لقد كان علي عبدالله صالح يعرف على وجه اليقين أن الحوثيين مطية وأداة للإيرانيين وأنه سيقاتل إيران وآخرين معها عندما حان الوقت. لم يشك لحظة في الحقيقة ولم يتردد في الخيار والقرار، قاتل كمن يهجم على الموت بكل يقين وشجاعة قائد يمني انتمى لليمن الجمهوري مرة واحدة واحدة وإلى الأبد.
في الحقيقة، وبالرغم من كل التعتيم والتضليل والتجهيل (السياسي والإعلامي) الذي أحاط وما زال يحيط بمعركة الكرامة والبطولة الأخيرة التي قرر الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح أن يخوضها بسلاحه الشخصي وبحراسته الشخصية وبعدد قليل جدا من أقاربه وأبناءه في كانون الأول/ ديسمبر 2017، في صنعاء، في حدود محيطه الجواري ومنزله العائلي والشخصي؛ فإن صالح، وهو في العقد الثامن من عمره، كان على علم ودراية بطبيعة المعركة وبمن يواجه ومن الذي يحكم ويتحكم بالأمور في صنعاء: هناك الإمامة ومن خلفها وخلالها وبها هناك إيران بكل الحقد والثأر الدفين لدى كليهما ضد الرجل شخصيا.
بهذه المعاني يكون علي صالح أول زعيم عربي نازل وواجه المد الإيراني والشر الإيراني وإيران الخمينية وحرسها الثوري؛ في معركة مستحيلة، وفي قلب عاصمة مختطفة، وبالقليل من الذخيرة والسلاح والرجال، وبالكثير من البطولة والشجاعة واليقين والرجولة، وبالكثير من يمنية وعروبة اليمني والعربي.
صالح وإيران وجها لوجه في صنعاء: الطريق إلى ديسمبر
سيعرف اليمنيون أولا والعرب ثانيا هذا القدر والبذل والفضل لعلي عبدالله صالح في يوم ما ما لم يكونوا قد عرفوا واعترفوا بذلك وبأنه أوقد شرارة معركة خلاص ما كان لها أن تخمد لو ذهبوا إليها وقابلوا دمه وروحه ورجاله الأخيرين عندما منحوا اليمنيين فرصة للخلاص وموعدا للانعتاق. خطة التسوية اليمنية لن تخرج عن هذه الخطة. استعادة اليمن لا تتم إلا بهدم دولة الحرس الثوري التي تتأسس وتتكرس وتستعرض نفسها أمام العالم.
العميد طارق صالح يجيب: لماذا فجر الزعيم ثورة 2 ديسمبر.. ولماذا قاتلنا في صنعاء؟ (فيديو)
إنها إيران، ولا يمكن للسياسات والأجندة والتوجهات الغربية والدولية أن تغير هذا الواقع أو أن تتجاهله أو تقفز عليه لتلفيق أي تسوية لن يكتب لها النجاح مهما اجتهدت الجهات والدوائر لفرض الوصاية والولاية والنفوذ للولي الفقيه وإيران الخمينية والتمكين لدولة اللادولة- وسلطة حزب الله ونظام الحرس الثوري في صنعاء (كما قدمت نفسها بكل وضوح وصراحة في استعراض الأسلحة الإيرانية بميدان السبعين بصنعاء) وعلى حساب مصير وحياة ودولة ومستقبل وسيادة وحرية اليمنيين واليمن.
أوامر قاسم سليماني
في وقت سابق - العام 2020 عرف العالم وتعرف إلى جانب من تفاصيل ومعلومات معززة لما كنا نعرفه أصلا؛ حاور مركز كارنيغي للشرق الأوسط الكاتب آراش عزيزي في مقابلة مطولة عن كتابه الجديد الذي يتناول سيرة قاسم سليماني والتحديات الإيرانية في الشرق الأوسط، حيث نشر الكاتب سيرة ذاتية لقاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بعنوان "قائد الظل" سليماني والولايات المتحدة وطموحات إيران العالمية الذي نشرته مؤسسة "ون وورلد للنشر".
وكانت المقابلة مطولة، وكشفت عن قصة سليماني وأوامره بقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وفقا لمقربين منه في الحرس الثوري.
وفي سؤال وجه للكاتب "لقد كتبت أن سليماني أمر مباشرة بقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.. كيف علمت بذلك؟ وما مدى عمق انخراط إيران في تفاصيل صنع القرار من قبل الحوثيين؟".
ليرد عزيزي "لقد قال لي اثنان من فيلق القدس معنيان بوضع سياسة إيران تجاه اليمن هذا بشكل منفصل. بالإضافة إلى ذلك لقد قال مصدر في قيادة الحوثيين إن هذا كان طلبًا من سليماني، وقد وافق عليه الحوثيون أنفسهم. وبالفعل لقد دفعتني الظروف التي وصفوها لي إلى الاعتقاد بأن المعلومات ذات مصداقية. كما أنها تتوافق تمامًا مع ما أعرفه عن سليماني وأسلوبه في اتخاذ القرار".
كتب/ جميل المذحجي