوق الإنسان» المستقلة فاضل الغراوي بتشكيل خلية لإدارة الأزمة، عادّاً أنها «تمثل استجابة مناسبة لأزمة الاحتجاجات الحالية». كان الغراوي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تشكيل خلية للأزمة من دون صلاحيات واضحة ومحددة وتخصيصات مالية ثابتة، لن يمكنها من تنفيذ وعودها وقراراتها، وستبقى مجرد تشكيل رسمي لا أكثر». ورأى أن «الإجراء الحقيقي والمهم اليوم لتحقيق مطالب المحتجين والتأثير على حوافزهم النفسية، هو أن يتولى رئيس الوزراء العبادي إدارة المحافظات المحتجة من موقع أدنى لأنه صاحب القرار الأول في التخصيصات المالية باعتباره يدير وزارة المالية مباشرة إضافة إلى رئاسته للوزراء».
وحول ما يتردد عن اعتقال أكثر من 600 متظاهر وإصابة آخرين مثلهم، عدّ الغراوي أنها «أرقام غير دقيقة وغير رسمية، ولدى مفوضية حقوق الإنسان التي رافقت حدث المظاهرات منذ يومه الأول عبر فرقها التخصصية، الحصيلة النهائية لعدد المصابين والمعتقلين والمتوفين والأبنية الحكومية التي تم إحراقها». وأكد «استقبال المفوضية كثيرا من الشكاوى والمطالبات الخاصة بالمتظاهرين، ونقلها إلى السلطات المحلية والاتحادية في بغداد وحثها على الاستجابة لها».
وكشف الغراوي عن أن «(مفوضية حقوق الإنسان) ستعقد يوم الأحد المقبل مؤتمرا صحافيا وتعلن فيه كل ما يتعلق بالخسائر البشرية والمادية الناجمة عن احتكاك المتظاهرين بالقوى الأمنية».
وحض الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش الحكومة العراقية على الاحترام الكامل لمطالب المواطنين ومعالجتها.
وطالب كوبيش في بيان صادر أمس «الأطراف السياسية الفاعلة بضمان أن تعطي الإدارة المقبلة الأولوية للحُكم الرشيد والإصلاحات ومكافحة الفساد بما من شأنه تمكين التنمية والتقدّم الاقتصادي وخلق فرص العمل وتقديم الخدمات العامة الحيوية».
وذكر البيان أن الممثل الأممي «أعرب عن بالغ قلقه إزاء استخدام العنف وكذلك أعمال التخريب التي رافقت بعض الاحتجاجات العامة التي كانت عدا ذلك سلمية إلى حدٍّ كبير»، وكذلك عبر عن «أسفه لوقوع خسائر في الأرواح وكثير من الإصابات سواء في صفوف المتظاهرين أو قوات الأمن»، مؤكدا «حق الموطنين غير القابلِ للتصرُّفِ في حرية التعبير».