القارئ الواعي لتأريخ الأزمة الإدارية بين شطري الوطن والممتدة منذ ما قبل إعلان الوحدة اليمنية سيدرك مدى التعقيد الذي يكتنف هذا الملف، والمصاعب الكبيرة التي تقف أمام كل من يحاول إحداث حلحلة لمصفوفة المشكلات التي تعود في الأساس للمعالجات الارتجالية التي تمت من قبل ولم تمس جوهر المشكلة. إن جذر المشكلة اليمنية يتمثل في سوء توزيع الوظيفة العامة والثروة العامة والمشكلة الجنوبية كانت نتاج طبيعي لهذا الخلل الإداري، والمناضل الجنوبي بدأ مطالباته بالعدالة الاجتماعية والإدارية.
وهنا يمكن اعتبار المملكة العربية السعودية الوسيط الأعرف بالمشكلة اليمنية عموماً والمشكلة الجنوبية على وجه الخصوص، جاءت هذا الخبرة من خلال سلسلة كبيرة من المحاولات السعودية لمعالجة الأزمات اليمنية قبل الوحدة وبعدها، وكانت باستمرار الوسيط الفاعل الذي ترضى به جميع الأطراف اليمنية.
إن اتفاق الرياض يعتبر خط الطوارئ الأمثل للحفاظ على التوافق اليمني، ولملمة الصف وتوحيد الجهود لمواجهة الخطر الحوثي الذي يحاول اغتنام فرص الانشقاقات السياسية ليواصل التمدد في أراضي جديدة استراتيجة من شأنها تغيير المعادلة بشكل سلبي لصالح المشروع الإيراني الطائفي في اليمن.
غير ذلك يعتبر اتفاق الرياض اختراق مثيل لجذر الأزمة اليمنية التي تحدثنا عنها آنفاً، ويمكن البناء عليه وصولا إلى شكل واضح للتوزيع العادل للسلطة والثروة من شأنه تعزيز النسيج المجتمعي الواحد وحماية اليمن أرضاً وإنساناً، وعلى ذلك يصبح من الواجب على جميع النخب الضغط باتجاه التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض، تحت رعاية وإشراف من المملكة العربية السعودية فهي الشقيقة الكبرى الأقدر على إدارة هذا الملف والخبيرة بالتأريخ السياسي اليمني وتعقيداته.