لم تكن حادثة اعتقال الممثلة ومصممة الأزياء انتصار الحمادي بتهمة الدعارة، وهي البريئة من ذلك كليًا، ولا إغلاق المحلات التجارية بحجة أن أدوات العرض فيها تروّج للفحش والرذيلة، سوى جزء من المشهد الدعائي الذي بنته ميليشيا الحوثي حول ادعاء الفضيلة ومحاربة الانحلال الأخلاقي، لكن تحديثًا واحدًا أطلقته منصة “إكس” (تويتر سابقًا) كان كفيلًا بفضح هذا الخطاب بالكامل، وكشف الهوية الحقيقية لمن يقف وراء أكبر شبكة رذيلة رقمية في اليمن والمنطقة.
أظهر تحديث "إكس" الخاص بإظهار المواقع الجغرافية للحسابات أن ما كان يروّجه الحوثيون لسنوات على أنه تفاعل نسائي واسع لم يكن إلا شبكة مزيفة تُدار من صنعاء ومن مواقع خارج اليمن، هدفها التحريض والتشويه والابتزاز، وتقديم محتوى جنسي وإباحي بأسماء نساء يمنيات وسعوديات وخليجيات، ولم تكن هذه الحسابات سوى واجهات رقمية لبيوت دعارة إلكترونية تُدار من غرف مغلقة، ولجان إعلامية تتخفّى خلف أسماء نسائية لتسويق خطاب مليء بالفجور الأخلاقي والسياسي.
التحديث كشف من يدير تلك الحسابات النسائية الوهمية، ومن ينشر المحتوى الإباحي، ومن حوّل المنصة إلى وكرٍ رخيص لترويج الفاحشة والانتحال والدعارة الرقمية. لقد سقط القناع، وانكشف المستور… فمَن كان يصرخ بالفضيلة بالنهار خرجت فضائحه عند أول تحديث ليلاً.
حملات الرصد التي أطلقها صحفيون وناشطون وثّقت أن الحسابات تُدار من صنعاء ضمن شبكات يشرف عليها إعلاميون حوثيون معروفون، وقد كانت هذه الشبكات تتخفّى خلف أسماء نسائية لا وجود لها، تُستخدم لنشر الشائعات، والتحريض، وإسقاط الخصوم، وخلق رأي عام مزيف يخدم أجندة الميليشيا الطائفية.
لم تكتف الميليشيا بقتل وتشريد اليمنيين داخل البلاد، بل شوّهت صورتهم خارجيًا عبر حسابات إباحية ومنتحلة نُسبت لنساء يمنيات وخليجيات، ما دفع يمنيين كثر لوصف الجماعة بأنها بلا أخلاق ولا شرف بعدما ألصقت العار بشعبٍ لطالما عُرف بالغيرة والشرف والحفاظ على سمعة المرأة اليمنية.
إن أخطر ما كشفته الفضيحة هو استخدام الحوثيين حسابات نسائية – حقيقية أو وهمية – لإيقاع المعارضين في فخاخ رقمية، عبر الإغراء أو الابتزاز، ما أثار غضبًا واسعًا خصوصًا بين النساء اليمنيات اللواتي رأين في ذلك استغلالًا لهن في حرب سياسية قذرة لا تعترف بأي خطوط أخلاقية.
حملات التوثيق التي قادها الناشطون شكلت ضربة مؤلمة لتلك الشبكات، وكشفت أساليب استخدام الأسماء النسائية لتسويق الأكاذيب وتمرير الأجندات، ونشر الرذيلة كأداة سياسية. هذه الفضيحة أثبتت أن معظم نشاط الحوثي الرقمي قائم على معرفات مزيفة تُدار من داخل مناطق سيطرته، وأن ما اعتبره البعض تفاعلًا جماهيريًا لم يكن إلا تلاعبًا يعتمد على الهويات الوهمية، والمحتوى الإباحي المفبرك، وملفات الابتزاز، وحملات التشويه للدول الخليجية.
اتضح أن المحتوى الإباحي الذي نُسب لنساء خليجيات ويمنيات كان صناعة حوثية قذرة تُبث من صنعاء بهدف الابتزاز والإساءة وتشويه صورة المرأة الخليجية، وقد حوّل الحوثيون تلك الحسابات إلى منصات للإغراء الرقمي تُستخدم لاصطياد الضحايا وتمرير الرسائل الدعائية، في أسلوب يكشف الانحطاط الأخلاقي الذي ترتكز عليه حملاتهم.
التحديث الجديد عرّى الميليشيا الحوثية أمام الداخل والخارج باعتبارها واحدة من أكثر الجماعات استخدامًا للرذيلة كسلاح سياسي وإعلامي، وما ظهر في الأيام الماضية أكبر من مجرد انتحال حسابات نسائية، إنه كشف لطبيعة مشروع يتخفّى خلف شعارات الطهارة، بينما يقوم على الابتزاز، والإغراء، والإساءة للمرأة اليمنية والخليجية، وإدارة الحسابات الإباحية، وتشويه الخصوم، وهندسة رأي عام مزيّف.
سقط الحوثي أخلاقيًا في شر أعماله والفضل يعود لتحديث واحد فقط، وما خفي أعظم.
دعونا ننتظر ما تخبئه الأيام.
مصطفى غليس