أثار تنظيم مليشيات الحوثي الإرهابية في الآونة الأخيرة عروضاً عسكرية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى العديد من التساؤلات عن ارتفاع وتيرة عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن على الرغم من تمديد الهدنة الأممية الحالية.
ولم تحقق الهدنة منذ بدئها في شهر أبريل الماضي شيئاً ملموساً للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا رغم وفاء الجانب الحكومي بتعهداته في وقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة ودخول أكثر من 26 سفينة محملة بالنفط، لاحتكار الجماعة لكل الرحلات وافتعال أزمة ورفع أسعار الوقود لتدر أموالاً طائلة لصالح قياداتها.
في المقابل لم تلتزم مليشيات الحوثي بالهدنة على أرض الواقع خصوصاً مع ازدياد الخروقات والانتهاكات والهجمات اليومية التي تقوم بها في مختلف الجبهات، بل وكثفت عمليات التحشيد والتجنيد في صفوفها ونظمت عروضا عسكرية ضخمة في صنعاء وتعز وذمار وإب تحوي دبابات ومدرعات وآليات ومنصات وصواريخ حديثة وآلاف الأفراد من المقاتلين الجدد والتي عززتها الدلائل والبراهين واعترافات تشير إلى ارتفاع منسوب وتيرة عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية لذراعها المحلي في اليمن مليشيا الحوثي الإرهابية مستغلة استمرار الهدنة الأممية.
ويقول جوشوا كونتز، الخبير الأمريكي المختص بالشأن اليمني لوكالة خبر: "بناءً على بحثي، من الصعب تحديد ما إذا كان الظهور الأخير للأسلحة الإيرانية وأنواع أخرى في سلسلة العروض العسكرية التي أقامها الحوثيون ناتجا عن زيادة التهريب".
وأوضح أنه "تم استخدام بعض الأسلحة المرصودة، بما في ذلك البنادق الإيرانية من طراز (AM-50) وقاذفة (Sageg RPG) الإيرانية، في مختلف جبهات القتال في اليمن طوال الست السنوات. يبدو أن العديد من هذه الأسلحة متهالكة، مما يشير إلى أنها ربما تكون قد استخدمت قبل هذه الأحداث".
وأشار إلى أن "ظهور صاروخ ميثاق-2 الإيراني (وهو صاروخ أرض جو موجه حرارياً إيراني الصنع محمول على الكتف يوجه بالأشعة تحت الحمراء)، مؤخرا في عرض حوثي أقيم في عمران، جدير بالملاحظة لأن الحوثيين لم يُظهروا مثلها في مقاطع الفيديو الدعائية الخاصة بهم على مدار العامين الماضيين".
وكما بين تقرير لموقع "War on the Rocks" الأمريكي، بدأت طهران في تصدير ترسانة من الأسلحة الصغيرة إلى الحوثيين، تلتها أسلحة أكثر تطوراً وفتكاً مع استمرار الحرب، حيث تستخدم إيران طرق تهريب معقدة لنقل أسلحتها إلى وكلائها الإقليميين، بمن في ذلك المتمردون الحوثيون.
ووفقاً للتقرير، توزع إيران أيضًا مكونات الأسلحة، التي يدمجها المسلحون الحوثيون بعد ذلك مع منتجات محلية الصنع أو واردات أخرى لتصنيع أسلحة فعالة، حيث يجمعون هذه الأجزاء بمساعدة فنية من مستشاري حزب الله والحرس الثوري.
وبحسب التقرير يسمح هذا النهج للحوثيين بإطلاق طائرات بدون طيار قصيرة وطويلة المدى وامتلاك أسطول متنوع بشكل متزايد من الصواريخ القادرة على الضرب بعمق داخل المملكة العربية السعودية، كما استخدمت قوات الحوثي صواريخ مضادة للسفن من طراز C-801 صينية الصنع، يصل مداها إلى 42 كيلومتراً، لشن هجمات على ناقلات في البحر الأحمر، وكانت هذه الصواريخ جزءًا من ترسانة الجيش اليمني قبل عام 2014 وتم الاستيلاء عليها خلال الحرب. لكن ربما تم تعديلها بشكل أكبر بمساعدة إيران أو حزب الله".
في حين أن حجم الأسلحة التي قدمتها إيران للمتمردين الحوثيين غير واضح، فقد حدد الخبراء مجموعة واسعة من عمليات النقل هذه، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، صدرت إيران تكنولوجيا للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والألغام البحرية والمركبات الجوية بدون طيار والصواريخ الباليستية والصواريخ الانسيابية، من بين أسلحة أخرى.
وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) أن "المكونات الإيرانية تم دمجها أيضًا في صواريخ SA-2 أرض-جو اليمنية لبناء سلسلة "قاهر" من صواريخ أرض - أرض. كما طور الحوثيون نسخة معدلة من صواريخ كروز الإيرانية "قدس 1" و"قدس 2" بمساعدة إيرانية.
ويعزز ذلك اعترافات خلية التهريب الحوثية التي أطاحت بها الأجهزة الأمنية في الساحل الغربي لليمن، والتي كشفت عن تواطؤ قوات حزب الإصلاح الجناح السياسي والذراع العسكري لتنظيم الإخوان، في محافظة المهرة (جنوب شرق اليمن)، في عمليات إدخال الأسلحة الإيرانية المهربة ونقلها لمليشيا الحوثي الإرهابية.
وطبقا لاعترافات أفراد الخلية المضبوطة –نشرتها القوات المشتركة- تعد سواحل مدينة الغيظة عاصمة محافظة المهرة (تنتشر فيها قوات أمنية تابعة للإخوان) نقطة تسليم مهمة لشحنات السلاح الإيراني لنقلها عبر طرق برية إلى مليشيا الحوثي.
وجاء في اعترافات أعضاء الخلية، إن مدينتي بوصاصو وبربرة في الصومال، تشكلان مراكز استلام وتسليم في شبكة التهريب للسلاح الإيراني، تمهيداً لنقله إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية.
واستغلت المليشيا الحوثية معرفة وخبرة فئة البحارة من أبناء المناطق الساحلية اليمنية، لتسخيرها في عمليات تهريب الأسلحة من ميناء بندر عباس الإيراني إلى موانئ الحديدة.
وكشفت الخلية عن وجود ضباط ارتباط يتبعون المليشيا متواجدين في ميناء بندر عباس الإيرانية، للتنسيق في عمليات الطلبات الحوثية من السلاح مع ضباط الحرس الثوري المكلفين بالملف اللوجستي اليمني والتزويد بالأسلحة.
وأكد أعضاء الخلية ما كشفته اعترافات خلايا تهريب أعلنت المقاومة الوطنية ضبطها في أوقات سابقة، العمل في مسارين رئيسيين للتهريب أحدهما بحري والثاني بري، ونقاط انطلاق وتسليم بحرية وبرية.
الشحنات المنطلقة من بندر عباس، يتم تفريغها عدة مرات في قوارب في البحرين العربي والأحمر، وعادة ما تكون نقاط الانطلاق لتلقي الشحنات من ميناء الشحر بمحافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، حسب اعترافات أفراد الخلية المضبوطة.
ومن ضمن الشحنات التي هربها الحرس الثوري، كما جاء في الاعترافات، شحنة أسمدة، يعتقد أنها تحوي نترات الأمونيوم المستخدمة في صناعة المتفجرات، والتي كانت السبب بكارثة تفجير ميناء بيروت في أغسطس 2020.
ولفتت اعترافات خلية التهريب، إلى أسلوب التعاطي الأمريكي مع القضية، عند ضبط قطع بحرية أمريكية لشحنة سلاح كانت الخلية متورطة فيها، واكتفائها بمصادرة الشحنة، والإفراج عن المهربين، دون تسليمهم للحكومة اليمنية أو لدول التحالف العربي.