بعد ماراثون من التحركات التي استمرت لأكثر من شهر قضاها مجلس المفوضين المنتدب لإدارة مفوضية الانتخابات العراقية، بدلاً من مجلس مفوضيها المجمد، في الانتقال من محافظة إلى أخرى، ومن مركز انتخابي إلى آخر، بهدف إجراء عمليات العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات، أعلن المجلس في ساعة متأخرة الليلة قبل الماضية النتائج النهائية للانتخابات العراقية، وجاءت متطابقة مع نتائج العد الإلكتروني بنسبة مائة في المائة في جميع المحافظات، بالنسبة لتوزيع المقاعد على الأحزاب والتحالفات، وبنسبة 99 في المائة بالعاصمة بغداد.
وأظهرت النتائج تمسك تحالف «سائرون»، الذي يقوده مقتدى الصدر، بالمركز الأول الذي حصل عليه بعمليات العد الإلكتروني الأولى، وبرصيد 54 مقعداً من إجمالي عدد مقاعد مجلس النواب البالغة 329 مقعداً. وظل تحالف «الفتح» الحشدي في المركز الثاني في تسلسل الفائزين، رغم حصول هذا التحالف على مقعد وحيد من بين جميع التحالفات، ليرتفع رصيده إلى 48 مقعداً.
كذلك احتفظ تحالف «النصر»، الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي، بالمركز الثالث، برصيده البالغ 42 مقعداً، من دون أي زيادة.
كانت مفوضية الانتخابات المستقلة قد أعلنت في 19 مايو (أيار) الماضي النتائج نفسها، استناداً إلى آليات العد الإلكتروني، قبل أن يطيح بها التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أقره مجلس النواب العراقي في 6 يونيو (حزيران) الماضي، ويجمده عمل المجلس، ويستعين بمجلس آخر، عماده 9 قضاة، أسندت له مهمة إجراء عمليات العد والفرز للصناديق المطعون بها يدوياً، وقد مارس مجلس القضاة عمله في 3 يوليو (تموز) الماضي، وأكد الانتهاء من عمله وإعلان النتائج أول من أمس.
واستناداً إلى ما أعلنه مجلس القضاة، فإن محافظة بغداد هي الوحيدة التي حدث فيها تغيير طفيف، تمثل بخسارة تحالف «بغداد»، الذي يضم قوى سنية، مقعداً واحداً لصالح تحالف «الفتح» الحشدي، حيث خسر المرشح محمود القيسي مقعده الذي ذهب إلى مرشح «الفتح» محمد صاحب الدراجي.
ورغم خسارة محمد الكربولي لمقعده لصالح زميله في قائمة «الأنبار هويتنا» عادل المحلاوي، فإنه وجه انتقادات لاذعة إلى مجلس القضاة لخسارة قائمة «تحالف بغداد» لمقعد، وذهابه إلى قائمة «الفتح»، حيث كتب الكربولي عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك»: «من المعيب على مجلس المفوضين المنتدب التعامل بطائفية مع أصوات سنّة بغداد في قضاء الكرخ، للتغطية على جريمة حرق صناديق الاقتراع في قضاء الرصافة»، مضيفاً: «تحالف بغداد لن يتنازل عن حقه أبداً، وعلى المبعوث الأممي تحمل مسؤولياته».
وأصدر تحالف «القوى العراقية»، الذي ينتمي إليه الكربولي، أمس، بياناً دعا فيه القضاة المنتدبين إلى إعادة النظر في قراراتهم، بعيداً عن «المزاجيات» والحسابات الطائفية.
وقال بيان التحالف إن «أيماننا بنزاهة وكفاءة القضاء ودقة إجراءاته يجعلنا نستغرب من انجرار القضاة المنتدبين لمجلس مفوضية الانتخابات وراء جملة الأكاذيب والمعلومات الملفقة التي ساقها عدد من الخاسرين»، مطالباً مجلس المفوضين بـ«إعادة النظر بقراراتهم، والحفاظ على أصوات المقترعين العراقيين، سواء في القائم أو بغداد، بعيداً عن المزاجيات والمعلومات المغلوطة والحسابات الطائفية والانتماءات الحزبية».
وفي محافظات ذي قار ونينوى وصلاح الدين، أحدثت عمليات العد اليدوي تغييراً طفيفاً داخل الكيانات والتحالفات نفسها، بحيث استبدل 3 فائزين بمرشحين جدد من داخل القائمة، إذ خسر المرشح عن محافظة صلاح الدين علي الصجري لصالح المرشح شعلان الكريم من الكيان نفسه. وفازت المرشحة في نينوى سميعة غلاب، بدلاً عن الفائزة السابقة غادة الشمري، ضمن ائتلاف «الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي. وإذا أضيفت خسارة محمد الكربولي لزميله في الأنبار، فسيكون إجمالي المستبدلين الجدد داخل قوائمهم 4 مرشحين فقط.
بدوره، قدم رئيس مجلس المفوضين «المجمد»، معن الهيتاوي، أمس، شكره إلى مجلس القضاة المنتدبين «الذين بذلوا جهوداً مضاعفة في وضع الإجراءات الخاصة بالعد والفرز اليدوي». واعتبر الهيتاوي، في بيان أصدره مكتبه، أن «عملية العد والفرز اليدوي أظهرت سلامة الأجهزة الإلكترونية التي استخدمتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في انتخابات مجلس النواب العراقي» في مايو الماضي.
ويتفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، على أن «إعلان النتائج النهائية بطريقة العد اليدوي، وتطابقها من النتائج السابقة الإلكترونية، يعيد الاعتبار إلى مجلس المفوضين السابق وأجهزة العد الإلكتروني».
ويقول الفيلي : «مطابقة النتائج كانت متوقعة لأغلب المراقبين المختصين، ذلك أن الذين ذهبوا إلى التشكيك والمطالبة بإعادة العد اليدوي كانوا يتوقعون من المحكمة الاتحادية الحكم بإعادة جميع الصناديق وصولاً إلى إلغاء الانتخابات، وهو ما لم تفعله المحكمة الاتحادية»، مضيفاً: «بات من الواضح أن عمليات التشكيك الواسعة بنتائج الانتخابات لم تكن دقيقة، وثبت أن عمل المفوضية كان صحيحاً».
ويعتقد الفيلي أن «المعترضين تعرضوا إلى نكسة حقيقية في مقابل ربح الشعب والناخبين ومجلس المفوضين».