تستميت الميليشيا الحوثي في نهجها الهادفالى تجريف الهوية الوطنية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، عندما عمدت على تضمين كتب التعليم الأساسي تعديلات جوهرية تتطابق مع توجهها الفكري المذهبي والطائفي. تستهدف، الجماعة، الموروث الروحي والنسيج الاجتماعي والمكون الثقافي والفكري المنسجم والمتناغم والمسالم، في تهامة التي تعتبر واحدة من أكثر البيئات اليمنية ثراء وتعافيا، كما تعمل على تكثيف أنشطتها في المؤسسات التعليمية، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بهدف تجريف الهوية الوطنية وتلقين النشء مفاهيم طائفية.
في هذا السياق تداول العديد من الناشطين، في اليومين الماضيين، على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً مصوراً يظهر فيه طلاب أحد الفصول الدراسية من المرحلة الأساسية، في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، وهم يرددون نشيداً طائفياً، على غرار الأناشيد الدينية الشيعية بكل مضامينها.
ويلزم المدرس، طلابه على ترديد النشيد ورائه، ممجدين فيه رموز دينية شيعية، مصحوباً بحركات الخبط على الصدر، التي تتبعها الطوائف الشيعية في إيران والعراق.
وتعليقاً على المقطع، الذي تم تداوله على نطاق واسع، قال المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، يحيى اليناعي، إن “جماعة الحوثي المسلحة تلقن الطلبة في مناطق سيطرتها معتقدات المذهب الديني للسلطة الحاكمة في إيران (المذهب الاثنا عشري) بصورة علنية”.
وحذر اليناعي، في تصريح له نقله موقع “المصدر أون لاين”، “من تكثيف مليشيا الحوثي أنشطتها في المؤسسات التعليمية بهدف استخدامها كبوابة لتجريف هوية المجتمع وتلقين النشء مفاهيم طائفية”.
وأضاف، أن “مليشيا الحوثي تنظم الأنشطة في ثمانية آلاف مدرسة، تعمل خلالها على تكريس مفاهيم المذهب الديني المعتمد كمذهب رسمي في إيران، بهدف دفع الجيل الجديد وتهيئته لقبول التبعية والولاء لإيران”.
وأشار إلى أن “إيران تعمل منذ العام 2016م، وليس من لحظة توثيق مقطع الفيديو المشار إليه، لإحداث تغيير اجتماعي وفكري بهدف صناعة حاضنة للمليشيا في المناطق الأكثر كثافة سكانية”.
وقال، إن “العزل المذهبي بين المدن، هو جوهر المشروع الإيراني في اليمن، وغيرها من الدول العربية، وسيكون لذلك تداعيات على المنطقة بأسرها”.
وشدد المسؤول النقابي، على المجتمع الدولي التحدث علناً ضد تطييف التعليم، والاتفاق على أن التعليم يجب أن يظل ذا طابع مدني ووطني، مع منهج دراسي يبني السلام والاستقرار للأجيال المقبلة في اليمن.
وفي تهامة وبلاد الأشاعرة، تكتسح الاعتداءات والجرائم الحوثية الممنهجة والموجهة كل شيء مستهدفة الموروث الروحي والنسيج الاجتماعي والمكون الثقافي والفكري المنسجم والمتناغم والمسالم لواحدة من أكثر البيئات اليمنية ثراء وتعافياً.
إذ حولت مليشيا الحوثي قلعة زبيد، إحدى أشهر القلاع التاريخية بالحديدة وبلاد الأشاعرة، إلى مركز لتشييع الأطفال، يحاكي حوزات إيران، بهدف تنشئة جيل قوامه التطرف المذهبي.
وكانت القلعة التاريخية تعرضت للنهب الواسع من قبل المليشيات، التي أفرغت القلعة من المخطوطات والموجودات التاريخية الثمينة، وسطت على كل محفوظات قرون خلت، ولم تجد كافة بيانات الاستنكار والتنديد المحلية والخارجية.
وذكر مصدر محلي، أن المليشيات وضعت، قبل نحو أسبوعين، خطة لاستقبال الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين السابعة والثالثة عشرة، لتحويل معتقداتهم عبر غسل أدمغتهم بالمعتقدات الشيعية.
وقال المصدر، إن “أهالي زبيد تفاجؤوا ببكاء أطفالهم على الحسين، وترديدهم كلمة واحسيناه، بعد أسابيع من التحاقهم بذاك المركز”.
وأشار المصدر، إلى حرص المليشيات على انتقاء الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عاماً، ليسهل عليها غسل أدمغتهم، وصولاً إلى تغيير معتقداتهم إلى المذهب الشيعي.
من جهته، أوضح عبدالله عسيلي، المتحدث باسم ألوية الزرانيق، مدى الظلم الذي يتعرض له أطفال زبيد، فيما المليشيات تسارع الخطى لإيجاد جيل عقائدي في مناطق ظلت حكراً على المذهب السني لعقود.
وأشار إلى أن المواطنين الذين يدركون خطورة ما تقوم به المليشيات، لا يستطيعون منع عناصرها من سلب أبنائهم وإخضاعهم لدروس طائفية، إذ أن المليشيات توجه لهم تهم العمالة للتحالف العربي ونعتهم بالداعشية من قبيل الاحتقار، وكمقدمة لاعتقالهم وخضوعهم للاستجواب والتعذيب.
وأكد أن المواطنين استسلموا للتجريف الفكري الذي تقوم به المليشيات، لعدم امتلاكهم الوسيلة التي تجنب أبناءهم الوقوع في المستنقع الفكري لمليشيا الحوثي.
وقال عسيلي، إن مليشيا الحوثي تمارس حرباً فكرية قاسية على الأجيال الصاعدة في زبيد، وإن ما تقوم به سيخلق صراعاً طائفياً مدمراً يستمر لعقود قادمة.