سكان قرية منظر اليمنية.. حلم العودة يتحول إلى كابوس
الميثاق نيوز- الحديدة -«المسافة التي تفصلنا عن بيوتنا لا تزيد عن كيلو متر واحد لكن ميليشيا الحوثي ضاعفتها إلى ألف كيلو» بهذه الجملة التي تنضح بالألم والقهر اختصر محمد سالم قصة نزوحه من قرية منظر جنوب مدينة الحديدة التي هي ذاتها قصة أغلب سكان هذه القرية الساحلية الصغيرة.
وأضاف سالم في حديثه لـ «البيان» عندما اشتدت المواجهات بالقرب من قريتنا اضطررنا للنزوح إلى حي الربصة داخل مدينة الحديدة وبعد توقف المواجهات أردنا العودة لبيوتنا، لكن تفاجأنا عند وصولنا إلى مناطق التماس بالمسلحين الحوثيين يقطعون الطريق ويطلبون منا العودة، وقالوا لنا إنهم لغموا كل شبر في المنطقة الفاصلة بينهم وبين قوات المقاومة المشتركة، فعدنا والدموع في أعيننا حيث كنا نشاهد بيوتنا قريبة منا ولا نستطيع الوصول إليها.
طريق بديل..
بعد معاناة مع واقع التشرد والنزوح وتعسفات ميليشيا الحوثي الإيرانية قرر محمد سالم ومعه العشرات من الأسر من أبناء منظر سلوك طريق بديل للعودة لديارهم المحررة وكان عليهم عبور ست محافظات وقطع مسافة تزيد عن ألف كيلو متر مروراً بالعاصمة صنعاء، ذمار، إب، تعز، لحج، عدن، المخا، وصولاً إلى خط الساحل الغربي المحرر المؤدي إلى قريتهم حيث تتواجد قوات المقاومة المشتركة.
وخلال مدة السفر التي تصل في غالب الأحيان إلى 30 ساعة يواجه النازحون مخاطر جمة حيث أصبحت معظم الطرق الأسفلتية معطوبة وغير صالحة لسير المركبات بالإضافة إلى مئات النقاط العسكرية التابعة لعناصر الميليشيا والتي تختلس أموالاً من المسافرين مقابل السماح لهم بالعبور من منطقة إلى أخرى، وتمارس إجراءات استفزازية كتوقيف باصات النقل لساعات طويلة واستجواب الركاب وتفتيش هواتفهم وتهديدهم بادعاء أنهم مطلوبون أمنياً للجماعة وذلك لإجبارهم على دفع المبالغ المطلوبة منهم.
ضحايا
فاطمة يحيى راجح «40 عاما» أطلق الحوثيون قذيفة هاون على منزلها في قرية منظر أثناء احتدام المواجهات، أصيبت فاطمة بشظايا في بطنها وظهرها ورجلها وتم إسعافها إلى مستشفى الثورة بمدينة الحديدة وبعد ستة أشهر تماثلت للشفاء وقررت العودة إلى ما تبقى من بيتها الذي هدمت قذيفة الميليشيا سقفه، وكان عليها أن تسلك طريق «الألف كيلو» رغم أنها ما زالت تعاني من أثر الشظايا.
تواصل فاطمة الحديث لـ«البيان» والعبرات تخنقها: أشعر أن الشظايا ما زالت تنغرز في صدري ورجلي، كانت حالتي قد تحسنت لكن كل هذه المسافة التي قطعتها في سبيل الوصول إلى بيتي أعادت الألم إليّ مرة أخرى وكأنني أصبت الآن.
انتهاكات الحوثي..
وأدان أيمن جرمش مدير مديرية الحوك، التي تتبعها قرية منظر إدارياً، انتهاكات ميليشيا الحوثي الإيرانية بحق سكان القرية ووصفها بجرائم حرب يجب أن لا يفلت مرتكبوها من العقاب والملاحقة القانونية.
وأضاف: منذ تحرير قرية منظر لم تتوقف الميليشيا عن قصفها ومنعها لسكان القرية من العودة لمنازلهم ليس إلا جزء من هذه الجرائم الإرهابية التي تجري في ظل وجود رئيس فريق مراقبة إعادة الانتشار الأممي في مدينة الحديدة الجنرال لوليسغارد، لذلك نحمله ونحمل المبعوث الأممي مارتن غريفيت المسؤولية في استمرار هذه الجرائم والانتهاكات.
وأردف جرمش: ميليشيا الحوثي تجبر كل من يرغب في العودة إلى منزله المحرر على سلوك هذه الطريق الملتوية والممعنة في الإذلال رغبة منها في التضييق على حياة اليمنيين وإبقائهم رهن التواجد تحت سيطرتها ليتاح لها المتاجرة بمعاناتهم واستخدامها كورقة سياسية في أي مفاوضات قادمة.
وعن دور الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في إعادة تطبيع الحياة في القرية قال جرمش: ما زال الهلال الأحمر الإماراتي يسيّر قوافل الإغاثة لسكان قرية منظر بشكل متواصل وقد عمل على إعادة ترميم المدارس والوحدات الصحية ورعاية الأسر الفقيرة وتوفير العلاج المجاني من خلال العيادات المتنقلة والمستشفيات الميدانية المنتشرة على طول الساحل الغربي.