قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، إن اليمن لن يحكم على أساس الهيمنة العسكرية الداخلية أو الخارجية وبشكل مستدام، مشيراً إلى أنه من الصعب التحول من زمان الحرب إلى السلام الذي يتطلب قبول الأطراف والشجاعة للتخلص من الحرب والتقدم للسلام.
جاء ذبك خلال مؤتمر صحفي عقده في ختام زيارته إلى صنعاء، أشار فيه إلى أنه بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، في إطار مساعي وقف الحرب والتقدم نحو السلام.
ونشر مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، الاثنين، نص المؤتمر الصحفي لغريفيث في مطار صنعاء جاء فيه:” وسطت الأمم المتحدة بين الأطراف من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، ورفع القيود المفروضة على حرية حركة الأشخاص والسلع الأساسية من اليمن وإليها، وإعادة إطلاق العملية السياسية. وقد ظلت هذه العناصر قيد التفاوض منذ أكثر من سنة. وطوال هذه العملية اقترحنا العديد من السبل لتجسير الفجوة بين مواقف الأطراف. وقد ناقشت هذه الخطة مع مسؤولين يمنيين وسعوديين في الرياض عدة مرات. وقد ناقشتها أيضًا في مسقط، منذ بضعة أيام. كما ناقشتها مع السيد عبد الملك الحوثي هنا في صنعاء أمس”.
وأضاف: “أود أن أقول أن هناك قدر كبير من الدعم الإقليمي والدولي لخطة الأمم المتحدة ولجهودنا، لكن الأمر الأكثر أهمية من ذلك هو حقيقة رغبة ودعم اليمنيين لإنهاء الحرب ولاستعادة حرياتهم. نأمل أن يسفر هذا الدعم من اليمنيين ومن المنظمات الإقليمية والدولية، وكل العمل الذي أنجزناه مع الأطراف خلال العام الماضي، ربما، عن نتائج إيجابية وأن يؤدي إلى اختتام ناجح لعملية التفاوض الطويلة هذه”.
وقال المبعوث الأممي، إن مواقف الأمم المتحدة واضحة ولا لبس فيها. وأريد أن أكررها هنا. هذه هي وجهة نظرنا:
أولاً: لابد من إزالة كل العقبات التي تحول دون حصول اليمنيين على الغذاء والسلع الأساسية، بما في ذلك الوقود. ويجب ضمان تدفق السلع، بما في ذلك الوقود، بغرض الاستخدام المدني إلى اليمن وداخله كمسألة مبدأ وبصرف النظر عن الاعتبارات السياسية والعسكرية. وقد تضمنت جميع المقترحات التي تفاوضنا عليها في العام الماضي رفع القيود المفروضة على موانئ الحديدة، خاصة فيما يتعلق بدخول سفن الوقود.
ثانيًا: هناك حاجة ماسة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد لتخفيف وطأة الوضع الإنساني على اليمنيين بشكل فوري، ولفتح الطرق أمام حركة الأشخاص والسلع بحرية، ولإعادة الحياة الطبيعية إلى الملايين. إن استمرار الأنشطة العسكرية في العديد من أنحاء البلاد، بما في ذلك في مأرب، يقوض فرص السلام في اليمن في رأيي، ويعرض حياة الملايين للخطر، ويجب أن يتوقف.
ثالثًا: لقد ضمنت كل المقترحات التي طرحناها إعادة فتح هذا المطار الذي أتحدث منه اليوم، مطار صنعاء. إن فتح هذا المطار للرحلات التجارية هو أمر أساسي بالنسبة لحرية الحركة.
كل هذه المقترحات تتماشى مع الرغبات والتصريحات العلنية التي يدلي بها جميع الأطراف بشأن إعطاء الأولوية للاحتياجات الإنسانية لليمنيين. إلا أننا لم نر بعد اتفاقًا.
رابعًا وهي النقطة التي لا تقل أهمية: لا يمكن كسر دائرة الاضطرابات السياسية والعنف إلا من خلال تسوية تفاوضية تؤدي إلى مستقبل من الحوار السياسي اليمني-اليمني المستدام، والحكم الخاضع للمساءلة، والعدالة الاقتصادية، والمواطنة المتساوية للجميع. وهذا هو المبدأ الذي يُرشد جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن.
وتابع: “في رأيي، ليس هناك أي عدل في حرمان اليمنيين من الأمل في أن تكون هناك نهاية لمعاناتهم تلوح في الأفق. وليس من العدل إطلاقًا حرمانهم الفرصة لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا. لا يمكن حكم اليمن بشكل مستدام استنادًا على الهيمنة العسكرية. كما لا يمكن حكمه بشكل مستدام مع التدخل الخارجي”.
واختتم غريفيث حديثه بالقول :”أعرف أن اتخاذ القرار للانتقال من الحرب إلى السلام يتطلب تنازلات وتضحيات كبيرة من قيادات الأطراف. يحتاج الأمر لشجاعة للابتعاد عن الحرب ومعاناة الحرب، والتوجه نحو الاحتمالات غير المؤكدة التي تصحب السلام. يحتاج الأمر لشجاعة، وأتمنى معكم أن يتم إيجاد هذه الشجاعة لدى القيادات ولدى اليمنيين لإنهاء هذا النزاع وللبناء على تلك القضايا التي كنت أناقشها”.
وحول رده على سؤال أحد الصحفيين الحاضرين متى تعتقد أنه ستكون هناك مفاوضات جادة؟، أجاب غريفيث: إسمع، لا أحد يمكن أن يكون أكثر إحباطًا مني، لقد أمضينا عامًا ونصف نعمل على أمور يسهل وصفها نسبيًا، وقف إطلاق النار، وفتح مطار صنعاء، وفتح موانئ الحديدة، واستئناف العملية السياسية التي تشهد تأخيراً كبيراً.
وأضاف: “لقد ناقشنا هذا الأمر بتفاصيل كثيرة كلمة بكلمة مع الطرفين لمدة سنة ونصف. اسمحوا لي أن أكون صادقا معكم. في بعض الأحيان نحرز تقدمًا جيدًا، ونتوقّع النجاح، وأننا سنتوصّل إلى اتفاق، ثم تتدخل الحرب ويعتقد طرف أو آخر أنه سيحقق المزيد من المكاسب في ساحة المعركة، (في إشارة إلى الحوثيين) لذا فهو لا يريد إنهاء الحرب”.
وزاد: “دعوتنا بسيطة للغاية: أوقفوا الحرب، وأوقفوا احتمالات المكاسب العسكرية، وأنهوا النزاع، وابنوا سلاماً لليمن، واجعلوا اليمن مكانًا للشعب اليمني”.
واستدرك: “لقد سألتني متى سيحدث هذا؟ يتهمني الجميع بأنني متفائل جدا. لست متأكدًا من أن ذلك سيحدث اليوم. نحمل من لقائنا مع عبد الملك الحوثي أمس بعض الأفكار التي سنشاركها مع الطرف الآخر، ما يمكنني أن أقول هو أنّ هناك طاقة دبلوماسية حقيقية الآن وهذا ما لن نشهده دائماً. أعتقد أنها قوية ولكن العديد من القضايا- لا جميعها – هي إنسانية، وأعتقد أن هذا سبب قوي للغاية لضرورة توصل القادة إلى اتفاق عاجل”.