في غضون أشهر قليلة كانت المقاومة الوطنية، التي بدأت بعدد قليل من الأفراد مطلع العام 2018م، تستقطب شباباً ومجندين من مختلف المناطق والمحافظات، وتخوض معارك تحرير الساحل الغربي تزامناً مع عملية بناء وتشكيل لم تتوقف مع سريان العمليات العسكرية.
تشكِّل هذه التجرية حالة خاصة لم يسلط الضوء بعد على تفاصيلها ومعالم الخصوصية التي تميزها كقوة حديثة الولادة والتشكُّل، انخرطت سريعاً في مهام ومسؤوليات ميدانية انطلاقاً من نواة لواء أول لقوة مثلت قيادتها رمزية خاصة واستقطابية حتى كانت في أبريل/ نيسان 2018 تخوض غمار الحرب وتندفع إلى جانب شركاء الجبهة في إنجاز واجبات تحرير وتأمين الشريط الساحلي قُدماً.
استعان العميد طارق صالح بخبرته المتراكمة، وهو القادم للتو من معركة مصيرية كبيرة ومدوية في ديسمبر صنعاء، بعزم القائد المقاتل في استدعاء العزائم الكبيرة لإنجاز هدف كبير بالفعل وإنشاء ألوية عسكرية في ظروف لم تكن أبداً مواتية أو سهلة، وخلال ثلاثة أشهر كان يقود قواته في الصفوف الأولى ويستأنف المعركة التي بدأت في قلب صنعاء هنا في جنوب الساحل الغربي.
تحقق الكثير على الصعيد العسكري والميداني رفقة الشركاء والرفقاء في ألوية العمالقة والتهامية، كانت المعركة الوطنية ضد الانقلابيين والمليشيات الحوثية على موعد مع واحدة من أنشط الجبهات وأكثرها تقدماً وكفاءة وسرعة في إنجاز الأهداف ومراكمة المكاسب قدماً من المخا وحتى البوابة الجنوبية لمدينة الحديدة، فكان ستوكهولم واتفاق السويد الذي أجهض إنجازاً في متناول اليد.
ترافقاً وتزامناً راحت برامج استكمال الإنشاء وتشكيل ألوية المقاومة الوطنية والتدريب والتأهيل جنباً إلى جنب تتزاحم مع أولويات طارئة وأخرى تتسم بالضرورة والاستمرارية على صلة باحتياجات تأمين حياة ومصالح الناس والتجمعات السكانية المحررة وإعادة تأهيل وتفعيل السلطات المحلية والمكاتب التنفيذية وتمكينها من القيام بمسؤولياتها ومباشرة الخدمات والرعاية وإدارة يوميات التجمعات المحلية.
إلى كل ذلك، لم يغفل القائد عن أولوية إعادة تشكيل وتأهيل قوات خفر السواحل قطاع البحر الأحمر لتأمين السواحل والملاحة ومكافحة التهريب وملاحقة عمليات تهريب الأسلحة للمليشيات، ليأتي أيضاً هدف إعادة تشكيل وتأهيل قوات الأمن في قطاع الساحل الغربي، وخلال ذلك ومعه لم يكن مفر من التصدي للمسؤوليات الخدمية والاعتناء بالمجتمعات المحلية وآلاف النازحين ومكافحة الألغام وتلبية كم كبير ومزدحم من الأولويات على صفة الضرورة الملحة.
خلال ثلاث سنوات، هي كل عمر وتجربة المقاومة الوطنية، حدث الكثير مما يجب سرده وعرضه والعودة إليه لقراءة متأنية واستيفاء مطالب وشروط التوثيق الأمين وحفظ تفاصيل مهمة وتاريخية للتاريخ. لكن أيضا المهمة مستمرة والحرب لم تضع أوزارها والأهداف تتطلع كما كانت إلى استعادة الدولة والعاصمة وإنهاء الانقلاب ومداواة الصف الوطني الجمهوري وتشكيل جبهة عريضة ومتعافية ضمن الشرعية ومكوناتها الفاعلة.
في هذا الصدد ارتأت قيادة المقاومة الوطنية أن لا ينصرف العام الثالث إلا وقد أخذت خطوة أخرى وأرست آلية مهمة فكان المكتب السياسي قيمة مضافة على ذات الجبهة في مسارها السياسي بموازاة العسكري ومتحدثاً بالأصالة عن قوات الساحل الغربي وممثلاً عنها في وقت تزايد الحديث حول المسار السياسي محلياً وإقليمياً ودولياً.
عوامل كثيرة تضفي على هذه التجربة والحالة برمتها صفة الخصوصية، وسوف يحين الوقت.. مع الوقت.. للتوقف ملياً وتوثيق واستخلاص الملامح والمحددات المائزة في التجربة الماثلة لقوة وطنية في خدمة ومصلحة الصف الوطني ومعركة الاستعادة.