تهم تقرير صادر عن فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم، ميليشيا الحوثي الإيرانية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تمثلت في 15 عملية استهداف وقصف للمدنيين خلال أربع سنوات.
وأشار التقرير إلى ميليشيا الحوثي باعتبارها الجهة المنفذة للعملية الإرهابية التي استهدفت مطار عدن الدولي بثلاثة صواريخ باليستية، أثناء وصول الحكومة الشرعية أواخر ديسمبر 2021، وأدت تلك الهجمات إلى مقتل 25 شخصاً وإصابة 110 آخرين.
كما أكد التقرير ارتكاب ميليشيا الحوثي جريمة استهداف حفل زفاف في حي المنصورة بمحافظة عدن مطلع يناير من العام الماضي، ما أدى لمقتل رجل وطفلين.
جرائم حرب:
تقرير الخبراء البارزين الذي يعتبر وثيقة مهمة لإدانة ميليشيا الحوثي، اتهم الميليشيا بشن هجمات عشوائية محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني، وتشمل هذه الأعمال جرائم حرب بموجب القانون الدولي العرفي.
وأشار التقرير إلى ارتكاب الميليشيا جريمة قصف حي الروضة السكني وسط مدينة مأرب في أبريل 2021، واستهدف القصف أطفالاً كانوا يلعبون في شارع رملي في حارة الفتح.
كما وثق تقرير الخبراء ارتكاب ميليشيا الحوثي جرائم قصف استهدفت مجمع إخوان ثابت في الحديدة ثلاث مرات، واحدة منها في ديسمبر 2020، واثنتان في يونيو 2021، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بإنتاج الأغذية وإمدادات المياه.
وأكد تقرير الخبراء أن الحوثيين قاموا في 22 مايو 2021 بإضرام النار في ثلاث غرف عمليات في مستشفى الحديدة، وتدمير جميع آلات المختبرات بإطلاق النار عليها.
كما وثق التقرير، قصف الحوثيين بصاروخ كاتيوشا ساحة مستشفى الجفرة بمديرية مجزر بمحافظة مأرب في فبراير 2020، ما ألحق أضراراً جسيمة بالمبنى وأدى إلى توقف الخدمات الطبية وتطلب نقل مئات المرضى إلى مستشفى مأرب.
التقرير اتهم الحوثيين بشن هجمات عشوائية باستخدام أسلحة قصف غير مباشر، واستخدموا الألغام الأرضية المضادة للأفراد، وهي أفعال قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
كما ارتكب الحوثيون جرائم قد ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب بما في ذلك قتل المدنيين، والتعذيب، أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاعتداءات على الكرامة الشخصية، والحرمان من المحاكمة العادلة، وعرقلة وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية، وتجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة أو استخدامهم للمشاركة الفعلية في الأعمال العدائية.
وأشار التقرير إلى الحصار الذي يفرضه الحوثيون حول مدينة تعز منذ أغسطس 2015، ومدينة حجة منذ نهاية عام 2018، وقال التقرير إن حصار الحوثيين أعاق بشكل كبير وصول المساعدات الإنسانية وتسليم المعونة.
اختطاف وتعذيب
تقرير فريق الخبراء البارزين أكد أنه أجرى خلال السنوات الأربع الماضية تحقيقات أخرى في حالات اختفاء واحتجاز تعسفي وتعذيب للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية، وهي ممارسات يقصد منها الحوثيون إسكات المعارضة المتصورة أو معاقبتها على معتقداتها الدينية، وإضفاء الشرعية على سلطتها من خلال إشاعة الخوف.
واتهم التقرير ميليشيا الحوثي باختطاف النساء في سجون خاصة وتعذيبهن واغتصابهن بمساعدة مجندات حوثية "زينبيات"، وأن السجينات تعرضن لصدمة نفسية لا يمكن تجاوزها.
و"الزينبيات"، فرقة نسائية حوثية، شكلت بهدف قمع النساء وتفتيش المنازل، وأخذت المسمى من فرق مشابهة في إيران والمناطق الشيعية الأخرى.
وحقق فريق الخبراء في قضية امرأة تلقت في مطلع عام 2020 تهديدات بهدف منعها من التحدث علناً ضد الحوثيين، وبعد أيام اختفت من منزلها، وبحثت عنها أسرتها دون جدوى لمدة تسعة أشهر، الى أن تلقت أسرتها مكالمة من شخص غريب أبلغها فيها بأنها في المستشفى، ووجدتها أسرتها هناك مشلولة بسكتة دماغية جعلتها غير قادرة على الكلام.
جرائم ضد النساء
كما حقق فريق الخبراء في حالات الاحتجاز التعسفي لنساء وفتيات واعتداء الحوثيين عليهن في مراكز احتجاز سرية في صنعاء ومحيطها في الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2017 وكانون الأول/ديسمبر 2019، ولفقت الميليشيا للمحتجزات تهم البغاء والفجور، ودعم التحالف، والتجسس، والانتماء إلى الأعداء.
وذكر تقرير فريق الخبراء أنه عام 2020، اقتادت مجموعة كبيرة من الزينبيات امرأة إلى سجن الأمن والمخابرات في صنعاء حيث احتُجزت في الحبس الانفرادي لعدة أشهر وكانت تسمع أثناءها صُراخ رُضع وأطفال قِيل إنهم كانوا محتجزين مع أمهاتهم، وكانت تُصدم يومياً بالهراوات الكهربائية وتُحرم من النوم، وتترك واقفة على ساق واحدة لفترات تزيد على ثماني ساعات تحت مراقبة الضابطات الزينبيات.
وبحسب التقرير فقد كانت المرأة تُضرب في كل مرة تسقط فيها، وعندما لم تكن تتعرض للضرب، كان يتم اقتيادها إلى غرفة تُغتصب فيها بانتظام من قِبل مجموعات من الرجال.
وقالت المرأة في الشهادات التي أوردها التقرير "في كل مرة اغتصبوني فيها كنت التزم الصمت من أجل البقاء ... على أمل أن يُطلقوا سراحي".
وتُعبر تجربة تلك المرأة وفقاُ للتقرير، عن أنماط متطابقة تقريباً من الانتهاكات لتلك التي سبق للفريق توثيقها.
استهداف النازحين والمهاجرين
تقرير الخبراء اتهم ميليشيا الحوثي بقصف النازحين في الضواحي الشمالية لمدينة مأرب، وأصيب خلال عمليات القصف عدد من النساء والأطفال ولحقت أضرار كبيرة بالخيام وصهاريج المياه في المخيمات، وتسبب ذلك في تهجير 460 اسرة مرة أخرى.
تقرير الخبراء اتهم ميليشيا الحوثي باختطاف المئات من المهاجرين الاثيوبيين والصوماليين والزج بهم في عنابر، وعندما احتجوا على ظروف احتجازهم أطلق الحوثيون عليهم عدة مقذوفات ما تسبب بمقتل 46 وإصابة 202 آخرين.
وفيما يتعلق بالأقليات الدينية، قال تقرير الخبراء البارزين إن الحوثيين قاموا بمصادرة وتجميد أصول أكثر من 70 فرداً من الطائفة البهائية بعد أن كانت شردت ستة منهم بعد ان أصدرت عليهم أحكاما بالإعدام.
وأشار تقرير فريق الخبراء البارزين إلى التصريحات التي أدلى بها زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، التي حرض فيها على العنف والتمييز ضد الأقليات الدينية، بما فيها الطائفة البهائية واليهودية، حيث قال في كلمة متلفزة له في مارس 2020، بأنهم: "لا يريدون التعايش ... يريدون انتزاع سيادة الإسلام".
وتطرق تقرير فريق الخبراء الى المخاطر التي يواجهها الصحفيين في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية في أداء عملهم، وتوقف كثير منهم عن العمل بعد النجاة من الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وتوقف آخرون عن العمل بسبب تهديد حريتهم وأمنهم الجسدي أو أمن أسرهم، والخوف من الانتقام، وبعضهم غادر البلد تماماً.
جرائم ضد الطفولة:
فريق الخبراء أجرى تحقيقات موسعة في قضية تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة، وأحياناً دون سن الخامسة عشرة واستخدامهم في الأعمال العدائية، وتأكد الفريق من مدى اتساع وتفشي تجنيد الحوثيين للصبية والفتيات.
وقال التقرير إنه يوجد حالياً في اليمن أكثر من مليوني طفل غير ملتحقين بالمدارس لأسباب مختلفة أحدها النزاع نفسه، وتستخدم الحوثيون المدارس لأغراض عسكرية، مما يجعلها أهدافاً عسكرية عُرضة للهجوم.
تهديدات بيئية:
تقرير الخبراء أشار إلى الكارثة البيئية المحتملة في اليمن ومنطقة البحر الأحمر برمتها، في حال حدوث تسرب من ناقلة النفط "صافر"، التي تحمل حوالي 1,1مليون برميل من النفط بسبب تعنت الحوثي وعدم تقديمه للضمانات الأمنية المكتوبة الازمة.
تقرير الخبراء الدوليين أشار فقط إلى الوقائع والجرائم التي تمكن من التحقق منها، أو وصل راصدوه إلى خيوطها، لكن الواقع يشير إلى أن جرائم ميليشيا الحوثي بحق اليمنيين ودول الجوار، أكبر من كل التحقيقات والتقارير، فثلثي الشعب اليمني باتوا مهددين بالمجاعة بسبب الحرب التي أشعلتها الميليشيا، واستخدمت لأجلها كل موارد البلاد.
كما أن قتلى الحوثيين تجاوزوا عشرات الآلاف من أبناء اليمنيين الذين تزج بهم الميليشيا إلى جبهات القتال غير آبهة بمصيرهم، خدمة لأجندة إيران التوسعية في اليمن.