أثارت زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، إلى سلطنة عمان، أمس الإثنين، تكهنات البعض بشأن مساعي دبلوماسية محتملة خلف الكواليس، تضطلع فيها السلطنة بدور الوساطة لتهدئة التوترات في المنطقة.
ويساعد السلطنة في لعب أدوار محتملة موقفها الحيادي تجاه القضايا الخلافية بين الخليج وإيران.
وقال وزير النفط العماني محمد بن حمد الرمحي، يوم الإثنين، في مؤتمر نفطي بالإمارات، إن سلطنة عمان كانت دومًا محايدة؛ لأن الحياد “يناسبنا ويناسب الطريقة التي نتعامل بها مع الخلافات”.
وأضاف أن ”الجلوس مع إيران شيء نعمل عليه منذ فترة ونأمل حدوثه“.
غير أن ما أثار تكهنات المراقبين أكثر حول زيارة الأمير خالد بن سلمان، هو وفده المرافق، الذي ضم الفريق أول ركن فياض الرويلي رئيس الأركان السعودي، ومحمد آل جابر سفير المملكة في اليمن.
وجاءت زيارة الأمير خالد بن سلمان بعد أيام من تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه بمبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث، الجمعة، والذي أعرب فيه عن أمله في أن يمهد اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الطريق لتفاهم أوسع بين الشعب اليمني، للتوصل إلى حل سياسي شامل لإنهاء الأزمة.
كما تأتي تلك التطورات في ظل مؤشرات على رغبة إيرانية في التهدئة، قد تكون نابعة من الضغوط الشديدة التي تعيشها طهران بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، واهتزاز أذرعها الإقليمية في كل من لبنان والعراق،على وقع احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
زيارة استثنائية
ويرى عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، أن زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى مسقط، يمكن اعتبارها ”زيارة استثنائية“ و“في غاية الأهمية“.
وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، في اتصال هاتفي مع ”إرم نيوز“: ”على الرغم من أننا لا نعرف بالضبط القضايا التي طرحت في لقاء الأمير السعودي مع السلطان العماني، إلا أننا نعرف تمامًا أن الزيارة في غاية الأهمية، ويتوقع أن تساهم في تخفيف حدة التوتر في المنطقة“.
وتابع عبدالله: ”إن أي توافق عماني – سعودي، سيصب في تخفيف حدة التوتر في المنطقة وسيساهم في إغلاق العديد من الملفات التي تحتاج إلى إغلاق“، لكن عبدالخالق عبدالله استبعد أن يكون الملف اليمني هو محور اللقاء بين السلطان قابوس والأمير خالد، مشيرًا إلى أن ”السعودية لا تحتاج إلى وسيط للتحدث إلى الحوثيين“.
وقال: ”العلاقة السعودية الحوثية مباشرة، ولا تحتاج إلى وسطاء. السعودية منفتحة على جميع الأطراف اليمنية، ابتداء من الحكومة الشرعية، مرورًا بالمجلس الانتقالي الجنوبي وحتى جماعة الحوثي، وانتهاء بالقبائل والأحزاب والمكونات الأخرى“.
ويتفق ما ذكره عبدالخالق عبدالله مع حديث لمسؤول سعودي نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية قبل أيام، قوله إن هناك ”قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016. نحن نواصل هذه الاتصالات لدعم السلام في اليمن. ولا نغلق أبوابنا مع الحوثيين“.
وأضاف المسؤول الذي لم تكشف هويته: ”في حال كان الحوثيون جديين في خفض التصعيد وقبلوا الحضور إلى الطاولة، فإن السعودية ستدعم طلبهم وطلب كافة الأطراف السياسية للوصول إلى حل سياسي“.
شراكة استراتيجية
بدوره رأى الصحفي السعودي خالد المطرفي أن الزيارة يمكن قراءتها في ضوء ما سماه ”الشراكة الاستراتيجية“ بين المملكة وعمان، وقال: عمان والسعودية شريك استراتيجي تاريخي ما هو وليد اللحظة، والمملكة تنظر لعمان أنها دولة مهمة للأمن في منظومة دول مجلس التعاون وأمن الملاحة البحرية“.
وتابع لـ“إرم نيوز“ في اتصال هاتفي: ”تؤكد الزيارة على متانة العلاقة بين البلدين، ومدى تقارب المواقف بين الرياض ومسقط، ولها كذلك بعد استراتيجي حول مصالح البلدين ودول المنطقة، إضافة إلى ترابط الشعبين، هناك تفاهمات بينية بين الممكلة والسلطنة في كثير من القضايا المتعلقة بأمن الخليج في إطار مجلس التعاون“.
وأوضح المطرفي أن ”الزيارة ستظهر نتائجها قطعًا خلال الفترة المقبلة“.
تبادل الآراء
من جهته، رأى المحلل السياسي الكويتي، عايد المناع، أن زيارة الأمير خالد بن سلمان لمسقط ربما جاءت لتبادل الآراء بين السعودية وعمان حول الوضع في اليمن والملفات الإقليمية العالقة.
وقال المناع، في اتصال هاتفي مع ”إرم نيوز“: ”أعتقد أن هدف الزيارة هو تبادل الآراء بشكل واضح وصريح حول الوضع في اليمن، ومناقشة العلاقة مع إيران في ظل التوتر الذي لا يزال سائدًا“.
كما رأى المحلل الكويتي أن علاقة سلطنة عمان مع إيران يمكن أن تلعب دورًا في ”نقل الرسائل من الطرف الخليجي إلى إيران ومن إيران إلى الأطراف الخليجية لشرح موقف الطرفين بشكل واضح“.
استقرار اليمن
من جانبه، اعتبر الصحفي السعودي منصور الخميس، أن لقاء نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بالسلطان قابوس وعدد من المسؤولين العمانيين حمل عنوانًا عريضًا هو ”استقرار اليمن“.
وبيّن الخميس أن هذا العنوان ”كان واضحًا من خلال النظر للوفد الذي حط في العاصمة العمانية مسقط يوم أمس. كما أن هذا اللقاء سبقه اتصالات من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد إمارة أبو ظبي بالمسؤولين في سلطنة عمان خلال شهر الشهر الماضي؛ في مؤشر على أن المملكة والإمارات تسعيان لرفع مستوى التنسيق مع الجانب العماني في القضايا التي تخص أمن المنطقة“.
وتابع: ”فحضور الأمير خالد بن سلمان والذي يوصف بأنه عراب اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية الشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي الاسبوع الماضي يرافقه شخصيتان من أهم الشخصيات المتعلقة بالملف اليمني وهما معالي رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الأول الركن فياض بن حامد الرويلي وسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد بن سعيد آل جابر يعطي دلالة على أن هناك دورا قادما لعمان في الملف اليمني“.
ولم يستبعد الصحفي السعودي أن يكون اللقاء تطرق إلى قضايا أخرى تخص المنطقة خلاف الملف اليمني، قائلاً: ”عرفت عمان بتحركاتها الدبلوماسية الهادئة خلال الفترة الماضية وكانت عاملاً مهما في الاتفاق النووي الذي أبرمته حكومة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مع إيران كما تميزت سلطنة عمان باتصالاتها المتعددة مع كثير من الأطراف المتناقضة والمختلفة نتيجة مواقفها المحايدة من كثير من القضايا لذلك فلن يكون من المستبعد طرح أي قضايا تخص المنطقة إلى جانب الملف اليمني“.
"ردود إيجابية"
وكانت إيران أعلنت قبل يومين أنها تلقت ردودًا إيجابية على رسائل رئيسها حسن روحاني إلى الدول العربية في شأن أمن المنطقة.
وقال عباس موسوي الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن الرسائل التي أرسلها روحاني جرى تسليمها إلى قادة الدول العربية، ومن ضمنها السعودية والبحرين، مؤكدًا: ”تلقينا من جميع هذه الدول ردودًا إيجابية بصورة رسمية وغير رسمية، ومن المقرر أن تعلن هذه الدول عن موقفها بشأن المبادرة الإيرانية“.
ويقول المنّاع، إن أية إشارة إيجابية من قبل طهران ستقابل بأخرى مماثلة من قبل الخليجيين، قائلًا: ”دول الخليج دول تنموية تريد السلام والازدهار، والحرب- لا قدر الله- ستشل قدرتها على التنمية كما حصل للعراق من قبل؛ ولذا فهم لا يريدون الحرب“.
واستدرك بالقول: ”لكن على الإيرانيين أن يكفوا عن التدخل في شؤون غيرهم، وألّا يستقووا على جيرانهم. على طهران أن تدرك أن جميع المشاكل يجب أن تحل بشكل سلمي“.
وقال المناع، إنه يتوقع أن تلعب ”خبرة السلطان قابوس في المنطقة دورًا في بعث رسالة للمملكة العربية السعودية حول الوساطة مع إيران، لا سيما وأن إيران مضغوطة وتبحث عن حل لمشاكلها، ودول الخليج لا تريد منها أكثر من الاهتمام بشأنها الداخلي والكف عن تهديد مصالح الآخرين“.
واختتم بالقول: ”حال حدوث تفاهم خليجي إيراني، دول الخليج قد تتدخل عند الإدارة الأمريكية وتناقش معها تخفيف الضغط على إيران“.