65 يوما كانت كافية للخروج بنتيجة يربح بمقتضاها الجميع، انتقال الجنوب من موقع التابع إلى موقع الشريك استحقاق طال انتظاره.. وكذلك انتقال اليمن عامة إلى مربع الدولة.
بداية أخرى جيدة تخرج بعد المبادرة الخليجية من ذات المكان.. قصر اليمامة في المملكة العربية السعودية.
بداية يتعين على اليمنيين التقاطها وضبط إعداداتها التنفيذية خطوة بخطوة للحيلولة دون انحراف مسارها المفترض. يقول منطق الحاجة والضرورة معاً.
اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الخامس من نوفمبر الجاري مكسب لليمن ونجاح سعودي حظي باحترام وتأييد العالم، وتأسيس لمبدأ حل المشكلات عن طريق الحوار.
بنود الاتفاق كثيرة الأهمية لليمنيين، و«الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني».. بحسب البند الرابع، استحقاق جامع ظل لزمن في خانة الحلم المؤجل. يقول الشارع السياسي.
تكمن أهمية هذا البند في كونه محورا أساسيا حين يتعلق الأمر بمبدأ نشوء الدول الناجحة.
تُعد المواطنة منبع تلك المفاهيم الكبرى التي كثيراً ما نرددها بطريقة تشبه حديث شاعر ما، عن أنواع من الزهور التي لم يحظ يوما بالتعرف عليها، «المواطن والوطن والوطنية» مكاسب تمر من بوابة المواطنة.. تفيد قواعد السياسة وتعزز مواثيق الحقوق.
يبدأ الأمر من مقدرة الناس على تداول العملة أو «القدرة الشرائية»، العملية وثيقة الارتباط بوجود سوق قادرة على تحقيق دورة نقدية وسلعية منتظمة، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل أجواء عدم الاستقرار.
قراءة متأنية لبنود الاتفاق تكشف جملة إشراقات أو حاجات عميقة لهذا البلد المكلوم بالحرب، المغبون بصراعات القوى والنفوذ من نصف قرن، كما تحكي كتب التاريخ المعاصر.
ينظم الملحقان الثاني والثالث في الاتفاق روافع تحقيق الاستقرار «تنظيم مؤسستي الجيش والأمن لاستكمال معركة إسقاط الانقلاب وتوفير ملعب سياسي من ناحية، وتحقيق الأمن والاستقرار وتسوية هذا الملعب من ناحية ثانية»، الحاجة الأساس لتكريس مفهوم الوطنية في أي بلد كان.
ثمة فرق بين أن تسمع حديثاً عن الهمبرجر وبين أن تتذوقه، بين حديث ترفي عن حقوق المواطنة وبين برنامج مزمَّنٍ في الطريق إليه، غير أن جدية المواطن في الحرص على تحصيل هذه الحقوق يظل المحك الأساس وهنا تتبين أهمية الإعلام، البند الخامس من الاتفاق.
بالنظر إلى البنود «الخامس والسادس والسابع» في الملحق الأول تتبين عوامل تحقيق الوجه الآخر للمواطنة، مفهوم المواطن.
تنظم البنود الثلاثة على التوالي مسائل من نوع «تنظيم وإدارة موارد الدولة، تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إعادة تشكيل وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى» ما يمكن وصفه بمداميك توفير الخدمات والحقوق العامة «فرص العمل، القوة الشرائية، السوق الآمن».
مع انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 تبين الحضور الجاد والمسؤول لدول التحالف العربي بقيادة المملكة، أن تكون جاداً مسؤولاً تلك هي القضية.. يقول دور التحالف وتعزز بنود الاتفاق.
تنفيذ الاتفاق المزمَّن أمر ملزم، وحق ملح كما هو الحق في الحياة من نظر اليمني، لكن السير في ذلك ليس بالأمر السهل بل أشبه بالسير وسط حقل ألغام بغير خريطة.
وجود مراكز قوى منافسة لقوة السلطة، مشكلة مُزمِنة في اليمن، تعوق ما يتطلع إليه هذا الشعب المثخن.
تشكيل لجنة من دول التحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة المملكة للإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق بحسب البند السابع منه، أمر مطمئن.. يقول نبض الشارع اليمني، ذات الشارع الذي يؤكد في المقابل ضرورة التعامل الحاسم مع عوائق التنفيذ الداخلية، والتصدي الصارم لتلك الأجندات التي تنشط من أجل إعاقة التنفيذ بهدف إحراج دول التحالف العربي.
أن تفعل ذات الشيء في كل مرة لا يمكِّنك الحصول على نتيجة مختلفة، يقول مبدأ الإنجاز، وكذلك تطبيع الحياة في اليمن، يحتاج التطبيع إلى الدولة أو على الأقل حضور مظاهرها بشكل مبدئي فاعل، ما يعني أولوية تنظيم وتفعيل عمل المؤسسات والقانون بالقدر الذي يعزز ثقة الشعب بسلطته، تقول تجربة تعز 2018.
لم يعد بمقدور اليمنيين احتمال الفشل، ثمة فوهة ضيقة كحال العيش، تشخص منها عيون اليمنيين صوب هناك.. حيث تشكيل الحكومة الجديدة في انتظار إجابة للسؤال.. الكفاءة أم حسابات التدوير؟
* صحفي ومحلل يمني
yazn11@gmail.com
المصدر -صحيفة عكاظ