في تطورٍ يُنذر بمرحلة جديدة من الصراعات المُعقدة، كشف تقرير دولي عن محاولات حوثية مُريبة لتهريب مكونات خلايا وقود هيدروجينية إلى اليمن، قد تُحدث ثورةً في قدرات الميليشيات العسكرية. هذه التقنية، التي تُوصف بأنها "سلاح المستقبل"، قد تجعل الدرونات الحوثية أشبه بـ"أشباحٍ" تحلق لمسافاتٍ تفوق 2000 ميل، بينما تتجنب الرصد الحراري والصوتي، مما يُنذر بتهديدات غير مسبوقة للملاحة الدولية والأمن الإقليمي.
كشف تقرير جديد صادر عن مجموعة مراقبة النزاعات البريطانية (CAR) أن متمردي الحوثيين في اليمن حصلوا على مكونات خلايا وقود هيدروجينية متقدمة، قد تُمكّن طائراتهم المسيرة من تفادي الكشف وتنفيذ ضربات على أهداف تبعد حتى 2250 ميلا وهو تطور قد يفاقم التهديدات للملاحة العالمية والأمن الإقليمي.
يسلط التقرير، الذي نُشر الخميس، الضوء على ضبط شحنة مهربة في أغسطس 2024 من قبل القوات الحكومية اليمنية. الشحنة، التي عُثر عليها قبالة الساحل الغربي للبلاد، شملت: ( أجزاء خلايا وقود هيدروجينية صُنعت بواسطة شركات صينية متخصصة في تكنولوجيا الطائرات المسيرة التجارية؛ و خزانات هيدروجين مُوسومة بشكل خاطئ كأسطوانات أكسجين طبية، و صواريخ موجهة ورادارات من صنع أوروبي).
قال تيمور خان، باحث لدى مؤسسة بحوث تسليح الصراعات البريطانية التي تحدد وتتبع الأسلحة والذخائر المستخدمة في الحروب حول العالم: "قد يمنح هذا الحوثيين عنصر المفاجأة ضد القوات العسكرية الأمريكية أو الإسرائيلية إذا ما استؤنفوا أي من هذه الصراعات"
سافر خان إلى جنوب غرب اليمن في نوفمبر لتوثيق أجزاء من نظام خلايا وقود الهيدروجين التي عثرت عليها القوات الحكومية في قارب صغير قبالة الساحل، إلى جانب أسلحة أخرى معروفة بأنها تستخدمها مقاتلو الحوثيين
تنتج خلايا وقود الهيدروجين الكهرباء من خلال تفاعل الأكسجين الموجود في الهواء والهيدروجين المضغوط عبر سلسلة من الصفائح المعدنية المشحونة تطلق بخار الماء مع قليل من الحرارة أو الضوضاء، ويمكن للطائرات بدون طيار التي يستخدمها الحوثيون، والمزودة بأساليب تقليدية مثل المحركات التي تعمل بالغاز أو بطاريات الليثيوم، أن تطير حوالي 750 ميلاً.
لكن خلايا وقود الهيدروجين ستمكنها من الطيران بثلاثة أضعاف تلك المسافة وتجعل من الصعب جدًا على أجهزة الاستشعار الصوتية والأشعة تحت الحمراء اكتشافها.
عرضت مؤسسة بحوث تسليح الصراعات تفاصيل نتائجها في تقرير صدر يوم الخميس.
وفحصت المؤسسة وثائق شحن أظهرت أن مكونات خلايا الوقود صنعتها شركات في الصين تروج لاستخدامها في الطائرات بدون طيار، وأن خزانات الهيدروجين المضغوط كانت تحمل ملصقًا خاطئًا يشير إلى أنها أسطوانات أكسجين.
قال خان إنه لا يمكن بعد التأكد مما إذا كانت هذه العناصر قد جاءت مباشرةً من الصين؛ لكن مصدرًا جديدًا لمكونات الأسلحة قد يمنح الحوثيين دفعة استراتيجية
لافتا:” إن شحنات أسلحة الحوثيين التي تم اعتراضها في البحر عادةً ما تكون مصنوعة في إيران أو مرسلة منها
وأضاف: "إذا ما حصل الحوثيون على هذه العناصر بأنفسهم، فإن البضائع التي رأيناها تشير إلى سلسلة توريد جديدة من الأسواق التجارية تزيد من اكتفائهم الذاتي، بدلاً من الاعتماد فقط على داعميهم في المنطقة"
تم اعتراض القارب الذي فحصه خان في البحر في أغسطس من قبل قوات المقاومة الوطنية في اليمن، التي تتماشى مع الحكومة المعترف بها دوليًا
تضمن الحجز الموجود على متن القارب صواريخ مدفعية موجهة، ومحركات صغيرة مصنوعة في أوروبا يمكنها تشغيل الصواريخ الكروز، ورادارات وأجهزة تتبع السفن، فضلاً عن مئات الطائرات بدون طيار التجارية بالإضافة إلى أجزاء خلايا وقود الهيدروجينالتداعيات الإقليمية
استهدف الحوثيون، المدعومون من إيران، سفناً تجارية في البحر الأحمر مراراً منذ عام 2023، بدعوى التضامن مع الفلسطينيين في غزة. ورغم توقف الهجمات بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير 2024، يحذر الخبراء من أن الهدنة ربما استُخدمت لترقية ترسانة الحوثيين.
اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إيران بتوريطها في إمداد المكونات المضبوطة. وقال معمر الإرياني، وزير الإعلام ، في بيان الجمعة: "هذا ليس تهديداً محلياً فحسب، بل خطر على الأمن العالمي"، داعياً إلى تحرك دولي عاجل لوقف وصول الحوثيين إلى التكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
تنتج خلايا وقود الهيدروجين التي استُخدمت أولاً في بعثات ناسا الفضائية في ستينيات القرن الماضي الكهرباء عبر تفاعل كيميائي بين الهيدروجين والأكسجين، مع إطلاق بخار الماء فقط كعادم. قد يؤدي استخدامها في الطائرات المسيرة إلى تمديد مدة التحليق إلى 48 ساعة، وفقاً لأندي كيلي، خبير الطاقة البريطاني.
وأوضح كيلي: "هذه الأنظمة تخزن ثلاثة أضعاف الطاقة مقارنة ببطاريات الليثيوم ذات الوزن المماثل"، مشيراً إلى تزايد استخدامها في المراقبة والضربات الدقيقة.
لم يتهم تقرير (CAR) الصين أو إيران بالتواطؤ مباشرةً، لكنه سلط الضوء على ثغرات في ضوابط تصدير التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام. ودعا إلى تشديد الرقابة على مكونات الطائرات المسيرة التجارية، التي غالباً ما تُعاد توظيفها عسكرياً.
كما رفضت مؤسسة بحوث تسليح الصراعات الكشف عن أسماء الشركات الصينية التي صنعت المكونات التي تم استردادها بالقرب من اليمن، وذلك كجزء من سياسة تضمن لباحثيها العمل بشكل خاص مع الشركات لتحديد كيفية وصول منتجاتهم إلى أيدي جهات مختلفة
وحذر الإرياني من أن التقاعس عن التحرك قد يؤدي إلى "تعطيلات كارثية" للتجارة البحرية، مستشهداً بدور البحر الأحمر في نقل 12% من التجارة العالمية. وزادت البحرية الأمريكية وحلفاؤها من دورياتهم في المنطقة، لكن الخبراء يقولون إن هناك حاجة لأنظمة كشف جديدة لمواجهة الطائرات المسيرة العاملة بالهيدروجين.
من المتوقع أن يناقش مجلس الأمن الدولي النتائج هذا الأسبوع . في غضون ذلك، طلبت الحكومة اليمنية من الشركاء الدوليين تزويدها بأنظمة مضادة للطائرات المسيرة، واصفةً الحوثيين بـ"شبكة إرهابية تتحول إلى جيش متطور تكنولوجياً".