في الدراما اليمنية يظهر الممثل دائمآ بملابس متسخه،يشوهون وجهه،ويعبثون به ؛ وكأنهم يريدون أن يقنعو العالم في كل مرة وفي كل مسلسل بأنه هذه هي صورة اليمنيين في الواقع " متسخين" مشوهيين" أغبياء" متخلفيين ".. وبعدها يتجرع اليمني ويلاتها أثناء سفره للخارج في الجامعات في المطارات وعلى أبواب السفارات ؛؛ فالصورة السلبية والنظرة المشوهة التي غرسها "أشباه المخرجين" لاتنسى ولاتمحى من أذهان العرب .. ونحن أيضآ لم نعد نبذل الكثير من الجهد لنحسن صورتنا أمام الشعوب العربية ؛ فالدراما اليمنية" تكفلت بكل هذا الواجب، وأخبرتهم من نحن..؟! كتاب السيناريست، والمخرجين" الكااارثة" جعلونا أضحوكه ومهزلة،أظهرونا بالوجه القبيح الذي يرون أنفسهم به، أنفسهم ولاشي أكثر..!! للأسف الشديد عندما أشاهد بعض المسلسلات اليمنية أتسأل مرارآ ما الذي يجبر المخرجين لتقديمنا بهذا الصورة البشعة ومن سمح لهم بذلك.؟ ما الذي سيضيفه ذلك للمشهد وللمشاهد أيضآ و لمستقبل الدراما اليمنية.؟ وما الذي يريد من خلالها المخرج ومؤلف القصة الدرامية أو الكوميدية توصيله للعالم عنا نحن اليمنيين ...؟! البعض منهم يقول بأن تشوية صورة الممثلين يضفي نوع من الفكاهة والتسلية والترويح عن النفس ، وآخرين وهم الطامة الكبرى يعتبرون ذلك تجسيدآ للواقع،وبأن هذا هو مجتمعنا، وهذه هي سلوكياته، وهولاء الشخصيات' الممثلين والفنانين ' يمثلون غالبية المجتمع اليمني بملابسهم المتسخة،وبصورهم المشوهة . لاأدري حقيقة " هل إظهارهم بهذه الرداءة والبشاعة يحقق نجاحآ للمسلسل.؟ أم أنه يتخيل لهم بأننا لايمكن أن نضحك ؛ إلا أذا أظهرو ممثليهم بكل تلك العاهات الجسدية وأيضآ اللفظية ، هم لايدركون حقيقة بأن المتابع لهم لايريد كل هذا التشوية والمسخ لذاته؛ هو فقط يحتاج لمادة درامية وإخراج فني يحترم ذائقته .. فالمخرج المتمكن هو الذي يستطيع أن يظهر مجمتعه بأفضل صورة دون أن ينال منه،ومن أبناءه ، أيآ كانت المشاهد،وإيآ كانت الحقبة الزمنية التي يؤديها الممثلين في أدوراهم وفي تقمصهم للشخصيات . ورغم أن الدراما اليمنية موسمية الإنتاج ولايتابعها المشاهد إلا في شهر رمضان" إلا أنها تفتقر للإبداع في الشكل والمضمون، إضافة إلى أن ما تبثّه معظم الشاشات المحلية لايرقى إلى مستوى العمل الدرامي الفني ومقوماته من حيث الفكرة والأداء والإخراج ؛ حيث يغلب عليها التهريج والكوميديا الساخرة،وتشوية الصورة النمطية للمجتمع،وطرح قضايا لاجدوى منها ولاتعبر عن تطلعات الجمهور. أظن بأن كتاب السيناريست والمخرجين وشركات الإنتاج وقعت في الخطأ الأكبر عندما تناولت الشخصية اليمنية بكل هذا السوء والشر أيضآ ..؟! وإلا فما الداعي لكل هذا التشوية .؟ ولماذا يختار المخرج والمؤلف في مسلسله الدرامي أو الفكاهي " الساخر" لبعض النماذج السيئة في المجتمع ويسقطها على الغالبية.. من سمح لهم بذلك..؟ لماذا يعمد المخرج في قصته الدرامية على تشوية الشخصية البطلة "تارة يظهرها بملابس متسخة، وتارة بأسنان مكسورة وأخرى بوضع علامات في وجهه وخدشه؛ ناهيك عن التلعثمات الطاغية على لهجته وأثناء حديثه ..؟! لماذا لايأتي بشخصية حضارية،نظيفة مرتبة ؛ حتى وإن كانت القصة فكاهية كوميديا " لامانع" الممثل وإجادته للدور تغنيه عن الظهور بكل تلك العاهات والقبح والتخلف.؟ وأيضآ وعلى مستوى الفكرة، للأسف أصبحت رديئة ومبتذلة،وليست عند المستوى الذي يستحق المشاهدة أو المتابعة؛ فأغلب المسلسلات رغم الامكانيات الفائقة، والممثلين ذوي الكفاءة، تناقش مواضيع وقضايا لاهدف لها،وتفتقد للجدية؛ ناهيك عن إلإتيان بنماذج سيئة، وإسقاطها على المجتمع ككل ؛ ف لماذا يأتي المخرج بالأسرة الغبية ويمثلها بكل الأسر في المجتمع .. من سمح له بذلك .؟! لماذا لايأتي بنماذج لأسر متحضرة ومنظمة في حياتها وإيجابية في تربية أبناءها والإهتمام بهم..لينقل بذلك صورة " نمطية" مغايرة عن الأسرة اليمنية ورقيها .؟ لماذا أيضآ يختار المخرج الشاب الغبي الجاهل العاق اللامبالي،ويجعله نموذج لغالبية الشباب في اليمن وكأنهم جميعآ بهذه الصورة.. من سمح له بذلك. ؟ لماذا لايأتي بنماذج شرفت الوطن داخليآ وخارجيآ،ويجعلهم قدوة يحتذى بهم بقية الشباب .؟ لماذا لايسلط الضوء على الشاب اليمني المتعلم،المتفوق،الفنان،المخترع،المبدع، الباحث،الكاتب،الشاعر،وغيرهم من النماذج المشرفة الذين تفوقو وذاع صيتهم عربيآ ودوليا، واشتهرو بإختراعاتهم ونجاحاتهم ودراستهم وإنجازاتهم . لماذ لايتم تمثيلهم، وتقمص شخصياتهم، وكيف كافحو حتى وصلو لهذه النجاحات...؟! وكذلك لماذا يركز في قصته الدرامية على المرأة الضعيفة المتخلفة،الطائعة التي لادور لها في السيناريو غير السمع والطاعة، ويظهر الرجل بجانبها متسلطآ متحكمآ ، آمرآ ورافعآ صوته،وهي الخاضعة المستجيبة ؛ وكأن هذه حياتها ؛ متناسيآ بأننا في القرن الحادي والعشرين" ولم تعد صورة المرأة كماهي في مخيلته؛ المرأة اليمنية تجاوزت الكثير من العوائق المجتمعية،وأثبتت وجودها ونجاحها بقوة في سوق العمل إلى جانب أخيها الرجل وفي الكثير من مجالات الحياة. " بمعنى أنها لم تعد بهذا السخف والسطحية التي لازالت الدراما محصورة وضيقة الأفق في إظهار دورها الحقيقي. هذه الأسباب وغيرها دفعت بالكثيرين إلى شن حملة من الإنتقادات الواسعة للدراما اليمينة ، إضافة إلى سخط شعبي وجدلآ واسعآ في أوساط المتابعين سواء داخليآ أو خارجيآ؛ حيث غلب عليها إساءتها للشخصية اليمنية، وتسفيهها للذائقة الفنية لدى العامة، إضافة إلى ”سطحيتها في تناول قضايا المجتمع اليمني بقالب كوميدي يفتقد لأدنى درجات المنطق ؛ناهيك عن استخفاف كبير بعقلية المشاهد وركاكة بالسيناريو، وفقر في واقعية وتماسك الأحداث. حقيقة نحن لسنا بكل هذا القبح الذي صورتموه للعالم عنا،نعم لدينا بعض السلوكيات الخاطئة تمامآ كغيرنا من الشعوب العربية" لابأس" لكن الفرق أن المخرجين العرب استطاعو أن يعالجوها في مسلسلاتهم بطريقة لائقة ببلدهم وبصورة ابناءهم، وبإسلوب يحترم متابعيه ؛ لامهينه ولامخجله كما تفعلوه بنا . صحيح ولأحد ينكر بأن هناك بعض السلوكيات الخاطئة في المجتمع، وكذلك في الأشخاص ؛ لكن ذلك ليس مبررآ لإسقاطها على مجتمع بأكمله .. ليس ذلك مبررآ لأن تظهروه بهذا الشكل المخجل للدرجة التي جعلت الكثيرين ينظرون إليه بأنه شعب متخلف ومتسخ وغبي ؛ نتيجة عكس الدراما له بصورة خاطئة . ومن يتابع المسلسلات العربية يلاحظ الفرق بينها وبين مايعرض على شاشتنا المحلية ؛ فسيناريست وإخراج الدراما العربية "؛ تعكس مجتمعها بشكل إيجابي، وتنقل صورة من الرقي عن أخلاقيات شعبها للدرجة التي تجعلك تعجب بهم، وبطريقة عيشهم ورقي تعاملهم؛ حتى وإن كان هناك سلوكيات خاطئة في مجمتعهم يعالجوها بطريقة إيجابية، ولاتسيء لبلدهم.. إلا الدراما اليمنية" الكارثة" التي بذلت كل مابوسعها وأسهمت بشكل كبير في تعقيد الوجه اليمني، وتشويهه ؛ وكأنها ترى أن التسلية والترفيه لايمكن أن يكونا إلا بالسخرية والأستهزاء.. الكاتب والمخرج المبدع "هو الذي يحترم خصوصيات بلده، ويشعر بحب الإنتماء له والغيرة والهوية الوطنية؛ ليعبر عنه بطريقة راقية .. هو الذي يحترم سلوكيات وأخلاقيات ابناءه هو الذي يظهرهم بمظهر لائق.. يستطيع أن يرفه عن الناس ؛ ولكن بطريقة مهذبة، لابإسلوب تجريح وإهانة،يعالج السلوكيات الخاطئة بإسلوب فني ؛ لابإتساخ الشخصية، وغباء الممثل.. العرب عندما يأتو بنماذج من بلدانهم يأتو بشخصيات إيجابية مشرفة " قدوة" اشكالهم مرتبة ونظيفة..ليكونو بذلك صورة نمطية حضارية عن مجمتعاتهم ،و عندما يقلدهم أحد لايذهب لكي يشوه بنفسه، ويكسر أسنانة ، ويلبس ثياب متسخه، ويغير لهجته ويظهر معاق وفيه كل العاهات؛ تمامآ كما هو الحال لدينا. ينبغي أن يدرك المخرج والمؤلف ' كاتب السيناريست' ومنتجي الأعمال الدرامية' شركات الإنتاج ' أن الصورة النمطية القديمة للمواطن لم تعد بتلك السطحية في السابق؛ أي لم يعد ذلك المتلقي" الجاهل" والمتابع بصمت لما يعرض على الشاشة . هنا يجب أن يكون هناك أحترام لعقليته، ولذائقته الفنية؛ خاصة مع ارتفاع مستوى الوعي والثقافة، والقدرة على النقد والتقييم.. يجب أيضآ أن يتخلصو من عقدة تشوية الشخصية،وأن يعكسو صورة حضارية عن المجتمع والبلد بشكل عام ؛ بما يسهم في النهوض والإرتقاء به أمام المجتمعات الأخرى،إضافة إلى إظهار محتوى لائق يعكس ثقافته، ويواكب التطور الحاصل في كل المجالات ،بما يجذب المشاهد،ويحقق نجاحآ واسعآ للدراما اليمينة ؛ بعيدآ عن الإبتذال و التكرار المملل الذي دفع بالكثيرين إلى مقاطعتها،والعزوف عن مشاهدتها، وتفضيل القنوات الأخرى، بحثآ عن ضالته وذائقته الفنية التي أفسدتها الدرما المحليه... متى تقفون عن تشويهنا ؛ لنتوقف نحن أيضآ عن نقدكم..؟! من سمح لكم..؟! لطيفة الفقيه