بقلم / أحمد النويهي *

في لحظةٍ لم يُردها قلبٌ أبيضٌ واحدٌ في العالم، انتهت أجمل قصة حُب بين عازفٍ كرواتي وملعبٍ ملكي. لوكا مودريتش، الرجل الذي حوّل المستحيل إلى موسيقى، والهزيمة إلى "ريمونتادا"، يغادر سانتياغو برنابيو بعد 13 عاماً من العطاء الذي حوّله إلى أسطورة. 
البيان الرسمي القاسي وصل كالشتاء: "اتفقنا على إنهاء مرحلة لا تُنسى".. 
كلمات جافة تُخفي دموع ملكٍ أوروبي يُودّع آخر فرسانه الذهبيين.

البداية.. عندما وصل "الفتى الهش" ليُحرّك جبابرة العاصمة!

في 2012، وصل شابٌ كرواتي نحيل بثمنٍ زهيد (30 مليون يورو)، وسط شكوكٍ من الجميع: "هل يتحمل ضغط القميص الأبيض؟". 
اليوم، يُجيب التاريخ: ستة ألقاب دوري أبطال، ثلاث دوري إسباني، كأس الملك، وألقابٌ جماعية وفردية (كأس العالم للأندية، الكرة الذهبية 2018..). لقد صنع مودريتش عصراً ذهبياً لم يكن ليُكتب من دونه.

رسالة الوداع.. عندما انكسر صوت "المُعزّف"!

في رسالته التي اهتزّت لها قلوب الجماهير، قال مودريتش بكلماتٍ تذوب ألماً: "حان الوقت.. لحظة لم أتمناها أبداً". 
ثم استعاد الذكريات: "غيّر ريال مدريد حياتي.. عشنا ليالٍ ساحرة، عودة مستحيلة (كامب نو 2019)، وصرخات البرنابيو تُحيي سحر تمريرتي". لكن الأقسى هو اعترافه: "أغادر بقلبٍ ممتلئ.. لكنني سأظل مشجعاً للأبيض".

الخروج المُظلم.. ريال مدريد يخسر كل شيء في الموسم الأسود!

لم يكن الرحيل اختيارياً فقط.. الموسم الكارثي (خسارة الليجا، الكأس، السوبر، والخروج المُذل من دوري الأبطال أمام أرسنال) كان إشارة البداية لزوال جيل كامل. حتى أنشيلوتي، آخر حُماة هذا الجيل، سيغادر إلى البرازيل.. وكأن النادي يُغلق أعظم فصل في تاريخه بصفحة دموع.

ماذا بقي؟
بقي تمريرة نصف الدنيا لرودريغو ضد تشيلسي، بقي رقصته مع الكرة في وسط باريس قبل تمريرة الفوز، وبقي تكتيكه الذي حيّر الأجيال. 
لكن الأهم.. بقي قُبلة الجبين لشعار النادي في كل احتفال، كأنه يعلم أن القلوب البيضاء لن تجد مثله أبداً.

وداعاً يا سيد السيطرة..

اليوم، يُسدل الستار على آخر ساحري "الكلاسيكو"، رحلَ كما عاش: بصمت الأبطال. البرنابيو سيتذكّرك كلما رنّ في أذنيه هتاف: "Luka Modrić, balón de oro!". لأنك -ببساطة- كنتَ السحر الذي لا يتكرّر.

* صفحة الكاتب على الفيسبوك