تسللوا ظاهرًا من كهوف صعدة في صورة رماد موهم، يخفي تحته حقدًا تاريخيًّا على اليمن واليمنيين، ورافعين شعارات المظلومية ولافتات رفع المعاناة عن الناس، وإسقاط الجرعة، في أكبر مزاد لبيع الوهم واستدرار عاطفة البسطاء، مستغلين معاركنا الكلامية وما رافقها من أعاصير عصفت بالبلد، وحجب غُبارها عن الجميع رؤية المستقبل، فتداخلات الأولويات، وبرزت روح الانتقام، وأحدثت شقوق في جدار اليمنيين استغلها الحوثيون، وتمكنوا من توسيعها لينتهي الأمر بإحكام السيطرة على البلد المنهك بخلافاتنا وصراعاتنا.
لم يكن تسللهم الأول حين خرجوا من الكهوف باتجاه صنعاء، فقد سبق ذلك تسلل إلى مؤسسات الجيش والقضاء وغيرها من المؤسسات، لكنه بقي نارًا تحت الرماد في انتظار تسلل الرماد من الكهوف.
لقد أزاح الحوثيون الرماد عن النار بشكل واضح بعد السيطرة على صنعاء، لتجتاح بعدها البلد، ملتهمة قيمه وأعرافه الاجتماعية، ومهددة هويته اليمنية العربية بهوية إيرانية وافدة ترافقها طلقات البندقية لفرضها في واقع الناس، وتسويقها باسم الحق الإلهي الذي يعطي السلالة الحوثية الحق في حكم البلد والاستحكام في رقاب الناس، لتدخل بذلك في استعداء شعب يملك رصيدا من الحضارة ويعتز بها.
تساقطت أقنعة الحوثيين وشعاراتهم التي تسللوا تحتها بعد اجتياز بوابات صنعاء بتواطؤ مَن تسللوا قبلهم إلى مؤسسات الجيش من سلالاتهم، وبإحكام قبضتهم على مؤسسات الدولة أبانوا عن حقيقتهم وادعاء أحقيتهم، وشرعوا في فرز المجتمع على أساس جيني وطائفي، وصنفوا الناس إلى (زنابيل وقناديل)، وكرسوا طائفيتهم بخطوات متسارعة في المجتمع باسم الحق الإلهي الذي يتيح لهم الاستحواذ على السلطة والمال، ودشنوا طائفيتهم بفرض دوراتهم الثقافية ذات المضامين الإيرانية الوافدة والدخيلة على اليمن والمنطقة، وإجبار موظفي الدولة والوجاهات الاجتماعية والأطفال على حضورها بهدف تجذيرها والتأسيس لأرضية تتقبلهم، منتهكين بذلك كل حقوق الإنسان التي تكفل له حرية المعتقد.
واجتاحت طائفيتهم المناهج الدراسية والمؤسسات الجامعية، فافتتحوا أقسامًا لتعليم اللغة الفارسية كمقدمة لتوطينها في بلادنا العربية، منتهجين السياسة التي طبقت في الأحواز العربية بعد السيطرة الخمينية عليها.
فغيروا وبدلوا واستحدثوا في المناهج المدرسية والمقررات الجامعية ما يخدم فكرهم الحوثي الطائفي، وتوجهوا إلى المساجد فسطوا عليها، ونهبوا أوقافها، وأحرقوا مكتباتها، واختطفوا أئمتها وخطباءها، وفرضوا خطباءهم فيها، ومن على منابرها صدموا المجتمع وصادموه واستعدوه بطرحهم الدخيل المخالف لقيم المجتمع وعقيدته، وأعلنوا عداءهم لكل من يخالفهم، وارتكبوا الجرائم في سبيل تمكين أفكارهم وتوطينها في بلد يرفضهم وسيلفظهم ويطهر اليمن من رجسهم.
ولم يسلم من نار طائفيتهم أحد ممن خالفهم، فنكلوا بالأقليات من البهائيين وغيرهم، واقتادوهم إلى السجون، واستولوا على المراكز العلمية السلفية، ونهبوا ممتلكاتها، وهجروا القائمين عليها، وكان مركز دماج وتهجير طلابه هو أول ما فعلوه لتمهيد طريقهم إلى صنعاء لنشر طائفيتهم.