كشف تقرير أصدرته منظمة النزاهة المالية الدولية، أن نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، أخفى حوالي 31 مليار دولار من الصادرات السودانية، في الفترة ما بين عامي 2012 و2018.
وأشار التقرير إلى حدوث تلاعب كبير في أرقام الصادرات، موضحا أنه قارن بين أرقام صادرات البلاد المعلنة من قبل حكومة السودان، البالغة 65 مليار دولار خلال الفترة المذكورة، والبيانات التي تحصلت عليها من 70 دولة من الشركاء التجاريين للسودان، التي قدرت وارداتها خلال الفترة المذكورة بنحو 96 مليار دولار.
وكانت إثيوبيا واليابان من بين أكبر 10 شركاء تجاريين، أظهرت بياناتهم هذه الفجوة الكبيرة في عائدات الصادرات.
وظهرت الفجوة أكثر في صادرات النفط والذهب، إذ تشير بيانات الحكومة السودانية إلى أنها صدرت 62 مليون برميل خلال الفترة المذكورة، بقيمة 4.8 مليار دولار، في حين تشير سجلات البلدان المستوردة للنفط السوداني أنها استوردت 2. 112 مليون برميل بقيمة 8.9 مليار دولار.
كما نوه التقرير إلى وجود "ارتباك كبير في الأدوار المرسومة لوزارة النفط والشركات الحكومية والخاصة، إضافة إلى وجود خلل واضح في التقارير المتعلقة بحركة الصادرات، مما أدى إلى فتح الباب واسعا أمام انتشار عمليات الفساد، وإهدار الكثير من الموارد التي كان يمكن توجيهها لتحسين الخدمات في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية".
ووفقا للتقرير، تظهر سجلات بنك السودان المركزي أن صادرات الذهب بلغت خلال الفترة ما بين 2012 و2018، نحو 205.4 كيلوغرام من الذهب بقيمة 6.8 مليار دولار، في حين تظهر سجلات الدول المستوردة أنها استوردت 404.7 كيلوغرام بقيمة 12.7 مليار دولار.
وساد السودان خلال الأعوام الثلاثين من حكم المؤتمر السوداني، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، عمليات فساد وتجاوزات واسعة أدت إلى إهدار مئات المليارات من الدولارات، مما انعكس سلبا على أداء الاقتصاد وأحدث تدهورا مريعا في كافة القطاعات.
ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نحو 65 في المئة من مجمل تعداد سكان البلاد، البالغ نحو 39 مليون نسمة.
وصنفت منظمة الشفافية الدولية السودان من أكثر 3 دول فسادا في العالم، وفقا لتقاريرها الصادرة خلال الفترة ما بين عامي 2014 و2018، مما أثر كثيرا على تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وكان خبراء قد قدروا في تقرير سابق نشرته "سكاي نيوز عربية"، الأثر المباشر وغير المباشر الناجم عن الفساد بأكثر من تريليون دولار، وذلك استنادا إلى حجم الأموال المهدرة في قطاعات النفط والزراعة، إضافة إلى العقوبات الأميركية التي تعرض لها السودان خلال الفترة من 1997 حتى 2017، بسبب تصرفات الإخوان الأيديولوجية واتهامهم برعاية الإرهاب، واستضافتهم لزعيم تنظيم القاعدة لعدة سنوات خلال تسعينيات القرن الماضي.
وأشار الخبراء إلى أن "الفساد الذي مارسه نافذون ومنتمون للنظام السابق أهدر أموالا ضخمة، وأفقد السودان فرصا استثمارية كانت كفيلة بتغيير المشهد الاقتصادي الصعب الذي يظلل خريطة اقتصاد البلاد الحالية، والتي تتجسد أهم ملامحها في ارتفاع الديون إلى أكثر من 64 مليار دولار.
وارتفعت معدلات البطالة في السودان إلى أكثر من 19 في المئة، ووصل التضخم إلى 98 في المئة، بحسب إحصائيات رسمية، وتراجعت مؤشرات الاقتصاد الكلي، وخرجت مئات المصانع من الخدمة، وتدهور الإنتاج في العديد من المشاريع والمؤسسات الاقتصادية.
وبعد تشكيل الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2019، في أعقاب الإطاحة بنظام المؤتمر الوطني بثورة شعبية في أبريل من العام نفسه، كونت السلطة الجديدة لجنة لإزالة تمكين النظام السابق، استطاعت حتى الآن استرداد أصول وأراضي تقدر قيمتها بنحو 4 مليار دولار، استولى عليها مقربون من البشير ونافذون في نظامه.