تقرير يكشف "رأس الافعي" مهندس الانقلاب الذي مكن الحوثيين من التغلغل في مفاصل الدولة
الأحد 17 مايو 2020 الساعة 23:54
الشارع

يوماً بعد آخر، يتأكد أن يحيى محمد الشامي هو مهندس الانقلاب الحوثي، إذ كان له “دور محوري في التخطيط” لذلك الانقلاب، الذي تم في 21 سبتمبر 2014، وأدى إلى تجريف “الدولة الوطنية”، وأدخل اليمن في حروب متواصلة لم تتوقف حتى اليوم. لقد كان له دور رئيسي في تمكين المليشيا الحوثية العنصرية من مفاصل الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية.
تقول المعلومات المتطابقة إن “الشامي” يُعَدَّ أحد المراجع الرئيسية لمليشيا الحوثي، وكان أحد المشرفين الرئيسيين على عملية اجتياحها للعاصمة صنعاء، وإدارة عمليات ابتلاعها لمؤسسات الدولة، ونهب الممتلكات العامة والخاصة. على أن دوره السابق، كان الأخطر، والأكثر فتكاً باليمن.
تقلد الرجل، طوال عقود، مناصب حكومية عدة، وخلال ذلك لعب دوراً رئيسياً في “تمكين السلاليين العنصرين من مفاصل الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية”؛ خلال فترة عمله الطويلة كمسؤول رفيع في النظام السابق.
درس العلوم الزيدية في حجة، وتخرج من الكلية الحربية عام 1965، وتدرج في المدرعات حتى أصبح قائداً للواء الثاني مدرع مستقل، وقائداً للمحور الجنوبي، ووكيلاً لمحافظة إب لشئون المناطق الوسطى. تسلم قيادة المحور الجنوبي، وقيادة اللواء الثاني مدرع في إب، حتى نهاية عام 1984م، وبعد ذلك بعام استلم عمله كمحافظ لمحافظة صعدة.
بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990م، عُيِّن اللواء يحيى الشامي محافظاً لمحافظة مأرب، وظل فيها خمس سنوات حتى قدم استقالته عام 1995م. ونهاية عام 97، عُيِّن محافظاً لمحافظة البيضاء، وظل في عمله هذا تسع سنوات (حتى عام 2006م)، ثم عُيِّنَ محافظاً لمحافظة صعدة. وعام 2006، عُيِّنَ، للمرة الثانية، محافظاً لصعدة؛ حيث أطلق المعتقلين الحوثيين من السجون، ووجه عمله الحكومي بما يخدمهم ويوطد سيطرتهم على المحافظة.
“وإذ تنبه الرئيس اليمني الراحل إلى الخطأ الذي ارتكبه بتعيين الرجل محافظاً لصعدة فإن إقالته من المنصب لم تغير من الواقع شيئاً؛ إذ إن الميليشيا كانت قد أحكمت قبضتها على أكثر من خمسة معسكرات للجيش ومخازن الأسلحة وأجهزة الأمن، واستغلوا تلك الفترة لنقل كميات ضخمة من الأسلحة الإيرانية التي كانت تهرب إلى شواطئ محافظة حجة القريبة، ويتم تخزينها ونقلها إلى صعدة برعاية اللواء الشامي”.
يضيف تقرير صحفي متحدثاً عن “الشامي”: “ولأن الرجل ذو شخصية غامضة ويتصف
بالصمت وإخفاء قناعاته، فقد ظل بعيداً عن أنظار العامة والنخبة السياسية، وإن أدرك بعض القادة العسكريين انخراطه في المشروع الطائفي السلالي فإن الأمر أخذ في كثير من الأحيان باعتباره نوعاً من المكايدة إلى أن تولى موقع محافظ صعدة، وإظهاره تأييداً واضحاً لميليشيا الحوثي”.

خلال فترته السلطوية الطويلة، كَرَّس “الشامي” جهده لخدمة السُّلالة التي ينتمي إليها. ورغم معتقداته الدينية والسياسية، انتمى لحزب السلطة (المؤتمر الشعبي العام) وتدرج فيه حتى أصبح عضواً في لجنته العامة، ثم رئيساً لهيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي فيه. إنه بارع في الاختفاء والتلون السياسي.
بعد ثورة 2011، ظهر الانتماء الحقيقي لـ “الشامي”. لقد أصبح لا يخفي ارتباطه بمليشيا الحوثي، ومَثَّلها في مؤتمر الحوار الوطني. وبمرور الوقت، كان يظهر كشخصية مؤثرة داخل المليشيا. لكنه فضَّل البقاء في الخلف محتفظاً بالغموض الذي يسم شخصيته. وبسبب تأثيره الكبير داخل الجماعة، تم، نهاية ديسمبر 2014، تعيين نجله زكريا نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش، رغم أن مؤهلاته ورتبته العسكرية لا تسمحان بذلك. بعدها، تم تعيين زكريا وزيراً للنقل.
وقد كان زكريا هذا عضواً في مليشيا الحوثي رغم أن والده مسؤولاً حكومياً! وبسبب ذلك، “تم اعتقاله، وأفرج عنه بوساطة والده، الذي عُرِفَ بقربه من قادة عسكريين مقربين من الرئيس السابق، ودفعوا نحو تعيينه محافظاً لمحافظة صعدة في سبيل تهدئة الأوضاع وتطبيعها هناك عقب الحرب الخامسة، لكنه وطوال فترة عمله كمحافظ المحافظة مكّن الحوثيين من إحكام السيطرة على الأجهزة الأمنية واختراق المعسكرات”.

بسبب الصراعات التي ظهرت داخل قيادات المليشيا، بعد اجتياح صنعاء، تم، بشكل غير معلن، تشكيل لجنة حوثية أطلق عليها “اللجنة العليا للأزمات”، أُسندت رئاستها ليحيى محمد الشامي، وعُيِّن عضواً في المجلس السياسي الحوثي. وفي 28/11/2016، أصدرت مليشيا الحوثي، عبر “المجلس السياسي الأعلى” التابع لها، قراراً قضى “بتعيين اللواء الركن يحيى محمد الشامي مساعداً للقائد الأعلى للقوات المسلحة بدرجة نائب رئيس وزراء”. إلا أن الرجل فَضَّل البقاء خلف الأضواء.
من خلف الستار، ظَلَّ يحيى الشامي يُشارك، بشكل مباشر، في رسم سياسات وتوجهات المليشيا، ويعتبر بمثابة مستشار فاعل لعبدالملك الحوثي؛ إذ يعتمد الأخير على استشارات الأول في حركة مليشياته وتوجهاتها الأمنية والعسكرية، والسياسية أيضاً.
وتقول المعلومات إن “الشامي” هو أحد أشخاص قلة يرسمون توجهات وسياسات الأجهزة الأمنية للمليشيا. وهناك من يرى أنه “المرجعية السياسية” لجماعة الحوثي، ويُبدي، بشكل غير معلن، تعصباً متحمساً للأفكار العنصرية التي تؤمن بها الجماعة، وداعم أساسي للأساليب العسكرية والأمنية الوحشية التي تتبعها ضد اليمنيين؛ لا سيما اعتقال النساء والتنكيل بهن، وتعذيب المعتقلين، وعمليات تفجير منازل الخصوم. وللرجل تاريخ شخصي مع تفجير منازل الخصوم السياسيين والفكريين؛ فخلال فترة خدمته للنظام السابق، في ثمانينات القرن الماضي، قاد حملات عسكرية لملاحقة ناشطي وأعضاء ما كان يُعرَف بـ “الجبهة الوطنية”، وأسرف في التنكيل بهم وتفجير منازلهم.
تقول صحيفة البيان الإماراتية، في تقرير نشرته، في 2 أغسطس 2019: “والشامي لواء سابق في الجيش اليمني، وبرز اسمه خلال المواجهات بين شطري اليمن في الثمانينيات، وأدين أثناء حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح بإعدام عدد من عناصر الجبهة الوطنية اليسارية في محافظة إب، قبل مصادقة الرئيس على حكم إعدام أصدرته محكمة عسكرية ضدهم بتهمة التعامل مع الدولة التي كانت قائمة في الجنوب”.
تضيف الصحيفة، في تقريرها الذي نشرته تحت عنوان “يحيى الشامي.. مهندس الانقلاب الحوثي يتقدم إلى الواجهة”: “كما اشتهر بقيادة حملة عسكرية في تلك المنطقة، وتم خلالها اقتحام القرى، وتدمير المزارع، والتنكيل بالسكان، بحجة أنهم موالون للجبهة المدعومة من دولة الجنوب. ومنذ بداية المواجهات مع تمرد الميليشيا على السلطة المركزية في صنعاء منتصف العام 2004، برز ابنه زكريا، الذي يشغل حالياً وزارة النقل في حكومة الانقلابيين، كأحد القادة العسكريين للميليشيا مع أنه من منتسبي القوات المسلحة وحصل على رتبة ضابط بمساندة والده”.

منذ سيطرة المليشيا الحوثية الموالية لإيران على مؤسسات الدولية، وَزَّع يحيى الشامي، المناصب القيادية في الوظيفة العامة على الأسر الهاشمية، لاسيما الرتب العسكرية والمناصب الأمنية، كما يحلو له دون أن يستطيع أحد معارضته.
وكشفت وثيقة مسربة، مؤخراً، بعض نفوذ يحيى الشامي داخل مليشيا الحوثي. الوثيقة هي عبارة عن رسالة وجهها “الشامي”، في 20/12/2019، إلى وزير داخلية المليشيا، عبدالكريم أمير الدين الحوثي، طالبه فيها بترقية شخص من أُسرته، ويدعى محمد عبدالصمد أحمد الشامي من رتبة مساعد أول إلى رتبة نقيب. وقد تم تنفيذ ذلك الطلب.
وعُرِفَ عن “الشامي” تعصبه السُّلالي، وتفيد المعلومات أنه كان من أكبر المتحمسين لتوزيع المناصب والثروة، التي استولت عليها المليشيا، على أفراد الأُسر التي يجمعه وإياها انتماء سُلالي واحد. ولأن مليشيا الحوثي قائمة على هذا التعصب السُّلالي العنصري المعشعش في رأس عبدالملك الحوثي؛ تم احتكار أغلب المناصب على أُسر بعينها، وانعكست الحرب، التي دمرت اليمن، كثراء فاحش في تلك الأُسر، التي نهبت الأموال العامة، والأراضي والعقارات المملوكة للدولة؛ إلى جانب السطو على الأراضي والممتلكات الخاصة. ومعروف أن “أسرة الشامي” حازت النصيب الأوفر من المناصب والغنائم الحوثية المسروقة.

من أين امتلك يحيى الشامي كل هذا النفوذ؟ تقول المعلومات إن ذلك عائد إلى موقعه داخل الكيان السري الذي يُعرف بـ “حُكماء آل البيت” في اليمن. وطبقاً للمعلومات، فالرجل أصبح، عام 2007، هو رئيس “مجلس حكماء آل البيت” في البلاد. وكان هذا الكيان السري هو الموجه الرئيسي لـ “الهاشمية السياسية”، قبل ظهور مليشيا الحوثي. وإلى ذلك، فـ “الشامي” ينتمي لذات السُّلالة التي تنتمي إليها أُسرة عبدالملك الحوثي؛ وتدعي أن لها “حقاً إلهياً بحكم الناس”!

متعلقات