في خطاب بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بنظام الإمامة في اليمن عام 1962، وصف الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي المواجهة الحالية مع المليشيات الحوثية بأنها "معركة وجودية بين الجمهورية والعبودية"، داعيًا الشعب اليمني إلى التمسك بقيم الثورة في مواجهة ما سماه "الإمامة الجديدة".
وألقى عضو مجلس القيادة الرئاسي الشيخ عثمان مجلي، اليوم ، كلمة الرئيس نيابة عنه، في ظل غياب العليمي عن البلاد للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ووجّه الخطاب إلى الشعب اليمني، مشيدًا بـ"الصمود الأسطوري" في وجه ما وصفه بـ"الانقلاب الغاشم" الذي تدعمه إيران منذ أكثر من أحد عشر عامًا.
وقال العليمي إن ثورة سبتمبر المجيدة "ولّدت الجمهورية التي أزالت الفوارق بين الطبقات، وأحيت حلم دولة المواطنة"، مؤكدًا أن "لا عودة للكهنوت وخرافة الولاية الزائفة في وطن أقسم أبناؤه على الحرية والكرامة".
واعتبر أن المليشيات الحوثية "السلالية والإرهابية"، تسعى لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، لكن "المقاومة كانت لها اليد العليا في كل مدينة وقرية".
وأشار الرئيس إلى التقدم الذي حققه مجلس القيادة الرئاسي في السنة الأولى من تشكيله، مذكّرًا بأن الاقتصاد الوطني شهد "تعافيًا ملحوظًا"، تمثّل في استقرار العملة، وتحقيق الموازنة العامة فائضًا لأول مرة، وانتظام صرف رواتب الموظفين - قبل أن "تسرع المليشيات الحوثية إلى شن هجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وسفن الشحن، وعسكرة البحر الأحمر".
وأكد أن الحكومة تمضي قدمًا في إصلاحات اقتصادية ومؤسسية "صعبة لكن ضرورية"، تشمل مكافحة الفساد، وتعزيز استقلالية البنك المركزي، وتحسين الخدمات الأساسية، لأن "المواطن يريد أن يرى الجمهورية لا في الشعارات وحدها، بل في راتب منتظم، وكهرباء مستقرة، وخدمات تعليم وصحة متاحة".
كما وجّه العليمي شكرًا خاصًا لدول تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، مشيدًا بالدعم الاقتصادي والتنموي الجديد من الرياض، لا سيما استمرار تشغيل مستشفى الأمير محمد بن سلمان الذي يقدم خدمات طبية مجانية لمئات الآلاف من اليمنيين سنويًا.
وفي سياق عربي أوسع، ربط الرئيس بين المعركة في اليمن والقضية الفلسطينية، قائلاً: "اليمن وهو يقاتل مشروعًا طائفيًا عنصريًا في أرضه، يدرك أكثر من غيره معنى أن يُسلب شعب حقه في الحرية". ودعا إلى دعم حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة كاملة السيادة، واصفًا فلسطين بـ"قضية كل عربي".
وأنهى خطابه بتوجيه التحية إلى "أبطال الجبهات" الذين "كانوا الصخرة التي تحطمت عليها أوهام الإمامة"، متعهدًا بأن "دماء الشهداء وتضحيات الجرحى لن تذهب هدرًا"، وأن الدولة ستبقى سنداً لأسرهم حتى "تستعيد مؤسساتنا سيادتها على كامل التراب الوطني".
وأضاف: "الجمهورية ليست مجرد ذكرى، بل هي نبض خافق في كل قلب، وعهد عالق في كل ذمة".
يأتي الخطاب في وقت تشهد فيه الجبهات العسكرية هدوءًا نسبيًا، بينما تتصاعد الضغوط الدولية على الحوثيين بسبب استهدافهم المتكرر للملاحة الدولية، في ظل جهود يمنية حثيثة لتعزيز الشرعية السياسية والاقتصادية للحكومة المعترف بها دوليًا، وسط أزمة إنسانية ممتدة وتحديات أمنية معقدة.
فيما يلي نص الخطاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب اليمني العظيم،،
يا ابطال قواتنا المسلحة والامن في مختلف ميادين العزة والاباء،
في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة وستين عاماً، صنع ابطالُ اليمن التاريخ.. يوم السادس والعشرين من سبتمبر المجيد عام ١٩٦٢، الذي ولدت فيه الجمهورية، واشرقت فيه شمس الحرية بعد ليل الامامة الطويل، والعبودية، والقهر، والتجهيل.
في ذلك اليوم قرر شعبنا أن يكون سيد نفسه، فكانت الجمهورية التي ازالت الفوارق بين الطبقات، وأحيت حلم دولة المواطنة، الذي تتوارثه الأجيال.. الجمهورية المرادفة للحرية، والكتاب، والدواء، والعيش الكريم.
أيها الشعب العظيم،،
أيها المقاومون الاحرار،، يحاول الإماميون الجدد إعادة عجلة التاريخ الى الوراء، إلى ظلام عهدهم البائد، لكن المقاومة لهذا المشروع، كانت لها اليد العليا في كل مدينة، وقرية، لتحطم احلامهم الظلامية على طول البلاد وعرضها، ولتقول كلمتها الفصل:" لا عودة للكهنوت، وخرافة الولاية الزائفة في وطن أقسم أبناؤه على الحرية، والكرامة، والسيادة للشعب وحده.
وبعد أحد عشر عاماً من الانقلاب الغاشم، الغارق بالقتل والانتهاكات المروعة، تتجلى صور الصمود الأسطوري، ومعها تلوح بشائر النصر، والخلاص، وإعادة الاعتبار للجمهورية، وسيادة الدولة، التي ولد في ظلها معظم ابناء هذا الجيل، ولا خيار الا ان يكبروا في ظلها، ومستقبلها الواعد، ومنتصرون بوهج سبتمبر وروح ثواره الاحرار.
وكما قلنا مرارا ان هذه الحرب التي اشعلتها المليشيات الإرهابية الحوثية السلالية، بدعم من نظام الملالي في إيران، هي حرب خاسرة، لأنها معركة بين الحق والباطل، بين الحرية والعبودية، بين الجمهورية والامامة، بين الماضي، والمستقبل المشرق.
أيها الشعب العظيم،،
لقد جدد مجلس القيادة الرئاسي في هذا الشهر المجيد، التأكيد على عهد العمل بروح الفريق الواحد، والمسؤولية الجماعية، وعلى الشراكة الوطنية كضمانة للصمود في مواجهة الإمامة الجديدة، والنصر المؤزر بعونه تعالى.
اننا نأخذ بكل جدية اصواتكم ومطالبكم المحقة في احداث التغيير المنشود، وصناعة المثال في المحافظات المحررة، وهو الهدف الذي حقق فيه مجلس القيادة الرئاسي تقدماً في السنة الأولى من تشكيله، حيث تعافت عملتنا الوطنية، وحققت الموازنة العامة فائضًا للمرة الأولى، وانتظمت رواتب موظفي الدولة، قبل ان تسارع المليشيات الحوثية الى شن هجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية، وسفن الشحن التجاري، وعسكرة البحر الأحمر، وجلب كل هذا الخراب، والدمار الاضافي.
ومع امعان تلك المليشيات بانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الانسان، وسعيها لإغراق البلاد بأزمة إنسانية شاملة، استجبنا واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة لمواجهة هذا التهديد، والعمل على تحويله الى فرصة للاعتماد على النفس، والمضي في إصلاحات جدية، لتعزيز الثقة مع الاشقاء، والاصدقاء، وترسيخ المركز القانوني للدولة العضو في الأمم المتحدة.
وأننا على ثقة بمسؤولية رجال الصحافة والاعلام الذين لم يكونوا هدفا لأي انتهاك في هذا العهد، بوصفهم منبرا للوحدة، والتضامن، وحراساً لقيم سبتمبر، واكتوبر، والتطلعات المشروعة للأمة، لا صدى للانقسامات، والتحريض.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم،،
ندرك حجم المعاناة في حياة كل أسرة يمنية، ونعلم أن المواطن يريد أن يرى الجمهورية لا في الشعارات وحدها، بل في راتب منتظم، وكهرباء مستقرة، وخدمات تعليم، وصحة متاحة للجميع.
وقد شرعنا مع الحكومة بخطوات إصلاحية صعبة على هذا المسار، تشمل مكافحة الفساد، وإعادة الانضباط إلى الجهاز الإداري للدولة، وتعزيز استقلالية البنك المركزي.
ولا شك ان هذا الطريق لن يكون سهلاً، لكننا عازمون على أن يرى المواطن نتائج ملموسة في حياته اليومية، لأن معركة الاقتصاد، واستعادة الموارد الوطنية، لا تقل شأناً عن معركة الجبهات.
وفي هذا اليوم الخالد، نتوجه بوافر الشكر والعرفان لدول تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولكل أشقائنا الذين وقفوا معنا دفاعًا عن الجمهورية وهويتنا الوطنية، والعربية.
كما نثمن عالياً في هذا السياق الدعم الاقتصادي، والانمائي الجديد من الاشقاء في المملكة العربية السعودية الذي من شأنه تعزيز مسار الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي، واستمرار تشغيل مستشفى الأمير محمد بن سلمان، الذي يقدم خدماته الطبية المجانية لمئات الالاف من المواطنين سنويا من مختلف محافظات البلاد.
وفي خضم معركتنا الوطنية، لا ننسى فلسطين، التي ستظل قضيتنا وقضية كل عربي.. ندين الجرائم الإسرائيلية، وندعم حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة كاملة السيادة، لان اليمن وهو يقاتل مشروعاً طائفياً عنصرياً في أرضه، يدرك أكثر من غيره معنى أن يُسلب شعب حقه في الحرية، والعيش الكريم.
أيها الأبطال في جبهات العزة والكرامة،،
لقد كنتم الصخرة التي تحطمت عليها أوهام الإمامة، وكنتم السياج الذي حمى اليمن، وعروبته.
نعاهدكم ان دماءكم، وتضحياتكم لن تذهب هدراً، وان الدولة ستظل سنداً لكم، ولأسر الشهداء والجرحى، حتى يتحقق النصر، وتستعيد مؤسساتنا سيادتها على كامل التراب الوطني، ذلك ان الجمهورية ليست مجرد ذكرى، بل هي نبض خافق في كل قلب، وعهد عالق في كل ذمة.
المجد والخلود للشهداء،
الشفاء للجرحى،
الحرية للأسرى،
سبتمبر مجيد.. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.