قليلون جدًا أولئك الذين ينتسبون إلى السبطين "حسن وحسين" وقد يكون الأمر معدومًا لو أن جميع المُدّعين احتكموا الى الفحص الجيني المسمى "DNA” ، حيث لا أحد يستطيع المرور الى تسلسل عائلي صافٍ ، اختلاط المصاهرة بين الاقوام والعشائر على ضفاف الانسانية كلها منذ ألف عام تقريبًا يُلغي أي وهم يذهب الى ان ذلك الرجل الذي ينام على حصير خشن بداخل بيت من الطين في إحدى شعاب مكة يُدعى "جدّي" .
- في هذه اللحظة الفلسفية يدّعي اربعة مليون شخص في اليمن فقط انتسابهم الى "السبطين" ، ذلك النسب الذهبي يُدر عليهم أموالًا جيدة في الاطار الاسلامي ، قداسة النبي العظيم محمد صلوات الله عليه عكست وهجها النوراني بطابع التوقير لمن يدّعون الانتساب إليه من جهة ابنته الزهراء "فاطمة" ، وقد استغل مئات الالاف في عصور الظلام والنزاعات وعصور ما قبل العِلم استغلال ذلك الوهج بإدعاء صلة القربى إلى نبي الرحمة والهدى ، في الضفة الآخرى ظهر رجال دين آخرين يتعربشون على نافذة النبوة من باب "وراثة العلم الديني" (العلماء ورثة الانبياء) وقد حُصِرت أسس العِلم في الدين واللغة ولم يدرك المسلمون وقتذاك أنهم وقعوا بين كماشة الوراثة الدينية و الوراثة العرقية .
- صراع لم ينته حتى اللحظة أداره اشخاص فاشلون في تقديم العمل الصالح للانسانية فأدركوا أن اقصر الطرق الى الثروة والنفوذ يكمن في ادعاء الحديث بإسم الله وتفسير ما يقوله الله لعباده بلغتهم ، وفي ادعاء آخر اتصل جناح منهم بالنسب النبوي وعلاقتهم بفانتازيا ظهور المهدي المنتظر و ببقاء السلسلة العائلية التي هبط عندها الوحي الإلهي الخاتم ! .
- الأمر الخطير لم يأتِ بعد ، ففي زمن الهجرات المفتوحة وقبل اعلان الحدود الوطنية للدول التي تضمنتها معاهدة ويستفاليا ١٦٤٨م بثمانمائة عام وصل رجل بهي الطلعة ، حسن الهيئة ، اسمه "قاسم طباطبا" قادمًا من طبرستان الى منطقة الرس في الجزيرة العربية ، وانتقل ابنه حسين بعد وفاته الى المدينة المنورة ولُقب بالرسي نسبة إلى المنطقة التي ولد فيها ، أنجب من زوجته الفارسية التي كانت تعيش جارية في قصور الخلفاء العباسيين ابنه يحيى وبعد ان اشتد عود ذلك الفتى حاول دون جدوى الوصول الى القيادة السياسية الحاكمة وقتذاك بإمتلاك وثيقة ملكية جبل الرس القريبة من مكة مستغلًا لقبه الجديد "الرسي" وصلته المريبة بمن قال انهم اسلافه الذين تعود اصولهم الى زوج ابنة الرسول محمد صلوات الله عليه .
- لن استغرق في التفصيل التاريخي غير أن فكرة الانتساب الزائف لعائلة النبي محمد صلوات الله عليه فكرة شغلت الشاب الطبرستاني "يحيى" الذي وجد في اليمن ضالته وفي محاولة جديدة لاخفاء لقبه الرسي الذي انتسب اليه جدّه من جبل بركاني أسود اطلق الرجل على نفسه صفة جديدة وهي الامام الهادي الى الحق واضاف عبارة "بن" بين إسمه واسم إليه - كما كان يفعل العرب - مُدعيًا أن ما كان يجري في اليمن ليس على أصول الدين الاسلامي الذي نزل على جدّه الحبيب المصطفى ! ، صدّقه البعض وقاوموه الكثير مقاومة شرسة ، وكما زيّف لنفسه نسبًا وجد أن الفكرة مناسبة لتكوين شجرة عائلية يُنسِّب فيها بقايا الابناء الفرس والقوميات الاخرى غير العربية الى السلالة النبوية ، كانت تلك طريقته الشيطانية لتكوين أولى بذور القبيلة العصبية في الجسد اليمني العربي (قبيلته هو) وقد اتخذت منحى جديدًا "قبيلة بني هاشم" في اليمن ، المواطنون السوبر ، اصحاب الحق الالهي في كل شيء ، الثروة والارض والناس والدين والسلطة وحتى البهائم والحيوانات ، كل شيء ارادوه لهم لأنهم عيال "علي" ، وفي سبيل اخضاع المعارضين تحولت القبيلة الاعجمية إلى كتائب مجندة تحت إمرة الإمام القادم من معقل النبوة نسبًا زائفًا وحقًا كهنوتيًا ظالمًا ، فكانت نظرياته الفقهية المتطرفة ومجازره الدموية على اليمنيين الذين رفضوا ولايته الانتهازية شاهدة على العار الذي لا تمحوه السنين .
- بعد وفاته صارت صفته "الهادي" لقبًا ، فيقال لاولاده احمد الهادي ، أصبحوا عائلة بلقب عربي له بريق ديني ، في وقت لم يكن لأعاجم ايران وما حولها الذين استبقاهم سيف بن ذي يزن في منطقة آزال تحديدًا ألقابًا ذات طابع عربي مثل القحطانيي او الزبيدي أو الاصبحي ، وعلى سبيل الاستنساخ والتغيير الديمغرافي إخترع الهاشميون الجُدد صفات لأسماءهم ، فيوصف "عبدالله بالفخري" و محمد بالعزي و حسين وحسن بالشرفي ويحيى بالعماد وأحمد الصفي وعلي بالجمالي والاسماء الاخرى بالوجيه . في خضم ذلك كان الطبرستانيون الذين نسّبهم الهادي وحاشيته يتوسعون بشراهة في ضمّ بقايا الاعاجم والضائعين واطفال الحروب الى الشجرة المقدسة .
مثلًا : احمد بن احمد صار اسمه هكذا احمد الصفي ، واحمد يحيى صار اسمه احمد العماد ، وفي طريق التوصل الى القاب جديدة اطلق الحُكام الكهنوتيون صفات جديدة على انفسهم ، مثل المتوكل على الله أو المنصور بالله او الناصر لدين الله او المهدي ، وبعد عقود حصل انجالهم على لقب جديد وحصري ، كان الناس ينادونهم بـ "محمد المتوكل" أو "علي المنصور" . ابناء صفات لا لقب لهم ولا هوية عربية .
..
هذا ما حدث ، القبيلة الهاشمية كسبت كل يوم اعضاءً جدد بفضل التنسيب المستمر حتى اليوم ، ليس في اليمن وحسب بل توزعت الى ماليزيا والسودان ومصر وليبيا والمغرب والعراق ، وفي كل قطر عربي واسلامي ، في مصر مثلًا تدفع ٢٠٠ جنيه لتحصل على بطاقة عضوية في جمعية الأشراف ! ، وكما يبدو مخطط تلك القبيلة التوسعية التي كان لها حلم مطابق لأحلام تيودورو هيرتزل مؤسس الصهيونية العالمية فإن كبراءها الضالين يحتفظون لانفسهم بعضوية مجلس الادارة فيما يتوزع المغفلون أو المنتسبون الجدد كأعضاء جمعية عمومية دائمين ، يستخدمونهم للثراء او شن الحروب والتسلط كما يستغل هواشم المدن عيال عمومتهم الريفيين للقتال من اجل سلطتهم في صنعاء . قرى هاشمية بأكملها في قرى آزال خلت من شبابها الذين حصدتهم الحرب وأكلتهم اسود صرواح ونهم والجوف وتعز وشبوه وعدن ، تحولت القبيلة الهاشمية في اليمن الى اداة للتخريب ومطمع خطير في السيطرة على المقدسات الاسلامية ، يتهادى في ذلك الحنان العصبوي مختلف الهاشميين من المحيط الى المحيط .
- لا أنفك في مراجعة كل ردود أفعال الهاشميين حول العالم فأجدهم يتعاطفون مع الحوثيين بصورة غير لائقة نفسيًا وعقليًا كأنهم الرهان الأخير للسطوة والسيطرة ، فأصاب بالحيرة ، ولم أجد تفسيرًا منطقيًا لذلك سوى أن عبقرية الخطة الهاشمية في اليمن جعلت القبيلة الهاشمية مفتوحة على كل الجغرافيا ، ليس لها حدود كأي قبيلة أخرى ، يجمعها النسب المتوزع في كل حي وريف ومخلاف وعزلة ومحافظة وتقودها القداسة النبوية الزائفة الى صفوف متقدمة في المجتمع .
.. لا أدري .. فربما تدور الخطة القادمة حول مكة والمدينة ومن وهجهما الديني تلتف العمامة الايرانية السوداء على كل العرب ، كل القبائل ، كل الدول ، كل الجغرافيا لتأسيس سلطة هاشمية موحدة يرعاها ولي ايران الفقيه ، الذي يبدو أنه رضع من ثدي الشيطان الذي أرضع سلفه "يحيى الرسي" . إلا أن عائلة عربية واحدة فقط تقف في وجه هذه الصهيونية الهاشمية ، وملك واحد فقط يمثل وجوده شوكة في حلق اكتمال دائرة النار الهاشمية وإسمه "سلمان بن عبدالعزيز آل سعود" .
..
والى لقاء يتجدد ..