"العرب اللندنية":مواقف السعودية تُربك كندا الباحثة عن مخرج عاجل لإصلاح الخطأ
الأحد 12 أغسطس 2018 الساعة 13:31
متابعات

على مدى أعوام لم يكن الضغط الكندي بشأن حقوق الإنسان في السعودية يتجاوز أكثر من الرفض العادي لكن كل ذلك تغيّر في الأسبوع الماضي عندما تُرجمت تغريدة كندية إلى العربية وأشعلت نزاعا دبلوماسيا.

وعندما ردّت الرياض على دعوة وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند لإطلاق سراح ناشطي مجتمع مدني بقطع مفاجئ للعلاقات الدبلوماسية والتجارية، وجد المسؤولون الكنديون أنفسهم في حيرة محاولين فهم حقيقة ما حدث.

لكن ما لم تتوقعه أوتاوا أن ما فعلته وزيرة الخارجية يعتبر تجاوزا لخط أحمر من وجهة نظر السعوديين.

وفي الثاني من أغسطس كتبت فريلاند تغريدة بالإنكليزية والفرنسية طالبت فيها بإطلاق سراح ناشطتين سعوديتين في مجال حقوق الإنسان.

وفي اليوم التالي كتبت وزارة الخارجية الكندية تغريدة أخرى قالت فيها “نحث السلطات السعودية على الإفراج فورا عنهما وعن كل النشطاء السلميين الآخرين في مجال حقوق الإنسان”.

وترجمت السفارة الكندية في الرياض التغريدة إلى العربية وأرسلتها في الخامس من أغسطس إلى نحو 12 ألف متابع.

وكان رد فعل السعودية سريعا فبعد ساعات من نشر التغريدة باللغة العربية استدعت الحكومة السعودية سفيرها ومنعت سفير كندا من العودة إلى الرياض وفرضت حظرا على المعاملات التجارية الجديدة.

وقال مصدران في الخليج إن التغريدة الصادرة عن سفارة كندا في الرياض أزعجت المسؤولين السعوديين بشدة. وقال أحد المصدرين، الذي طلب عدم ذكر هويته لحساسية القضية، “الأمور تعالج عبر القنوات التقليدية، لكن التغريدة كانت انتهاكا للقواعد الدبلوماسية والبروتوكول”.

وقال سلمان الأنصاري مؤسس لجنة العلاقات العامة الأميركية السعودية التي تتخذ من واشنطن مقرا “الرد السعودي استغرق بعض الوقت للسماح بمحادثات سياسية خلف الأبواب المغلقة”.

وأضاف “السعوديون اعتقدوا أن الكنديين سيتخذون خطوات للتراجع لكنهم فجأة غردوا بالعربية، كان هذا عملا استفزازيا بشدة من جانب الكنديين.

وقال مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه، إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ناقش التغريدة المنشورة بالعربية في اتصال هاتفي مع نظيرته الكندية الثلاثاء واحتج على التدخل في شؤون المملكة.

وأظهر رد الفعل الضخم على التغريدة كيف أن المملكة أصبحت تتخذ مواقف أكثر شدة تجاه ما ترى أنه تدخل في شؤونها الداخلية في قضايا مثل حقوق الإنسان.

ويرجح مراقبون أن يكون الموقف الأميركي أكثر تقاربا مع السعودية من كندا، حيث تشهد العلاقات بين الرياض وواشنطن تقاربا استثنائيا بعدما كانت متوترة أثناء حكم الرئيس السابق باراك أوباما نظرا لأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وترامب يتفقان في مخاوفهما بشأن إيران. وعلى النقيض من ذلك اختلف ترامب مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال قمة مجموعة السبع في يونيو بأسلوب غير معتاد علنا.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد دعت الجانبين الأسبوع الحالي إلى حل النزاع بينهما بالطرق الدبلوماسية.

وقال توماس جونو، الأستاذ المساعد والخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة أوتاوا، “كندا ضرر ثانوي، الأمر في جوهره لا يتعلق بكندا وإنما يتعلق برغبة السعودية في إرسال رسالة أوسع نطاقا إلى جيرانها وإلى البلدان الديمقراطية الأخرى”.

وباغت رد الفعل السعودي مسؤولي الشؤون الخارجية الكنديين ومنهم وزيرة الخارجية فريلاند، الذين اجتمعوا في مؤتمر أقيم في أحد فنادق فانكوفر الأحد، ووضعهم في حالة من التخبط.

وقالت مصادر مطلعة داخل الحكومة الكندية، حسب ما وصفه مسؤول سعودي، إنه لم يتضح بعد الخطوات التي يمكن أن تتخذها أوتاوا “لإصلاح خطئها الكبير”.

وقال مصدر في الحكومة الكندية “أعتقد أنه ليس لدينا فهم قاطع للأمر الآن، ربما تكون هناك حاجة لاتصال آخر (بين فريلاند والجبير)، نحن نتحدث أيضا مع شركائنا بهذا الشأن. لا نرغب في أن تصبح علاقاتنا سيئة معهم (السعوديين)”.

وردت حملات إعلامية سعودية على كندا بانتقاد سجل حقوق الإنسان في أوتاوا عقب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بينما أشادت أيضا بحزم العاهل السعودي في “حماية سيادة المملكة”.

وفي هذا الصدد أظهرت تقارير تلفزيونية معاناة السكان الأصليين في كندا وقالت إنهم كانوا دائما عرضة للتمييز، فيما تحدثت تقارير أخرى عن “أسوأ السجون الكندية” ووصفت الأوضاع في السجون بأنها مزرية.

متعلقات