حسن غالب
العلاقات اليمنية السعودية - أبدية القدر لا زمنية المصلحة
الاثنين 1 ابريل 2019 الساعة 10:44
الكاتب في العلاقات اليمنية السعودية يجد نفسه في مهمة صعبة تشبه مسائل الفلاسفة الشهيرة التي تستهدف إثبات أن الواحد نصف الاثنين، وأن الكون موجود في الحقيقة لا وهم في الخيال، والحقيقة أن هذه ليست مبالغة بقدر ماهي توصيف لفئات معينة للأسف تتنكر للجوار السعودي اليمني وتتجاهل الأقدار الجغرافية والتاريخية والواقعية المشتركة بين البلدين الشقيقين.
العلاقات اليمنية السعودية راسخة على المستوى التاريخي منذ التأسيس الأول للمملكة وعلى الرغم من تعاقب أنظمة الحكم اليمنية، هذا الرسوخ مبدأ سياسي ثابت كون البلدين على طول الخط السياسي يتعرضان لذات المؤامرات وذات المشكلات ما يجعلهما باستمرار يجدان أنفسهما ضمن ضرورة مشتركة للمواجهة الموحدة لتلك الأخطار القادمة من الإقليم أو ما وراء الإقليم.
بالنظر للحروب التي خاضتها السعودية في اليمن، فالبحث الموضوعي المستقل يشير إلى أن تلك الحروب نشأت من محاولات متكررة لاختطاف اليمن من هويته العربية، وتحويله إلى مهدد للمملكة التي تربطها باليمن روابط راسخة، وعلى ذلك فالموضوعية العلمية تقتضي القول أن تلك الحروب لم تخضها السعودية ضد اليمن وإنما اضطرت المملكة للتواجد ضمن تلك الحروب إلى جوار اليمن لسد الثغرة التي من خلالها حاول المحتل السياسي والثقافي والعسكري انتزاع اليمن من عمقه العربي، وجواره الاستراتيجي. ولعلي أعرج في الأسطر القادمة إلى آخر تلك الحروب التي خاضتها المملكة إلى جوار اليمن والتي ما زالت مستمرة إلى اليوم.
السعودية دولة نفطية وازنة على المستوى العالمي، وقبل ذلك دولة قائدة للعالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وبالنظر لهذين المعطيين المهمين نفهم الثقل العالمي الذي تملكه المملكة على مستويات الفكر والاقتصاد والسياسة، ولأن الأقدار اليمنية السعودية كما أسلفنا واحدة، لم تدخر المملكة جهداً في دعم الوضع السياسي اليمني في كافة المحافل الدولية، عدا ذلك فتحت المملكة ميزانيتها لدعم الاقتصاد اليمني ودعم التنمية اليمنية طوال الوقت.
والآن تخوض المملكة حرباً كبيرة، اعلنتها لاستعادة اليمن إلى حضنه وعمقه العربي بعد أن تسلل المحتل الفارسي إلى اليمن قاصداً تشويهه حضارياً وفكرياً وسياسياً وربط قراره السياسي بقرار المحتل الجديد، وأهم من ذلك تغيير تركيبته الديموغرافية والفكرية لصالح الهوية القادمة مع المحتل عبر أذنابه الذين صنعهم لهذه المهمة وعلى حين انشغال النخبة السياسية الحاكمة بألعاب المصالح وشرود ندفع ثمنه بما يهدد الأمن القومي لليمن وللجوار اليمني وللعرب ككل، ونعيش الآن لحظات صعبة على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي، إلا أن المملكة تتواجد بقوة لتخفيف تلك الصعوبات وتوفير الدعم للشرعية اليمنية بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي أدرك ما يحاك للعلاقات اليمنية السعودية فهب مسرعاً لطلب النجدة من العرب وكانت المملكة قائدة في هذا النزال التاريخي العظيم بين العرب والمحتل الفارسي.
العلاقات اليمنية السعودية ثابتة وضرورية في وعي مواطني البلدين ومنطلقاً لرسم السياسات في استراتيجيات قادة البلدين، وبذلك يصبح من الضروري تكريس هذا الوعي بشكل كبير حتى لا ينفذ المحتل مرة أخرى إلى يمننا العربي ولأجل أن يبقى اليمن جاراً مثالياً وآمناً لجواره العربي تحديداً مملكة الخير والإنسانية .