البنك المركزي يفتح جبهة ساخنة بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي
الميثاق نيوز- تقرير
بعد 30 شهراً من نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن، ما زال دوره محدوداً في قيادة الاقتصاد وإدارة المال، إذ تمارس مليشيا الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) غالبية صلاحيات البنك المركزي بصنعاء، وتُحكم قبضتها على المؤسسات المالية والمصرفية، مستقويةً بدولة هادي الرخوة، وإسناد الأمم المتحدة.
وحرك محافظ البنك المركزي -الجديد- حافظ معياد، خلال الأسابيع الماضية، خطوط المواجهة محلياً ودولياً لاستئناف وظائف البنك المركزي الأساسية من مقره بعدن، من خلال حزمة من الإجراءات تمثلت في: "العمل على إلغاء دولرة وسعودة العملة الوطنية، والتعامل ب"الريال"، وإلزام البنوك بتوريد السيولة النقدية للبنك المركزي في عدن ومصارفتها بالدولار، ومحاولة استعادة ثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظام المصرفي اليمني".
وأبدى خبراء ماليون مخاوفهم من أن تصطدم الجهود، التي يقودها محافظ البنك المركزي اليمني، بغياب الإرادة السياسية للشرعية، وهو الأمر الذي أفقد فعالية الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي واللجنة الاقتصادية طوال الفترة الماضية.
وقالوا لـ"نيوزيمن"، إن معركة استعادة وظائف وقدرات البنك المركزي بعدن، ليمارس وظائفه وصلاحياته، يحتاج إلى التزام سياسي رفيع المستوى، تجاه المؤسسات المالية والمصرفية المحلية، والنظام المصرفي الدولي.
وأكدوا أن غياب الأمن وضمانات الدولة، جعل من التجار والمؤسسات المالية "مؤسسات التمويل الأصغر، وصناديق التقاعد وشركات التأمين"، والمؤسسات المصرفية "البنوك التجارية والإسلامية، وشركات ومكاتب الصرافة"، تنحاز لميليشيا الحوثي التي تسيطر على البنك المركزي بصنعاء منذ 21 سبتمبر 2014.
وكانت البنوك اليمنية "16 بنكاً" التي تتخذ من العاصمة صنعاء مقراً رئيسياً لها، أبرمت اتفاقاً مطلع يناير الماضي، بمنع نقل وترحيل السيولة النقدية من صنعاء إلى البنك المركزي بعدن، وتدفع البنوك وشركات التأمين 24 مليار ريال ضريبة أرباح سنوياً لميليشيا الحوثي، فضلاً عن دفع حصة من الأرباح تختلف نسبتها من بنك لآخر، كما تدفع شركات ومكاتب الصرافة رسوم تجديد التراخيص وإتاوات وضرائب ومجهوداً حربياً للحوثيين.
ووقعت البنوك اليمنية والمؤسسات المالية الحكومية في مأزق الديون المتعثرة لدى الدولة، وتمثل نحو 70 % من أصولها، وتكتفي ميليشيا الحوثي بإعادة إصدار الدين وعبر الأرصدة البنكية وليس نقداً، بينما دولة هادي اشترطت على البنوك التجارية والإسلامية مقابل معالجة أرصدتها الدائنة في صنعاء، نقل الأرصدة بالكامل، وسداد الضرائب وأي التزامات لمقر البنك المركزي في عدن، وهو أمر صعب وغير منطقي، بحسب مصرفيين.
وتتحكم ميليشيا الحوثي بالنشاط التجاري، وتُحصل الضرائب من المؤسسات المالية والمصرفية، وتسيطر على السيولة وتحدد توجهات وملامح نشاط القطاع المصرفي.. فيما حكومة هادي تملك الحق الشرعي في طباعة العملة واستلام القروض وموارد النفط، والتعامل مع العالم الخارجي، والمؤسسات المالية الدولية التي ترتهن قراراتها لتوجهات الأمم المتحدة.
وتتمثل وظائف البنك المركزي في: "إدارة السيولة والنقد، وإدارة احتياطيات النقد الأجنبي، وأنظمة الدفع، وإدارة الديون السيادية، إلى جانب التنظيم والإشراف على القطاع المصرفي، بما في ذلك القرارات ورصد مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتنفيذ"، غالبتها معطلة بين بنكين منقسمين في صنعاء وعدن.
وتطالب المؤسسات المالية الدولية "صندوق النقد والبنك الدوليين" من دولة هادي بالشفافية، والالتزام بتسديد فوائد وأقساط الديون الخارجية، وتلبية متطلبات معايير الامتثال للأنظمة المالية الدولية، لتتمكن اليمن من إعادة بناء الثقة مع البنوك الخارجية والبنوك المراسلة، التي أوقفت تعاملاتها مع النظام المصرفي اليمني.
وكان البنك المركزي اليمني واللجنة الاقتصادية بعدن، خلال السنة الماضية، اتخذا خطوات وإجراءات من أجل استعادة قدرات البنك المركزي التشغيلية ومهامه وصلاحياته النقدية، أبرزها تمويلات الواردات بسعر تفضيلي من الوديعة السعودية، ورفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع إلى 27%، وعلى ودائع الوكالة إلى 23%، فيما رفع سعر الفائدة للسندات الحكومية إلى 17%، على أن تدفع أرباح الودائع كل ثلاثة أشهر.
وفي 3 سبتمبر 2018، أقرت اللجنة الاقتصادية في عدن حزمة إجراءات للتصدي لأزمة العملة وتنشيط الدورة النقدية، ومنها عدم السماح بدخول السلع الأساسية والوقود إلى اليمن إلا بشهادة بنكية مصدَّق عليها من البنك المركزي في عدن اعتباراً من 9 أكتوبر 2018، إلا أن ميليشيا الحوثي أجهضت هذا القرار بدعم الأمم المتحدة في ظل غياب الدبلوماسية اليمنية.
وتقود الأمم المتحدة وصندق النقد والبنك الدوليين، توجهاً لتحييد القطاع المصرفي اليمني، لكنها لم تحدد الطرف الذي سيتولى قيادة البنك المركزي اليمني، خصوصاً في ظل تشتت الموارد بين ميليشيا الحوثي ودولة هادي والإخوان المسلمين في مأرب، ما يجعل من هذا الملف أكثر تعقيداً وتشابكاً مع بروز التحالفات المحلية وحجم التدخلات الخارجية في اليمن.