أعادت الولايات المتحدة تصنيف جماعة الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية أجنبية اعتباراً من يوم الاثنين، مع تشديد العقوبات على قيادات بارزة.
تستهدف قرارات إدارة ترامب شخصيات حوثية رفيعة المستوى، بينهم مهدي المشاط (رئيس المجلس السياسي للحوثيين) والمتحدث الرسمي محمد عبدالسلام، متهمة إياهم بـ"تقويض الأمن الإقليمي" عبر هجمات على الممرات البحرية وانتشار أسلحة إيرانية. يُعكس هذا القرار سياسة سابقة للرئيس جو بايدن ألغى خلالها عام 2021 التصنيف الإرهابي للحوثيين لتسهيل وصول المساعدات وسط مجاعة طاحنة.
كثّفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حملتهما العسكرية والدبلوماسية ضد حركة الحوثيين في اليمن، عبر إعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وتنفيذ ضربات مُستهدَفة، وتعطيل شبكات التهريب، في مسعى لاحتواء أنشطة المجموعة المموّلة إيرانيًا والتي تُهدد استقرار المنطقة. وتأتي هذه الخطوات، المُنبثقة من تحوّلات سياسية وعملياتية حديثة، كردّ على ما يُسميه مسؤولون غربيون "تهديدًا متصاعدًا" للأمن الإقليمي والتجارة العالمية، لكنّ منتقدين يحذّرون من أن هذه الإجراءات قد تُفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وتُطيل أمد الصراع المستمر منذ عقد.
سياسة متقلبة.. تاريخ من التناقضات
يمثل هذا التحوّل الثالث في الموقف الأمريكي من الحوثيين منذ 2021. فبعدما صنّف ترامب الجماعةَ إرهابيةً في أيامه الرئاسية الأخيرة. اليوم، يعيد ترامب – بعد عودته للبيت الأبيض – فرضَ التصنيف مع توسيع العقوبات.
إعادة التصنيف وتحوّلات استراتيجية
في 4 فبراير/شباط 2025، أعادت إدارة بايدن تصنيف الحوثيين رسميًا كـ"منظمة إرهابية عالمية مُحدّدة خصيصًا" (SDGT)، مُلغية بذلك قرار إلغاء التصنيف الذي اتُخذ عام 2021. ويُوضح تقرير لمعهد أبحاث تريندز أن هذا القرار يعكس ضغوطًا متزايدة للرد على هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر وتعزيز تحالفاتهم العسكرية مع إيران. ويُمكّن التصنيف الجديد فرض عقوبات أكثر صرامة، مما يُعقّد وصول الجماعة إلى الشبكات المالية وإمدادات الأسلحة.
ودافع البيت الأبيض عن القرار باعتباره "ضرورياً لمواجهة النفوذ الإيراني المدمّر وحماية طرق التجارة العالمية".
**العمليات العسكرية وضربات التهريب**
بالتوازي مع التصنيف الإرهابي، نفّذت القوات الأمريكية والبريطانية ضربات دقيقة على بنية الحوثيين العسكرية، بما في ذلك مواقع الطائرات المسيّرة والصواريخ المُستخدمة لاستهداف الممرات البحرية الدولية. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز في 4 فبراير أن هذه العمليات تهدف إلى تقليص قدرات الحوثيين غير التقليدية.
تداعيات غير متوقعة.. لا حوار ولا سلام
يعقّد التصنيف الجهود الهشة للسلام، فاستهداف عبدالسلام (المفاوض الرئيسي للحوثيين) يغلق أبواب الحوار. في الوقت نفسه، تستهدف قوة مشتركة شبكات تهريب تتبع للحوثيين تنقل أسلحة إيرانية ونفطًا عبر سواحل اليمن ومناطقه الحدودية، وساعدت صور الأقمار الاصطناعية ومشاركة المعلومات مع دول عدة في تحديد طرق التهريب الرئيسية، مما أدى إلى اعتراض سفن محمّلة بالأسلحة. وقالت الدفاع الأمريكية: "قطع هذه الخطوط التموينية حاسم للحدّ من تهديدهم".
ردود الفعل الإقليمية والتبعات الإنسانية
أثار تحالف الحوثيين مع "محور المقاومة" الإيراني إدانات من دول الخليج، حيث أبدت السعودية والإمارات دعمًا حذرًا للجهود الغربية. لكن الرياض لا تزال قلقة من أن يؤدي التصعيد إلى تقويض هدنتها الهشّة مع الحوثيين، التي بدأت عام 2022.
بينما تعمق الولايات المتحدة وبريطانيا تدخلهما، يظل الطريق نحو الاستقرار في اليمن محفوفًا بالمخاطر، حيث تتصادم الأمن الإقليمي، والاحتياجات الإنسانية، والتنافسات الجيوسياسية في اليمن.
مآلات محتملة.. بين المجاعة ومخارج الضوء
ثمة سيناريوهان: إما انهيار كامل للمساعدات يؤدي إلى مجاعة جماعية، أو تفعيل إعفاءات إنسانية عبر تفاوض دولي. لكن السيناريو الثاني يتطلب تنسيقاً أمريكياً مع دول الخليج والأمم المتحدة – وهو ما يبدو مستبعداً في ظل نهج ترامب الأحادي.
وأعاد المبعوث الأممي هانس غروندبرج الدعوة إلى "حل سياسي يمني بضمانات لحماية المدنيين"، لكن مع أولوية واشنطن للضغط على الدبلوماسية، يتوقع المراقبون استمرار الجمود.