كأي صوفي قديم يمضي "نبيل الصوفي" في الدوران حول نفسه حتى يستقر على طريقة صوفية ملائمة ، يدور ويدور ، ولا يجد سوى الفراغ وألوان العباءة الصوفية المدهشة تفقده تركيزه ، يتصوف "نبيل" بغير صلاة ، ولا وضوء ولا قِبلة ! . تلك طريقة الاصدقاء الذين تفاجأوا بمقتل الشهيد الزعيم ، داروا حول انفسهم ولم يتوقعوا أن تصل الرصاصات إلى الرأس اليابس ! .
- من صنعاء الى عدن ومارب ، يتحدثون عن "هادي" كرجل يلوث الشرعية الدستورية! ، فما هي شرعية أي نظام إن فقد رئيسه كرمز أخير لمؤسسات بلد اختطفها الحوثيون الهاشميون ؟ ، استولوا على نصف البرلمان ومجلس الشورى والمجالس المحلية والجيش والأمن والدبابات ومخازن الصواريخ . حتى ساحة الربيع الآثم اختطفوها من رفاقهم الجوعى ! ، الربيع وكل الفصول ، سواحلنا ،جبالنا ومحافظاتنا تمددوا فيها بعنف لم يسبق له مثيل .
- لم يكونوا اصدقائنا ، أناس لا نعرفهم . من أنت ؟ يجيبك طفل لم يبلغ الحلم بتفجير منزلك لتتذكر أنك تواجه مأزقًا عاتيًا ، غزوات سلالية تواطئ معها الهاشميون في كل تمدد ، وفي غمرة الانتشاء سخر العميقون من صيحاتنا المكبوتة ، ويوم صاحوا اصخنا السمع ، فتناهى إلينا أنهم يصرخون علينا مرة أخرى !
- لم يبق لهم خيار إلا الشرعية ، تلك التي وصفوها إرهابًا واشبعوها كذبًا وتوصيفًا ، دعشنوها ونعّشوها ، واشاعوها وشنعوها . هادي هو الرئيس لكنهم لا يريدونه ! ليس وسيمًا . نعم . ليس له شعر منسدل على جبينه . نعم . لا يلبس الجنبية . نعم . لا يستبدل الدال طاءً . نعم . لكنه الرئيس المنتخب . يمني يشبهني ويشبه أبي وأهلي واصدقائي ، له سحنة القمح وطيبة الأرض ورائحة اليمن ، تحتاجون جيشًا آخر وقد اختصرنا لكم ثلاثة اعوام ، فعلى أي راية ستقاتل أمانيكم العسكرية إن لم تكن تحت غطاء الدولة والرئيس الذي انقذناه من مخالب حلفائكم . لقد هُزمتم في معسكر "الملصي" الجديد الذي انشئتموه تحت غطاء آخر غير شرعي ، ولم يعد أمامكم سوى جيش "المقدشي" الذي أسسه تحت راية الشرعية الدستورية والحكومة والدستور والقانون ، هل لديكم خيارٌ آخر ؟ .
- يدور "نبيل" ورفاقه الذين غادروا مقهورين فلا يعترفون بهزيمة مذلة على أيدي الذين قاتلونا لأجلهم ، وقد كُنّا ننتصر عليهم جميعًا في الساحل وفي الشعاب والتباب والقرى والمدن ، نجندلهم في الكهوف والمتارس والجبال ، نلاحقهم ونحرقهم بالنار والرصاص والبأس ، يخسرون بالآلاف كل يوم ، كل لحظة . فماذا فعلتم سوى التضليل ثلاث سنين . هزمكم رفاقكم وجئتمونا مفجوعين ، أمّناكم من خوف ، واشبعناكم من جوع . ولما هجع أنينكم وأدركتم أن الحوثيون بعيدون جدًا . تذاكيتم بشروط البقاء . أوه .. ابتسامة هادي ليست مشجعة ، علي محسن ليس طويلًا ، اليدومي إصلاحي ، جباري من ذمار ! . ما هذا الدلع الصوفي ! .
- نبيل .. أنت كالذي ذهب يبحث عن خبز العشاء فوجد صفًا طويلاً من الناس ، ولما بدأ الخبز بالنفاد بدأت بالقلق ، ثم رفعت صوتك . أنا هنا . ضربت هذا واوجعت من قبلك بالصراخ والاحتجاج ، لكن الدقيق نفد والنار خمدت، والمخبز أغلق ابوابه ، والليل في منتصفه ، والفجر اقترب ، تناول عشائك فلم يبق شيئًا ياصديقي إلا ما اقتسمه الكرماء معك . فكن قنوعًا بقسمتك ، أو فلتنم بلا عشاء . وبلا هادي ولا دولة ولا وطن .. وبلا عودة .