وسط أزمة سيولة..البنك المركزي اليمني يتحرك لتشديد السيطرة النقدية
الأحد 14 سبتمبر 2025 الساعة 20:56
الميثاق نيوز - خاص

 اتخذ البنك المركزي اليمني خطوات حاسمة، الخميس، لاستقرار عملته المنهارة وكبح التدفقات المالية غير المنظمة، إذ وافق مجلس إدارته، برئاسة المحافظ أحمد غالب المعبقي، على سلسلة من التدخلات المدروسة تهدف إلى معالجة النقص الحاد في السيولة بالعملة المحلية، دون إثارة التضخم الجامح أو تقويض الانضباط النقدي الهش.

وفي اجتماعه بالعاصمة المؤقتة عدن، أقر المجلس تدابير طارئة مصممة لإعادة الثقة في الريال اليمني وإعادة تنشيط القنوات المصرفية الرسمية، مع التأكيد مجددًا على التزامه بضوابط صارمة على العرض النقدي غير المنضبط وهي ضمانة حاسمة لتفادي التضخم المفرط في اقتصاد منهك بالحرب ويقف على حافة الانهيار.

إصلاح العمود الفقري المالي

في خطوة تشير إلى إعادة بناء مؤسسية طويلة الأمد، استعرض المجلس التقدم المحرز في إعادة هيكلة "المعهد المصرفي اليمني"، ووافق على تعيين مجلس إدارته الجديد، وأقر حزمة من البرامج التدريبية المهنية المقرر إطلاقها خلال الأسابيع المقبلة.

وتُعد هذه المبادرة، التي تهدف إلى تطوير كفاءات الكوادر المالية اليمنية، أساسية لاستعادة المصداقية في القطاع المصرفي المتضرر بشدة.

لكن الأكثر أهمية ربما كان تركيز المجلس على إصلاح البنية التحتية المجزأة للدفع في اليمن.

فقد قيّم الاجتاع التقدم في إطلاق "الشبكة الموحدة للتحويلات"  وهي منصة مركزية خاضعة للتنظيم صُممت لتحل محل عشرات مشغلي التحويلات المالية غير الرسميين، الذين طالما غذوا المضاربات على العملة وهروب رؤوس الأموال.

وستعمل الشبكة الجديدة، التي طُورت بتمويل من البنك الدولي وبدعم فني من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على توسيع قاعدة عضويتها، وتعزيز قدرات مراقبة المعاملات، وفي نهاية المطاف التخلص التدريجي من قنوات التحويل غير المرخصة التي تُتهم بتسهيل غسل الأموال، وخرق العقوبات، والمضاربة المزعزعة لاستقرار العملة.

التشديد على التجارة غير المشروعة

كما تلقى الاجتماع إحاطة من المحافظ غالب بصفته رئيس "اللجنة الوطنية لتمويل وتنظيم الاستيراد"  وهي هيئة رقابية قوية مكلفة بالتحكم في تدفق النقد الأجنبي لتمويل الواردات الأساسية، واستبعاد الكيانات المرتبطة بالتجارة غير المشروعة أو المدرجة على قوائم العقوبات الدولية.

وشدد أعضاء المجلس على الحاجة الملحة للتنسيق بين الجهات؛ بما في ذلك الجمارك والبنوك التجارية وسلطات الموانئ والقطاع الخاص، لإنفاذ توجيهات اللجنة. وقال غالب، وفقًا لتقرير داخلي من الاجتماع: "الاستقرار في السوق ليس مجرد مسألة نقدية، بل هو مسألة حوكمة. فبدون إنفاذ موحد، حتى أفضل السياسات تفشل."

ويقول المحللون إن إجراءات البنك المركزي تعكس جهدًا أوسع؛ وإن كان هشًا  من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لإعادة تأكيد السيادة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرتها  وهو شرط مسبق لأي برنامج مستقبلي لتحقيق الاستقرار أو التعافي بدعم من المانحين.

ومع ذلك، ما زالت التحديات قائمة؛ فالسيولة لا تزال منخفضة بشكل حرج، ورواتب الموظفين في القطاع العام متأخرة منذ شهرين، ولا يزال الريال يتداول بخصم كبير في السوق السوداء. لكن ولأول مرة منذ سنوات، يحاول البنك  بناء أنظمة وليس مجرد حلول مؤقتة.

كانت الرسالة من اجتماع الخميس واضحة في اقتصاد اليمن المنهار، لم يعد استعادة سيادة القانون المالي خيارًا  بل أصبح مسألة وجودية.

متعلقات