الرئيس العليمي يخاطب الأمم بالقول الأهم
الخميس 22 سبتمبر 2022 الساعة 20:02
الميثاق نيوز، متابعة خاصة

وضع فخامة الرئيس العليمي النقاط على الحروف في الخطاب الأهم الذي القاه في حضرة الأمم ، اليوم الخميس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أوضح  أنه “ليس هناك خيارا أفضل من أن يدعم المجتمع الدولي الحكومة الشرعية لتتمكن من الانتصار لقيم الحرية والسلام والتعايش المدني”

وقال فخامته إن الحلول التحويلية التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة شعارا لها، “تتطلب أولا ترسيخ القيم الواضحة لبناء السلام الذي ينشأ نتيجة قيام حكومة مستقرة، وامتلاك رادع حاسم لحماية العملية السياسية، وفتح الطريق أمامها بكل السبل”.

دااعيا  المجتمع الدولي إلى إحداث تحول حاسم في مقاربته للازمة اليمنية، وانهاء المعاناة الإنسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.
 الكلمة التي نشرتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)،سرد العليمي فيها  جذور وتطورات النكبة التي يعيشها اليمنيون للعام الثامن منذ انقلاب المليشيات الحوثية على التوافق الوطني، وسيطرتها على مؤسسات الدولة، وإعلانها الحرب على دول الجوار والعالم أجمع.
وطالب فخامة الرئيس، المجتمع الدولي بإدانة التدخلات الإيرانية السافرة في اليمن، واخضاع النظام الإيراني إلى الجزاءات المفروضة بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بنظام حظر الأسلحة. ومنعه من تزويد مليشياته بالتقنيات العسكرية كالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي تستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية بحق المدنيين في اليمن، ودول المنطقة.
مشددا على المجتمع الدولي، تحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الفظيعة التي ترقى إلى جرائم حرب في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة الحوثيين. بما في ذلك استمرار معاناة عشرات الآلاف من مواطنينا المهجرين، والمحتجزين والمخطوفين، والمخفيين، والمعتقلين، بينهم صحفيون ونشطاء، وفنانون، وعمال إغاثة، ورهائن من مختلف الأعمار.
كما أشاد العليمي، بالموقف الموحد للمجتمع الدولي إزاء القضية اليمنية، والمواقف المشرفة لتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
كما جدد التأكيد على تمسك مجلس القيادة الرئاسي بنهج السلام، وفقا لمرجعيات الحل الشامل للأزمة اليمنية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصا القرار 2216.
وأشار، إلى التزام الحكومة ببنود الهدنة الإنسانية السارية، في حين لاتزال المليشيا الإرهابية تغلق طرق تعز والمحافظات الاخرى، وتتنصل عن دفع رواتب الموظفين لديها والإفراج عن السجناء والمحتجزين، على حد قوله.
وذكر، أن المليشيا الحوثية، “تبحث عن أي ذريعة لإفشال الهدنة، وإعاقة الجهود الأممية، والدولية لتجديدها والبناء عليها في تحقيق السلام الشامل الذي تتطلعون إليه جميعا”.
وقال: “لقد قطعت هذه الهدنة الشك باليقين من أننا نفتقد بالفعل لشريك جاد في صناعة السلام. كما عززت قناعة اليمنيين بصعوبة التهدئة المستدامة دون رادع حاسم مع جماعة طائفية مسلحة”.
وأضاف: “نؤكد في هذا الصدد الموقف الثابت لمجلس القيادة الرئاسي المرحب بتجديد الهدنة على أن لا تكون على حساب مستقبل اليمنيين. وتحضيرا لجولة أدمي من الحرب وتفريطا بالسيادة وتمكينا لهذه المليشيات الإرهابية التي لا تهدد اليمن فحسب بل الإقليم والعالم”.
وتابع: “إذا استمرينا عالقين بين مخاوف من أن استخدام القوة سيقطع الطريق أمام محاولات التهدئة الهشة. وأن التصنيف الإرهابي سيقود إلى كارثة إنسانية، فعلينا إذا البحث عن خيارات بديلة مساوية لقوة ذلك الردع. وليس هناك أفضل من أن يدعم المجتمع الدولي الحكومة الشرعية لتتمكن من الانتصار لقيم الحرية والسلام والتعايش”.
وقال إن “الدبلوماسية بمفهومها الأكاديمي، تقوم على تقريب وجهات النظر المختلفة. وهي لا يمكن أن تمارس، بحسب هذا التعريف، إلا في إطار نظام معترف بشرعيته. وعدم الاتصال بالكيانات التي تنكر قواعد النظام الدولي. وإلا كان ذلك نكثا بمبادئ وميثاق هذه المؤسسة”.
فيما يلي نص الكلمة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي، السيد الرئيس، السيد الأمين العام، السادة المندوبين، السادة الحضور جميعا، في البداية أتقدم بخالص التهاني لمعالي السيد تشابا كوروسي، ولبلده الصديق جمهورية المجر لانتخابه رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنيا له كل التوفيق والنجاح في قيادة أعمال هذه الدورة التي تطمح وفق شعارها الى “حلول تحويلية لتحدياتنا المتشابكة”.
كما أتقدم بالشكر الجزيل لسلفه ممثل جمهورية المالديف عبدالله شاهد، على ما بذله من جهد في خدمة أهداف ومبادئ هذه المؤسسة.
واود الثناء، والاشادة ايضا بدور الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، في تعزيز حضور المنظمة الاممية وسط كل هذه التحديات العالمية المتشابكة، وهو شكر موصول لكافة موظفي الأمم المتحدة، ووكالاتها ومبعوثيها، الذين يبذلون جهودا كبيرة للتخفيف من معاناة شعبنا، جنبا الى جنب مع مساعيهم الحميدة ومحاولاتهم المستمرة لجلب السلام والاستقرار الى بلدنا الذي ينزف للعام الثامن على وقع الحرب، وازمة انسانية كبرى من صنع المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الإيراني.
كما اغتنم هذه المناسبة لأتقدم بخالص التهاني الى ابناء شعبنا اليمني العظيم الذين يحتفلون بالتزامن مع انعقاد هذا الاجتماع الرفيع بأعيادهم الوطنية 26 سبتمبر، و١٤ اكتوبر، و٣٠ نوفمبر، التي مثلت محطات فاصلة من التطور الاجتماعي والثقافي، وإعلان النظام الجمهوري، الذي يسعى الإماميون الجدد إلى الانقلاب عليه بعد ستة عقود من قيامه وتأسيسه على مبادئ الحرية والعدالة وازالة الفوارق والتمييز العنصري ومشاركة المرأة وضمان الحقوق والحريات.
السادة الحضور
يشرفني أن أتحدث إليكم اليوم للمرة الاولى بصفتي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية، وهي السنة الثامنة على التوالي التي يقف فيها قائد يمني أمامكم هذا الموقف ليحكي قصة الحرب، والدمار، والازمة الإنسانية الأسوأ في العالم.
يحمل قادتنا في كل مرة إلى رحاب هذا الصرح العظيم، المزيد من الآلام، والأوجاع، وذكريات عن القادة الشجعان، والنساء والأطفال، والجيران، والأصدقاء، وزملاء العمل، الذين نفقدهم يوميا بسبب الحرب، والأوبئة، والجوع.
وكلما تباطأنا عام آخر عن تقديم موقف حازم إزاء الملف اليمني، كلما كانت الخسائر أكثر فداحة، والمليشيات، والجماعات الارهابية أكثر خطرا في تهديداتها العابرة للحدود، فضلا عن انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان التي توحدت حولها أممنا تحت مظلة هذه المؤسسة على مدى أكثر من سبعين عاما.
وأنا هنا اليوم لأشارككم القصة مجددا.
قصة الشعب اليمني العظيم، والصبور، وكفاحه، ومعاناته، وأسئلته التي تحاصرنا جميعا، وما إذا كان بوسعنا هذه المرة العمل الجاد من أجل وقف نزيف الدم، وإنقاذ الأرواح، وهزيمة التطرف، والإرهاب، وحماية إرادة شعبنا وتطلعاته المشروعة في استعادة الدولة، والمشاركة السياسية، والعيش الكريم، والتخلص من التطرف الديني، والمذهبي والطائفي، وزرع الكراهية بين الشعوب.
السيد الرئيس، السيد الأمين العام،،
على طول الطريق كان موقف الأسرة الدولية موحدا، إزاء المسألة اليمنية، وهو موقف يبعث على الاعتزاز والتقدير، بدء بدعم خطة نقل السلطة على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية عام 2011، والشروع في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انتهى في يناير عام 2014 بمشاركة كافة القوى والمكونات اليمنية بمن فيهم الحوثيون، وأفضى إلى وثيقة مرجعية ضامنة للمشاركة الشعبية الواسعة، و تحقيق تطلعات اليمنيين في الديمقراطية، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والمشاركة الواسعة للمرأة، والحفاظ على حقوق الفئات الضعيفة، وحرية الاعتقاد، وتوج هذا الجهد بانعقاد مجلس الأمن الدولي في صنعاء عام 2013.
لكن هذا الحلم لم يستمر طويلا، حيث انقلبت المليشيات الحوثية الإرهابية على التوافق الوطني المنبثق عن ذلك الحوار الشامل، وأعاقت طرح مسودة الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي، وأطلقت حملة اجتياح واسعة للعاصمة صنعاء ومدن اليمن، وملاحقة رئيس البلاد وحكومة التوافق الوطني إلى عدن، سعيا لاغتياله، وسيطرت على مؤسسات الدولة كأمر واقع، وأعلنت الحرب على دول الجوار والعالم أجمع.. وتلك كانت بداية قصة هذه الحرب المدمرة، التي تحولت اليوم إلى مصدر تهديد حقيقي لأمن المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة العالمية بأسرها.
لقد أودت هذه الحرب أيها السادة بحياة مئات الآلاف من الأرواح، والمصابين في غضون السنوات الماضية، وقذفت بأكثر من 20 مليونا إلى دائرة الجوع، كما شردت مئات الالاف أيضا عبر الأقطار والقارات، وأكثر من أربعة ملايين نازح إلى مخيمات داخلية في ظروف بالغة القسوة، وسحقت سبل العيش وهامشنا الديمقراطي الناشئ.
كما جلبت الأوبئة والفيضانات المرتبطة بالمتغيرات المناخية سنويا الموت والدمار المكلف مع انهيار شبكة الحماية والرعاية الحكومية، ما يجعل خياراتنا لإنقاذ الأرواح محدودة، في ظل تعنت المليشيات الإرهابية، ورفضها كافة المساعي لتحقيق السلام المستدام، والتفرغ لإعادة بناء بلدنا، وتنميته.
السادة الحضور
منذ السابع من أبريل الماضي، بدأ عهد جديد في بلادنا قائم على الشراكة والتوافق الوطني بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي كممثل شرعي للشعب اليمني، وإرادته السياسية بموجب مرجعيات المرحلة الانتقالية، التي باركها شعبنا، والمجتمع الإقليمي، والدولي.
ومنذ اليوم الأول جعل مجلس القيادة الرئاسي خيار السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية كأسمى أهدافه على طريق استعادة الدولة، وانهاء الانقلاب، وإعادة العمل بمنظومة الحقوق والحريات، والمواطنة المتساوية، وضمان تمكين المرأة والشباب من صنع مستقبلهم وبناء السلام المنشود.
وعلى مدى الستة الأشهر الماضية، عمل مجلس القيادة الرئاسي بشكل وثيق مع حكومة الكفاءات السياسية، والأشقاء في التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والشركاء الإقليميين والدوليين، على برنامج إصلاحات عاجلة لتفعيل المؤسسات، وتحسين الخدمات، وكبح انهيار العملة الوطنية، والسيطرة على الآثار الجانبية للتضخم الحاد، والأزمة الغذائية العالمية.
كما أعطينا أولوية، لبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية، وإعادة تشكيل السلطة القضائية، بعد نحو عامين من التوقف، ضمن حزمة من الاستحقاقات المرتبطة بمكافحة الفساد، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتفعيل أجهزة انفاذ القانون، وتحقيق العدالة، وحماية الحريات العامة، والسلم الاجتماعي.
السيدات والسادة
يؤكد مجلس القيادة الرئاسي، تمسكه بنهج السلام، وفقا لمرجعيات الحل الشامل للأزمة اليمنية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصا القرار 2216، التي تضمن جميعها سلاما مستداما يحفظ للدولة مكانتها، وسلطاتها الحصرية، ومؤسساتها الدستورية، ونظامها الجمهوري.
كما نعلن احترامنا الصارم للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والالتزام بكافة المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية، والعمل بنهج التحالف الوثيق مع دول الجوار، والشراكة البناءة مع الأمم المتحدة والأسرة الدولية، في مساعيهم لبناء السلام وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، والحرية لكافة شعوب العالم.
ويلتزم مجلس القيادة الرئاسي بترسيخ نهج متسق مع ميثاق ومهام الأمم المتحدة، وتسهيل عمل وكالاتها الإنسانية، وبعثاتها السياسية، وآلياتها الرقابية ذات الصلة، وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنساء، ومنع استغلال الأطفال، وتجنيدهم في الأعمال القتالية.
السيد الرئيس،، السيد الامين العام،،
منذ اليوم الاول للازمة اليمنية، خضنا مع المليشيات المتمردة تجارب مريرة في رحلة البحث عن السلام، نكثت فيها بكافة العهود والالتزامات، بدء باتفاق السلم والشراكة غداة اجتياحها العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ومرورا باجتماعات جنيف الأولى والثانية، ومشاورات الكويت، وستوكهولم، وصولا إلى الهدنة القائمة، التي فقدنا خلالها نحو 300 شهيد، واكثر من 1000 جريح بخروقات المليشيات الإرهابية.
ونحن اليوم على بعد حوالى أسبوع فقط لانتهاء الهدنة الإنسانية، يذكر مجلس القيادة الرئاسي، المجتمع الدولي بأن الحكومة التزمت بكافة عناصر هذه الهدنة بدء بتسيير الرحلات التجارية المنتظمة إلى مطار صنعاء، وتسهيل دخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، سعيا منها لتخفيف المعاناة عن شعبنا، في حين لاتزال المليشيات الإرهابية تغلق طرق تعز والمحافظات الأخرى، وتتنصل عن دفع رواتب الموظفين لديها والإفراج عن السجناء والمحتجزين، وتبحث عن أي ذريعة لإفشال الهدنة، وإعاقة الجهود الأممية، والدولية لتجديدها والبناء عليها في تحقيق السلام الشامل الذي تتطلعون إليه جميعا.
لقد قطعت هذه الهدنة الشك باليقين من أننا نفتقد بالفعل لشريك جاد في صناعة السلام، كما عززت قناعة اليمنيين بصعوبة التهدئة المستدامة دون رادع حاسم مع جماعة طائفية مسلحة.
ونؤكد في هذا الصدد الموقف الثابت لمجلس القيادة الرئاسي المرحب بتجديد الهدنة على أن لا تكون على حساب مستقبل اليمنيين، وتحضيرا لجولة أدمي من الحرب وتفريطا بالسيادة وتمكينا لهذه المليشيات الإرهابية التي لا تهدد اليمن فحسب بل الاقليم والعالم.
إن السلام بالنسبة لنا أيها السادة هو خيار استراتيجي لا لبس فيه، ويعني ذلك إدراكنا الواعي بصعوبة حكم البلاد دون مشاركة جميع اليمنيين، وفي المقابل عدم القبول بأي جماعة أو تشكيل مسلح يحتكر القوة، وسلطة انفاذ القانون، وهذه هي أبسط أسس الدولة التي يستحقها الشعب اليمني كباقي شعوب هذا الكوكب.
غير أن القضية الرئيسة لفهم السلام بالنسبة للمليشيات الإرهابية، لا تتعلق بالخوف على السيادة كما تزعم، بل بضمان مكانة فوق الدولة لقادتها الذين يدعون الاصطفاء الإلهي لحكم البشر، ويتبنون تصدير العنف عبر الحدود، ونهجا عدائيا ضد السلام والتعايش المدني، وغرس الكراهية والتكفير والعداء ضد الآخر.
أدرك أنه من الصعب على بلدانكم التي تعيش منذ زمن طويل في السلم والاستقرار، أن تستوعب بسهولة، أن هناك بشرا في هذا العصر يرون في السلام غزوا فكريا، وحربا ناعمة، لكن هذه هي إحدى الحقائق المشتركة بين المليشيات الحوثية، وتنظيمات القاعدة وداعش وبوكو حرام وأخواتها.
السيد الرئيس،، السيدات والسادة..
إن الحلول التحويلية التي نتخذها شعارا لهذه الدورة، تتطلب أولا ترسيخ القيم الواضحة لبناء السلام الذي ينشأ نتيجة قيام حكومة مستقرة، وامتلاك رادع حاسم لحماية العملية السياسية، وفتح الطريق أمامها بكل السبل.. أما إذا استمرينا عالقين بين مخاوف من أن استخدام القوة سيقطع الطريق أمام محاولات التهدئة الهشة، وأن التصنيف الإرهابي سيقود إلى كارثة إنسانية، فعلينا إذا البحث عن خيارات بديلة مساوية لقوة ذلك الردع، وليس هناك أفضل من أن يدعم المجتمع الدولي الحكومة الشرعية لتتمكن من الانتصار لقيم الحرية والسلام والتعايش. إن الدبلوماسية بمفهومها الأكاديمي، تقوم على تقريب وجهات النظر المختلفة، وهي لا يمكن أن تمارس، بحسب هذا التعريف، إلا في إطار نظام معترف بشرعيته، وعدم الاتصال بالكيانات التي تنكر قواعد النظام الدولي، وإلا كان ذلك نكثا بمبادئ وميثاق هذه المؤسسة.
السيد الرئيس،، السيدات والسادة،،
بينما ينشغل العالم عن معاناة اليمنيين وأصواتهم المطالبة بالحرية والعيش الكريم، ببؤر أخرى من التوتر حول العالم، كان معنا أشقاء كرماء على طول المسار في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين بذلوا دماءهم وأموالهم، وتحملوا مسؤولية الدفاع عن دولة عضو في الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، وفتحوا بلدانهم لاستضافة الملايين من أبناء شعبنا المشردين سواء للعمل أو الإقامة، أو العلاج، والتعليم.
وقد تلقى مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الكفاءات السياسية هذا العام، دعما في مختلف المجالات من المملكة العربية السعودية بمبلغ ملياري دولار، إضافة الى مليار دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلا عن دعم سعودي لخطة الاستجابة الإنسانية بمبلغ 300 مليون دولار، وتنفيذ مشاريع خدمية عاجلة لمدينة عدن والمدن الأخرى بقيمة تتجاوز نصف مليار دولار.
ولا ننسى كذلك التنويه بالتمويلات والتعهدات الإنسانية والإنمائية، من الولايات المتحدة الأميركية، ودول الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وباقي الأصدقاء المخلصين لقضيتنا العادلة.
ومع ذلك فإن حجم الفجوة التمويلية تزداد اتساعا، مهددة بإغلاق المزيد من برامج الإغاثة المنقذة للحياة، بما في ذلك الغذاء، والرعاية الصحية.
وإلى جانب أهمية الاستجابة العاجلة لنداء المنظمات الإنسانية، سيكون من الأهم أيضا الاستثمار في مشروعات مدرة للدخل قابلة للاستدامة، وضخ التعهدات والتمويلات عبر البنك المركزي اليمني في عدن، دعما للعملة الوطنية وأسعار السلع الأساسية التي من شأن انخفاضها المساهمة في التصدي بشكل أفضل لشبح المجاعة المحدق.
كما ينبغي ألا تمنعنا عراقيل المليشيات الإرهابية عن تحمل مسؤولياتنا الأخلاقية لتفادي التسرب النفطي الوشيك في البحر الأحمر لأكثر من مليون برميل من الخام المخزون على متن الناقلة صافر منذ خمس سنوات، ما يهدد بكارثة بيئية مدمرة تفوق أربعة أضعاف التسرب الذي سببته اكسون فالديز في شاطئ المحيط الهادي عام 1989.
وبهذه المناسبة نتقدم بالشكر لكل الدول، ورجال الأعمال اليمنيين الذين ساهموا بدعم خطة انقاذ الناقلة صافر التي حولتها المليشيات الإرهابية إلى ورقة سياسية واقتصادية للابتزاز والتكسب والارتزاق.
السيدات والسادة
إننا نضم صوتنا إلى كافة الدول في الدعوة إلى ضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها برنامج إيران النووي، وصواريخها البالستية، ودورها التخريبي في المنطقة.
كما ندعو المجتمع الدولي إلى إدانة التدخلات الإيرانية السافرة بحق بلادنا، وأمنه واستقراره وتحويله إلى منصة تهديد عبر الحدود، وإخضاعها إلى الجزاءات المفروضة بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالملف اليمني.
وفي هذا السياق ندعو الدول الأعضاء إلى الالتزام بنظام حظر الأسلحة، ومواجهة النفوذ الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، ومنعه من تزويد مليشياته بالتقنيات العسكرية كالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، التي تستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية بحق المدنيين في بلادنا ودول المنطقة، بما في ذلك زرع ملايين الألغام المحرمة دوليا، واستهداف خطوط الملاحة الدولية في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
كما تؤكد الجمهورية اليمنية على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، والدفع بمسار السلام قدما نحو حل عادل وشامل للقضية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
السيد الرئيس السيدات والسادة..
يبدأ الإعلان العالمي لحقوق الانسان بالتأكيد على “ان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الاسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية، هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”.
ولهذا فإن علينا وضع هذه الحقوق على الدوام في أولويات مهام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أمل الانتصار لعشرات الآلاف من مواطنينا المهجرين، والمحتجزين والمخطوفين، والمخفيين، والمعتقلين، بمن فيهم صحفيون ونشطاء، وفنانون، وعمال اغاثة، ورهائن من مختلف الاعمار.
لستم بحاجة ايها السادة الى مزيد الادلة عن الانتهاكات الفظيعة في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية الارهابية، كأسوأ مكان للحريات العامة وحقوق الإنسان في العالم، ولكن دعوني أنهي حديثي بهذه القصة.
مؤخرا قال أحد الناجين من قبضة المليشيات، عندما سأله الطبيب عن تاريخ مولده، أنه ولد منذ أسبوعين، أي منذ خروجه من صنعاء، لكن قلبه يكاد ان يتوقف خوفا على اهله، واصدقائه الذين تركهم وراءه هناك.
لهذا أيها الجمع الكريم، لا يجب أن نتباطأ لحظة واحدة بعد اليوم في مهمتنا الجماعية لإعادة ملايين اليمنيين الى الحياة، والامل، والمستقبل الذي تتمنوه أنتم لشعوبكم العزيزة.
شكرا لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متعلقات