شنت ضربات جوية أمريكية هجمات مكثفة على محافظة صعدة معقل الحوثيين الرئيسي في شمال اليمن خلال الليل، بعد سلسلة هجمات مماثلة شنها الجيش الامريكي على مواقع مختلفة، حيث أكد قصفه موقعًا عسكريًا رئيسيًا في قلب العاصمة صنعاء .
لم يتضح بعد المدى الكامل للدمار وأعداد الضحايا المحتملة. لكن وكالة "2 ديسمبر" نقلت عن مصدر خاص لم تسميه مقتل نحو عشرين قياديًا من مليشيا الحوثي الإرهابية في ضربة نفذها الجيش الأمريكي على أحد مواقعها في معقلها الرئيس بمحافظة صعدة.
وبحسب الوكالة؛ إن القيادات الحوثية كانت تعقد اجتماعًا سريًا في أحد الثكنات بمديرية ساقين عندما أغارت طائرة أمريكية على الموقع لحظة الاجتماع.
وأكد المصدر أن جميع من كانوا في الاجتماع قُتلوا في الضربة الأمريكية، لافتًا الى أن المليشيا ما زالت تتكتم على الخبر ولم تُفصح عن أي تفاصيل بشأنه. وجاءت هذه الهجمات بعد ليلة من الضربات الجوية فجر الجمعة ومساء السبت، والتي بدت أكثر شراسة مقارنة بالأيام السابقة في الحملة التي انطلقت في 15 مارس.
وفي السياق كشف تحليل لوكالة أسوشيتد برس أن العملية العسكرية الجديدة تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تبدو أكثر اتساعًا من تلك التي جرت في عهد الرئيس جو بايدن، حيث انتقلت الولايات المتحدة من استهداف منصات إطلاق الصواريخ فقط إلى توجيه ضربات ضد قيادات عسكرية، وإلقاء القنابل داخل المدن المأهولة.
في سياق متصل، كشفت صور الأقمار الصناعية التي حللتها الوكالة عن مدرج جوي غامض قبالة سواحل اليمن عند مضيق بحري استراتيجي، يبدو جاهزًا الآن لاستقبال الطائرات، بما فيها القاذفات الشبحية من طراز B-2، وذلك بالتزامن مع تصعيد الضربات الأمريكية يوم السبت.
استهداف مناطق حوثية متعددة
أفادت وسائل الإعلام الموالية للحوثيين بأن الضربات الجوية التي استمرت حتى صباح السبت طالت عدة مناطق تحت سيطرة المتمردين المدعومين إيرانيًا، بما في ذلك العاصمة صنعاء ومحافظتي الجوف وصعدة. وأشارت وكالة سبأ التابعة للحوثيين إلى أن الضربات في صعدة أسفرت عن مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.
عُرف القتيل وفقًا لوكالة سبأ بأنه مدني، لكن محللين يشككون في هذا التصنيف، خاصةً أن عناصر ميليشيا الحوثي غالبًا لا يرتدون الزي العسكري، كما أن الضربات تستهدف مواقع عسكرية واستخباراتية تابعة للمتمردين.
يذكر أن الحوثيين يتكتمون بشدة في تغطية الخسائر الفعلية، بينما تتحفظ واشنطن على الإفصاح الكامل عن تفاصيل عملياتها.
أكدت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط إحدى الضربات الجوية التي نفذتها فجر الجمعة، حيث نشرت مقطع فيديو بالأبيض والأسود يظهر استهداف موقع في اليمن.
وبالرغم من عدم الكشف عن الموقع، يتطابق تحليل الوكالة لتفاصيل اللقطات مع موقع القصف المعروف في صنعاء، والذي يُعتقد أنه المقر العام للقيادة العسكرية التابعة للحوثيين – وهو ما لم تعلنه الجماعة.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الخاضعة للحوثيين أن الضربات الأمريكية يوم الجمعة دمرت "محطات البث والأبراج الاتصالية وشبكة المراسلة" في محافظتي عمران وصعدة، مع تركيز هجمات مكثفة حول منطقة جبل أسود في عمران.
تشير التقارير إلى أن الحملة الجديدة للضربات الجوية – التي يزعم الحوثيون أنها أودت بحياة 58 شخصًا على الأقل – جاءت رَدًّا على تهديدات المتمردين باستئناف استهداف السفن "الإسرائيلية" ردًا على حصار إسرائيل لغزة.
وتجدر الإشارة إلى أن تعريف الحوثيين للسفن الإسرائيلية فضفاض، ما يعرض سفنًا أخرى للاستهداف.
منذ نوفمبر 2023 حتى يناير الماضي، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية بصواريخ وطائرات مسيرة، مما أدى إلى غرق سفينتين ومقتل أربعة بحارة، بالإضافة إلى هجمات فاشلة على سفن حربية أمريكية.
تحركات عسكرية أمريكية ودولية
كشف تحليل صور الأقمار الصناعية يوم السبت عن نشر أربع قاذفات شبحية أمريكية بعيدة المدى من طراز B-2 في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي – وهي قاعدة بعيدة عن مرمى الحوثيين. ويُعتقد أن ثلث الأسطول العالمي لهذه القاذفات النووية موجود حاليًا هناك، بعد أن استخدمتها إدارة بايدن سابقًا ضد أهداف حوثية.
كما أطلقت حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس هاري إس ترومان هجمات من البحر الأحمر، بينما تخطط واشنطن لإرسال حاملة الطائرات يو إس إس كارل فينسون من آسيا.
من جانبها، أعلنت فرنسا أن حاملتها الجوية الوحيدة شارل ديغول رست في جيبوتي قرب مضيق باب المندب، لكنها أكدت عدم مشاركتها في الحملة الأمريكية رغم إسقاطها طائرات حوثية مسيرة سابقًا.