خلال 48 ساعة الماضية، ارتكبت انتهاكات مختلفة في اليمن. فقد تعرض مخيم للنازحين في مديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة اليمنية، للقصف بصواريخ الكاتيوشا، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من النازحين بينهم نساء وأطفال.
وبحسب رئيس الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في اليمن نجيب السعدي، فإن مليشيات الحوثي استهدفت، عصر الجمعة الماضية، مخيم بني جابر في مديرية الخوخة بصواريخ كاتيوشا، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 12 شخصًا آخرين بينهم نساء وأطفال.
وبالأمس، شنت عناصر تابعة لمليشيا الحوثي المسلحة حملة اختطافات واسعة بحق ناشطين وطلاب ومحتجين في صنعاء وكذلك في إب وسط البلاد. حيث اعتدت المليشيات على الطلاب داخل الحرم الجامعي واختطفت العشرات منهم، بالتزامن مع اختطافات طالت نساء نفذن وقفة احتجاجية منددة بتدهور الأوضاع المعيشية في مناطق مختلفة بصنعاء ومحافطة إب.
لكن دعونا نتأمل موقف مكاتب المنظمات الدولية الموجودة في صنعاء حيال هذه الانتهاكات الواضحة والمجرمة في القانون الدولي.
أصدر مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن بيانًا باللغتين العربية والإنجليزية ندد فيه بالقصف الذي تعرض له مخيم بني جابر للنازحين في مديرية الخوخة، لكن البيان كالعادة لم يحدد مرتكب هذه الجريمة رغم وضوح الفاعل والسلاح المستخدم.
أشرت في مناسبات سابقة إلى أن المنظمات الدولية عندما تضطر لأن تدين الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي، فإن العناصر الحوثية التي تعمل في مكاتب هذه المنظمات تحرص على عدم ذكر لفظ "الحوثيين" أو "أنصار الله" في بياناتها، لأن هذه البيانات تترجم وتنشر بشكل واسع لتطلع عليها منظمات موجودة خارج اليمن ووسائل إعلامية دولية، بحيث تعتبر كوثيقة ومرجع لها.
في المُقابل، عندما يحدث انتهاك ناتج عن قصف جوي خاطئ، تسارع مكاتب المنظمات الدولية ومنها الأممية إلى تحديد مرتكب الانتهاك دون تردد أو تثبّت ولعل حادثة قصف بوابة مستششفى الثورة وسوق السمك في الحديدة خير دليل على ذلك، فالمنظمات الدولية حكمت منذ اللحظات الأولى للحادثة بأن طائرات التحالف هي من ارتكب الجريمة، ليكتشف الناس لاحقًا بأن الحوثيين هم من أطلقوا قذائف الهاون بشهادة وسائل إعلامهم التي بثت صورًا مباشرة تظهر قذائف الهاون الحوثية بوضوح.
مرت أكثر من 17 ساعة على ارتكاب مليشيا الحوثي جريمتها في حق المتظاهرين السلميين في جامعة صنعاء وميدان التحرير ومحافظة إب. مع ذلك، لم تصدر أي منظمة أممية أو دولية أي إدانة أو استنكار لما حدث من انتهاكات.
لا يخجل "الحوثة" من وصف الناس لهم بـ"الجماعة الفاشية"، فهم يحرصون على إظهار جرمهم وبطشهم كي يرهبوا العامة منعًا لأي احتجاجات رافضة لهم.
عادة، تمارس الأنظمة الدكتاتورية جرائمها وانتهاكاتها في الخفاء. أنظمة دكتاتورية تخجل، وحدهم الحوثيون لا يخجلون. فقد هددوا خلال الأيام الماضية - بالصوت والصورة- كل من يريد أن يمارس حقه في التعبير، بالقتل والسحل في الشوارع.
المجاهرة بالإجرام واستعمال العنف من قبل الحوثيين، ما كان ليحدث لولا تستر مكاتب المنظمات الدولية والأممية على المجرمين المنتهكين لحقوق الإنسان طوال السنوات الماضية. هذا الدور المخزي لهذه المنظمات له أسباب مختلفة، أهمها اختراق العناصر الهاشمية الحوثية لهذه المنظمات من خلال التواجد المكثف في مكاتبها داخل اليمن.
أما السبب الثاني، فهو حرص الموظفين الدوليين في هذه المكاتب على أعمالهم. فهم يعلمون بأنهم سيخسرون وظائفهم المرموقة ومرتباتهم المرتفعة في حال واجهوا انتهاكات مليشيا الحوثي باعتبارها سلطة أمر واقع، ولن تسمح لهم بالبقاء وممارسة أعمالهم إذا ما قاموا بواجبهم على أكمل وجه.
ومن المعروف بأن الموظفين الدوليين في المجال الإنساني والإغاثي في العالم، قد يفعلون أي شيء للحصول على فرصة عمل في الدول النامية التي تعيش حروبًا أهلية ومشاكل اقتصادية، لأنهم سيحصلون على مرتبات عالية لن يجدونها في أي مكان آخر في العالم.
تصمت مكاتب المنظمات الدولية أمام كم هائل من الانتهاكات التي تُمارس من قبل مليشيا الحوثي العنصرية، وهي بهذا الصمت تتخلى عن سبب من أسباب وجودها في اليمن، حتى أصبحت –هذه المنظمات- في نظر اليمنيين مجرد أداة للابتزاز السياسي ووسيلة للاسترزاق المالي، وليس لها علاقة بالقيم والمبادئ الإنسانية.