ليس غريباً أن تهتم شركة بحجم ومكانة "آبل" العالمية بأدق التفاصيل. وفي حال لم تكن قد لاحظتَ ذلك من قبل، ففي جميع مؤتمراتها -منذ عرض أول آيفون وحتى اليوم- دائماً ما تكون هناك بعض الثوابت التي لا تتغير.
عند عرض أي صورة عن هاتف آيفون مثلاً، دائماً ما تكون الساعة 9:41، وغالباً ما تكون زاوية فتح أجهزة الماك بوك 70 درجة، ولم يكن ستيف جوبز يتصل إلا بشخصٍ واحد يُدعى جوني أبلسيد، حين يريد شرح مميزات المكالمات الهاتفية.
والحقيقة أن جوني أبلسيد، بطل هذه السطور، ليس شخصية عادية في التاريخ الأمريكي؛ بل هو أشبه ببطلٍ شعبي خلّدته الروايات التي تمّ تناقلها من جيلٍ إلى آخر، منذ مطلع القرن الـ19 وحتى اليوم.
فمن هو جوني أبلسيد الذي تتصل به آبل دائماً؟
روايات شعبية كثيرة وصفت جوني أبلسيد على أنه غريب الأطوار، في حين صوّرته ديزني كمزارعٍ ودود. لكن الحقيقة الثابتة أنه، وبفضل هذا الرجل، بدأت بساتين التفاح في الظهور عبر الحدود الأمريكية منذ مطلع القرن 19.
حتى إن البعض يذهب أبعد من ذلك ويعتبره ساهم بشكلٍ أو بآخر بترسيم الحدود الأمريكية.
قبل أن يُعرف باسم جوني أبلسيد (Appleseed)، أي جوني بذرة التفاح، كان جوني تشابمان يتجول من مكانٍ إلى آخر مع كيسٍ مليء ببذور التفاح، حافي القدمين وهو يرتدي خرقاً بالية وقبعة تحميه من أشعة الشمس.
لكن الحقيقة أن جوني أبلسيد كان أيضاً رجل أعمال ماهراً، ولم يكن يزرع التفاح لمجرد حبّه للطبيعة أو خدمةً لبلاده. وقد يُفاجأ محبّو الصورة التي صدَّرتها ديزني عنه كيف كان يُستخدم التفاح الذي زرعه.
وقبل الدخول في هذه التفاصيل، من المهم أن نذكر أن جوني تشابمان وُلد في 26 سبتمبر/أيلول 1774، بولاية ماساتشوستس الأمريكية.
ورغم أنه لا يُعرف الكثير عن حياته في ذلك الوقت، فقد عاش طفولةً صاخبة، بعدما توفيت والدته وهو في الثانية من عمره حين كانت تنجب مولودها. فتزوج والده من امرأةٍ أخرى، وقد أنجبا 10 أطفال.
قاتل والده، ويُدعى ناثانيال تشابمان، في الجيش القاري تحت قيادة الجنرال جورج واشنطن خلال حرب الاستقلال الأمريكية. فنشأ الابن خلال فترة توسع الأمة السريع نحو الغرب، حين لعب التفاح دوراً مهماً، لا سيما في ولاية أوهايو.
في العام 1792، كان التفاح جزءاً من صفقة الإقامة في أوهايو. فقد أبرمت شركة "أوهايو كومباني أوف أسوشيتس" صفقة مع عددٍ من المستوطنين تنصّ على التالي: أي شخص يرغب في بناء منزل دائم في البرية، ويمكنه إثبات أن مسكنه وما حوله من أرض كانت دائمة، عن طريق زراعة 50 شجرة تفاح و20 شجرة خوخ في غضون ثلاث سنوات؛ سيُمنح مساحة 100 فدان من الأرض.
وبعد فترة من التجوال في البرية ذهاباً وإياباً مع أخيه الأصغر غير الشقيق، وضع جوني أبلسيد مخططاً لزراعة التفاح عبر الحدود الغربية. وهكذا بدأ يزرع البساتين على طول الطريق، ثم يبيعها للمستوطنين الجدد.